فنانون ومثقفون تحت سطوة القمع.. وقائع هجمة السلطة ضد الفن والثقافة: حبس وملاحقات عسكرية ومنع حفلات وتشديد رقابة (ممنوع من الغنا)

قضايا ساخنة ملفات نرشح لكم

الرصد: حبس أحمد الجارحي ومؤمن حسن وأحمد أرنوب.. وتحريك قضايا ضد رنا السبكي وشيرين عبدالوهاب.. ووقف “الفن ميدان”

هيومن رايت ووتش: الانتهاكات تظهر هوس السلطة بملاحقة الفنانين.. بسبب ممارستهم لحريتهم في التعبير

بين اعتقال ومحاكمات وغلق مكتبات ومنع مسلسلات ومسرحيات ومهرجانات فنية، تنوعت أدوات السلطة في قمع حرية الفكر والإبداع، والمصادرة على الأعمال الفنية المختلفة، منذ 2014، إلى حبس ومحاكمة حوالي 12 في أشهر فقط على خلفية أعمالهم الفنية.

من وقف مهرجان “الفن ميدان” في 2014، ومنع مسلسل “أهل إسكندرية” وحتى حبس الفنان المسرحي أحمد الجارحي واعتقال أحمد طارق “أرنوب” إلى تحريك قضايا ضد شيرين عبدالوهاب بسبب جملتها الشهيرة عن نهر النيل، ورنا السبكي بسبب فيلمها “ريجاتا”.

ورصدت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، وقائع انتهاكات في حق عدد من الفنانين والمثقفين والمبدعين، على خلفية أعمال إبداعية، سواء فن أو مسرح أو عمل إبداعي أخر.

وقالت المنظمة في تقريرها إن السلطات المصرية ألقت القبض على أكثر من 12 شخصا في حملة ضد الفنانين، فيما يبدو أنها بسبب ممارستهم لحريتهم في التعبير.

كما أصدرت الحكومة مراسيم جديدة تحد بشكل كبير من حرية التعبير. وأنشأت الأجهزة الأمنية والجهات الحكومية المستحدثة مؤخرا مستويات إضافية من الرقابة لإسكات النقد الموجه للحكومة في الشاشات والأفلام والمسارح والكتب.

وأشار تقرير المنظمة، إلى أن الانتهاكات شملت مبدعين وفنانين وأيضا أعمال أخرى مستقلة، كمحاولة منع فين كارما، أو بالعودة للوراء، وقف مهرجان الفن ميدان الشهري.

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يُظهر هوس السلطة بملاحقة الفنانين لمجرد تعبيرهم عن أمور تكرهها زيف ادعاء السيسي أن أولويات إدارته هي محاربة الإرهاب”.

ونص التقرير:

جلال البحيري

شاعر ومؤلف أغاني، اعتُقل في 3 مارس بتهمة إهانة الرئيس بعد إصدار أغنيته الساخرة “بلحة”. حولته السلطات إلى محكمة جنائية إلى جانب آخرين مشاركين في العمل. ثم أمرت الأطباء الشرعيين الحكوميين بفحص البحيري بحثا عن علامات التعذيب. لم تفصح السلطات عن النتائج أو تسمح لمحاميه بالحصول على نسخة منها.

في 6 مايو، أحالت السلطات البحيري إلى محكمة عسكرية بتهمة ارتكاب جرائم كبرى في قضية منفصلة، بتهم شملت إهانة المؤسسة العسكرية، لكتابه منشور.

في 31 يوليو، حكمت المحكمة العسكرية على الشاعر بالسجن 3 سنوات. لا تزال القضية الأولى المتعلقة بالأغنية أمام محكمة جنائية مدنية، بحسب ما قال منظمو حملة تدعو لإطلاق سراحه لـ هيومن رايتس ووتش. قبل أيام قليلة من اعتقاله، شنت وسائل الإعلام المصرية الموالية للحكومة حملة تشهير ضده، ونددت وزيرة الثقافة به على التلفاز. سجل الشاعر شريط فيديو نُشر بعد القبض عليه، عبّر فيه عن خوفه من الملاحقة وطلب الدعم. أطلق “نادي القلم الدولي” و”أرتيست أت ريسك” (أو فنانون في خطر) حملات تطالب بالإفراج عنه.

قال محاميه في تصريحات صحفية إن كتاب البحيري لم يُنشر. انسحب ناشره من الصفقة، مشيرا إلى مخاوف بشأن مخالفات الشاعر المزعومة، ونشر خطابا اعتذر فيه من السلطات.

أسامة الهادي

أسامة الهادي مطرب وعازف جيتار، اعتقل أوائل مارس. حققت نيابة أمن الدولة معه بتهمة الانضمام إلى منظمة إرهابية، بدعوى أنه كان مسؤولا عن صفحة المغني رامي عصام على “فيسبوك” لفترة. لا يزال في الحبس الاحتياطي.

أحمد الجارحي

أحمد الجارحي كاتب ومراسل في برنامج باسم يوسف “البرنامج”، والذي توقف عام 2014 بعد ضغوط وتهديدات من الحكومة. كان لدى الجارحي برنامج ينتقد الفساد على قناة تلفزيونية خاصة، لكن تم إيقافه عام 2017، بعد أن أمضى 14 ساعة في مركز شرطة حيث تم تحذيره من انتقاد الحكومة في برنامجه، بحسب صحيفة “الشروق”.

عرضت مسرحية الجارحي عام 2016 في مسرح تملكه الدولة دون مشاكل، لكن عندما عُرضت على مسرح نادي الصيد عام 2018، أوقفت إدارة النادي العرض بعد يومين، مشيرة إلى مخاوف من إهانة الجيش.

أُطلقت حملة تشويه ضد المسرحية والمرتبطين فيها، ورد عليها الجارحي قائلا إنه يدعم الشرطة والجيش، وإن المسرحية تنتقد الإخوان المسلمين، التي تعتبرها الحكومة جماعة إرهابية.

قمعت السلطات بشدة حرية التعبير الفني، ولاحقت الفنانين، وحاكمتهم أو أجبرتهم على وقف عملهم.

مؤمن حسن

مؤمن حسن صانع أفلام وثائقية وصحفي اعتُقل في 10 يونيو بينما كان يعمل في فيلم وثائقي عن سليمان خاطر في شركة إنتاج خاصة. احتجزته السلطات بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 29 يوما، وفقا لمحاميه.

وقد مثل في 8 يوليو أمام نيابة أمن الدولة، حيث يواجه اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة في القضية رقم 441/2018. أفاد محاميه أن الحراس عرضوه لصدمات كهربائية أثناء الاستجوابات التي سئل فيها عن الفيلم الوثائقي. لم يتم تحديد موعد للمحاكمة.

أحمد طارق (أرنوب)

أحمد طارق محرر أفلام عمل على الفيلم الوثائقي غير المنشور “-1095″، أو “سالب 1095″، واعتقلت السلطات طارق في مداهمة فجرا لمنزله في الجيزة في 18 فبراير.

خلال المداهمة، صادرت قوات الأمن حاسوبه وهاتفه المحمول، واستجوبه العناصر في منزله لساعة، ثم اقتادوه إلى مكان مجهول. احتجز طارق بمعزل عن العالم الخارجي 4 أيام، حيث مثل أمام نيابة أمن الدولة في 21 فبراير، واستجوبوه من دون محامٍ.

وفي 1 مارس، قدم “قطاع الأمن الوطني” نتائج تحقيقاته حول الفيلم للنيابة العامة والتي اتهمت طارق بـ”نشر أخبار كاذبة عمدا”. لاحقا، أمرت بالقبض على سلمى علاء الدين، مخرجة الفيلم، والمصور السينمائي، مع تمديد احتجاز طارق. لم يُحل طارق إلى المحاكمة بعد، لكنه قد يدان بموجب قانون الإرهاب لعام 2015 في القضية رقم 467/2018.

إيكاترينا أندرييفا “جوهرة”

اعتقلت الشرطة إيكاترينا أندرييفا، راقصة شرقية روسية تُعرف باسمها الفني “جوهرة”، في فبراير لعدم ارتدائها سروالا قصيرا لتغطية فخذيها خلال رقصها. اتهمت النيابة أندرييفا بـ”التحريض على الفسق” و”العمل من دون تصريح”. أفرجت عنها الشرطة بكفالة في وقت لاحق. وليس من الواضح إن كانت ستواجه تهمة جنائية.

شيرين عبد الوهاب

أحال ممثلو الادعاء شرين عبد الوهاب، في نوفمبر 2017 إلى المحاكمة أمام محكمة جنح لمزحة حول نوعية مياه نهر النيل قالتها على المسرح في حفل موسيقي في إحدى دول الخليج.

أدانتها المحكمة بتهمة “إثارة الفتنة” على النحو المنصوص عليه في المادة 102 من قانون العقوبات وحكمت عليها بالسجن 6 أشهر مع وقف التنفيذ، لكن محكمة الاستئناف أسقطت الحكم في مايو 2018.

مجموعة “أطفال شوارع” الساخرة

في مايو 2016، اعتقلت السلطات 6 شبان كانوا أعضاء في “أطفال شوارع”، وهي قناة “يوتيوب”، بعد نشرهم مقاطع فيديو ساخرة حول السياسة المصرية. أفرجت السلطات عنهم بعد أشهر بكفالة.

رنا السبكي

أصدرت محكمة جنح حكما ضد رنا السُبكي، منتجة، في يناير 2016، بالسجن لعام مع وقف التنفيذ وغرامة قدرها 10 آلاف جنيه مصري (حوالي 600 دولار) عن فيلمها “ريجاتا”، بعد إدانتها باتهامات بالتحريض على الفجور. في أبريل، ألغت محكمة استئناف إدانتها.

أحمد ناجي

في فبراير 2016، حكمت محكمة الجنح على الصحفي والروائي أحمد ناجي بالسجن عامين وغرامة قدرها 10 آلاف جنيه. سُجن ناجي حتى ديسمبر 2016، عندما أمرت محكمة النقض بإعادة محاكمته في مايو 2017.

استندت مقاضاته إلى روايته “استخدام الحياة”، التي اتهمته فيها النيابة العامة بـ”خدش الحياء العام” بسبب المشاهد الجنسية المزعومة فيها. في 16 مايو 2016، منحت “نادي القلم أمريكا” ناجي جائزة “نادي القلم/باربي لحرية الكتابة”. بعد الإفراج عنه، وضعت السلطات ناجي تحت حظر السفر. في مايو 2018، رفعت محكمة جنايات القاهرة القيود المفروضة على سفر ناجي واستبدلت العقوبة الأصلية بغرامة قدرها 20 ألف جنيه.

وفي تقرير مارس 2018 الصادر عن جمعية “حرية الفكر والتعبير”، ذكر أن سلطة الرقابة رفضت بشكل روتيني أو حذفت أجزاء من أعمال فنية، مستشهدة بما يسمى حماية “الأسرة المصرية، وقيمها الأخلاقية والدينية والوطنية”، وعبارات مبهمة أخرى.

كارما”، فيلم للفنان خالد يوسف

في 11 يونيو، سحبت هيئة الرقابة على المصنفات الفنية الترخيص للفيلم، الذي أخرجه خالد يوسف، عضو البرلمان. يسلط هذا العمل الضوء على العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، بالإضافة إلى الفساد، بحسب وسائل إعلام.

بعد حملة قام بها فنانون ومثقفون مصريون لإلغاء الحظر، ألغت هيئة الرقابة الحظر بعد ساعات. كان يوسف أحد مؤيدي السيسي البارزين حتى اعترض على قرار الحكومة بالتخلي عن جزيرتي البحر الأحمر للسعودية عام 2016.

مسرحية “قبل الثورة”

في مارس، منعت هيئة الرقابة عرض المسرحية في مهرجان وسط البلد في القاهرة لرفض المنتجين حذف 5 مشاهد.

فرقة “كايروكي”

في ديسمبر 2017، ألغت السلطات حفلة موسيقية لفرقة “كايروكي” المصرية قبل يوم من موعدها، بدون تفسير رسمي. ذكرت وسائل إعلام أن مصدر لم يذكر اسمه زعم أن السبب هو عدم الامتثال للمتطلبات الأمنية.

ويُعرف عن أعضاء الفرقة انتقادهم العلني للحكومة وأغانيهم التي تعبر عن المعارضة. قبل عدة أشهر، حظرت هيئة الرقابة إطلاق أحدث ألبومات الفرقة بعد اعتراضها على 4 أغنيات منه، وقد بدا الألبوم وكأنه يعبر عن الاستياء من الظروف السياسية والاجتماعية. قررت الفرقة لاحقا إصدار الألبوم بالكامل عبر الإنترنت.

المسلسل التلفزيوني “أهل إسكندرية”

في يونيو 2014، منعت وزارة الداخلية، بحسب مصادر لم تكشف عن هويتها، المسلسل التلفزيوني “أهل إسكندرية” الذي أنتجته مدينة الإنتاج الإعلامي المملوكة للدولة.

ويصور المسلسل فساد الشرطة في الفترة التي سبقت أحداث يناير 2011 في مصر. زعم رئيس الوزراء آنذاك، إبراهيم محلب، أنه “لم يكن هناك تدخل حكومي مباشر”، لكن لم يكن الوقت مناسبا لتصوير رجال الشرطة على أنهم فاسدون لإعادة بناء الثقة في قوات الأمن. مع ذلك، بعد 4 سنوات، لا يزال المسلسل محظورا.

مكتبة “ألف”

في أغسطس 2017، أمرت جهة حكومية بإغلاق 37 فرعا لمكتبة “ألف” ومصادرة  كل من المباني والمحتويات دون تعويض. أدرجت الحكومة المالك، عمر الشنيطي، ضمن عشرات رجال الأعمال المزعوم أن لهم علاقات مع الإخوان المسلمين، الذين صودرت أصولهم.

مكتبات “الكرامة”

في ديسمبر 2016، داهمت قوات الأمن عدة فروع لمكتبات الكرامة العامة، وأغلقتها قسرا. أنشأت “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان”، ومؤسسها جمال عيد، محام وناشط، مكتبات الكرامة، وهي تقدّم خدمات ثقافية للمجتمعات المحرومة. قال عيد إن الأمن الوطني وراء المداهمات وإن قوات الأمن لم تقدم أي أسباب أو أوامر قضائية.

دار “ميريت” للنشر

في ديسمبر 2015، ومرة أخرى في نوفمبر 2017، داهمت قوات الشرطة “دار ميريت” بدعوى امتلاكها كتب غير مرخصة. اجتمع المعارضون بشكل متكرر فيها خلال انتفاضة 2011 وبعدها، وانتقد مالكها الحكومة بشكل متكرر.

فن الشارع، “الفن ميدان”

في أغسطس 2014، بعد شهرين من فترة ولاية الرئيس السيسي الأولى، ألغى قسم شرطة في وسط مدينة القاهرة “الفن ميدان”، وهو مهرجان فني يُنظّم شهريا منذ أبريل 2011.

كان المنظمون أعضاء في ائتلاف يضم فنانين مستقلين أُنشئ خلال انتفاضة 2011. أعلن المنظمون أنهم حصلوا على تصريح من محافظة القاهرة كما جرت العادة بعد الانتفاضة، لكنهم فوجئوا بتدخل الشرطة.

لم يعد المهرجان للعمل منذ ذلك. تضمن المهرجان عروضا مسرحية وحفلات موسيقية وعروض أفلام ومعارض وورش عمل فنية. أُلغي مهرجان موسيقي آخر، “أشكال”، في نوفمبر 2017، لأسباب قال عنها المنظمون “خارجة عن إرادتهم”.

Leave a Reply