يحيى حسين عبد الهادي https://katib.net لا فْ إيدي سيف ولا تحت منى فرس Mon, 05 Nov 2018 15:57:17 +0000 en-US hourly 1 https://wordpress.org/?v=4.9.8 https://katib.net/wp-content/uploads/2018/05/cropped-logo-1-32x32.jpg يحيى حسين عبد الهادي https://katib.net 32 32 المهندس. يحيى حسين عبد الهادي يكتب : لكن الرئيسَ أيضاً أهان القضاءَ https://katib.net/2018/10/17/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d9%84%d9%83%d9%86/ https://katib.net/2018/10/17/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d9%84%d9%83%d9%86/#respond Wed, 17 Oct 2018 09:00:03 +0000 https://katib.net/?p=10237

 لا أعتقد أن هناك من يوافق على إهانة القضاء (ولا إهانة أى مؤسسة ولا أى إنسانٍ بالطبع) بمن فيهم من صدرت بحقهم أحكامٌ بالحبس والغرامة بتهمة الإدلاء بتصريحاتٍ، رأت المحكمةُ فيها إهانةً للقضاء .. بعضها فى الإعلام وبعضها فى البرلمان .. بعضها ضد أحمد الزند وبعضها أكثر اتساعاً .. وهى فى النهاية (أقوال) .. وهو ما استدعى السؤالَ المنطقى (إذا كان هذا شأن من يهين القضاء قولاً، فماذا عمَّن أهانه عملاً؟!).

فإهانة القضاء لها وجوهٌ متعددة تتجاوز الأقوال المسيئة إلى الأفعال المسيئة .. من هذه الوجوه بالتأكيد: العبث باستقلال القضاء، وعدم احترام أحكامه، وتفصيل قوانين تبيح للجانٍ إداريةٍ القفز على أحكام القضاء والتصالح مع لصوص المال العام … وغير ذلك مما صارت ترزح تحته شبه الدولة.

قبل نحو عامٍ ونصفٍ، صدر حكم المحكمة الإدارية العليا بتأييد حكم محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة المؤكِد لمصرية جزيرتى تيران وصنافير وأنه (لا وجود لسيادةٍ أخرى تُزاحم مصر فى هذا التواجد، بل إنه لم تكن هناك دولةٌ غير مصر تمارس أى نشاطٍ عسكرىٍ أو أى نشاطٍ من أى نوعٍ على الجزيرتين باعتبارهما جزءاً من أراضيها .. كما لم يثبت على الإطلاق ممارسة المملكة العربية السعودية لأى مظهرٍ من مظاهر السيادة على الجزيرتين سواء قبل إعلان المملكة عام 1932 أو بعدها) .. وأحكام المحكمة الإدارية العليا هى أحكامٌ نهائيةٌ وباتة ولا يجوز الطعن عليها وواجبة التنفيذ على أكبر مسؤولٍ فى الدولة .. لكن أكبر مسؤولٍ فى الدولة امتنع عن تنفيذ الحكم الذى كان من شأنه أن يوفر له تراجعاً كريماً ومخرجاً آمناً من الكارثة الوطنية التى ما كان له أن ينزلق إليها أصلاً (ولكنها إحدى تجليات حكم الفرد) .. وشهدت مصرُ سلسلةً من الأكروبات القانونية وغير القانونية للتملص من تنفيذ هذا الحكم .. ووفقاً للقانون المصرى، فإن عدم تنفيذ الأحكام القضائية يستوجب الحبس والعزل من الوظيفة (وقد صدرت أحكامٌ بالحبس من قبل لهذا السبب طالت رؤساء شركاتٍ ومصالح حكومية .. بل ورئيس وزراء سابق “د.هشام قنديل”).

 هذا عن وجوبية تنفيذ الأحكام بِغَّضِ النظر عن مضمونها .. فما بالُنا ومضمون الحكم من النوع الذى يَطرَبُ له كلُ ذى فِطرةٍ وطنيةٍ سَوِّيةٍ .. فهو يُقِّرُ بمصرية أرضنا (وهى مصريةٌ حتى ولو لم يحكم القضاءُ بذلك) ..  ولَم يكتفِ سيادته بعدم تنفيذ هذا الحكم واجب التنفيذ والبات والنهائى، ضارباً به وبالدستور عرضَ الحائط جهاراً نهاراً .. وإنما استصدر من برلمانه المُعَّلَبِ قانوناً يطلق يده فى تعيين رؤساء الهيئات القضائية ويطعن مبدأ استقلال القضاء والفصل بين السلطات .. ثم تجاوز كل الأعراف والأصول المرعية والمستقرة ولم يحترم قرار الجمعية العمومية لمستشارى مجلس الدولة بالإجماع باختيار المستشار الأقدم يحيى الدكرورى رئيساً لمجلس الدولة.

قديماً تعلمتُ من والدى وزملائه القضاة الأجلَّاء (رحمهم الله) أن الفارق الجوهرى بين إهانة القُضاة وإهانة القَضاء .. أن الأولى تخص القاضى، لذلك غالباً ما يتنازل عن حقه (فى حدود الكرامة) خشية أن يقتص لنفسه فيختل ميزان العدالة .. أو يبادر بالتنحى من تلقاء نفسه دون انتظارٍ للرد .. أما إهانة القضاء (بأفعالٍ كالتى أشرنا إليها آنفاً) فلا يملك القاضى أن يتسامح فيها .. لأنها لا تخصه وحده .. فهى تطعن فى العدالة كأساسٍ من أُسُس الدولة وحقٍ من حقوق الشعب .. وهى جريمةٌ لا تسقط بالتقادم ويُحاكَمُ المسؤولُ الذى يرتكبها عاجلاً أو آجلاً عندما يسقط عنه هيلمانه .. عسى أن يكون قريباً.

]]>
https://katib.net/2018/10/17/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d9%84%d9%83%d9%86/feed/ 0
المهندس. يحيى حسين عبد الهادي يكتب: أنعى لكم جلال أمين https://katib.net/2018/09/26/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%a3%d9%86%d8%b9%d9%89/ https://katib.net/2018/09/26/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%a3%d9%86%d8%b9%d9%89/#respond Wed, 26 Sep 2018 08:56:45 +0000 https://katib.net/?p=8492 أنعى لكم واحداً من حكماء مصر وعُشَّاقِها.. الدكتور جلال أحمد أمين .. وقد كنتُ واحداً ممن أنعم اللهُ عليهم بالاقتراب منه خارج صفحات كُتُبِه.. وكنتُ أستحى أن أتكلم فى حضرته.. لأن مُتعة الاستماع لجلال أمين لا تقّل عن مُتعة القراءة له.. يعرف ذلك كل من تشرّفوا بالاقتراب منه.. هذا رجلٌ نُطقُه بليغٌ وصمتُه أكثر بلاغة.. يُغلّف آراءه بالغة الجِديّة بابتسامةٍ عَذبةٍ وخِفّة دمٍ مِصريةٍ آسرة ..

تَرَك جلال أمين لنا ثروةً  قَيِّمَةً من الكُتُب والمقالات.. غير أننى أستأذن القارئ الكريم فى سرْد قصة كتابٍ لا تّذكره المراجع ضمن مؤلفات جلال أمين مع أنه من أخطرها ويكشف جانباً فى شخصيته يتجاوز دور المُفكّر إلى دور المُقاوِم.

فعندما فاجأَتنا أمانة سياسات الحزب المُنحّل بما سُمِىَ (مشروع الصكوك)، انبَرَت دولة النفاق لمباركة مشروع الوريث وتأييده .. وانطلق حشدٌ كامل من الاقتصاديين والإعلاميين المشتاقين فى مواجهة فئةٍ قليلةٍ من المُقاومين.. كانت الكفّتان غير متساويتين.. إلى أن جاءنا المَدَد من الدكتور جلال أمين فانقلب الميزان.. مقالٌ رائعٌ رغم امتلائه بأخطاء التنسيق والطباعة منشورٌ فى جريدة الكرامة.. كانت الجريدة المقاتلة ذات التوزيع المنخفض هى المنبر الوحيد المُتاح للنشر.. ذهبتُ إليه أستأذنه فى تحويل المقال إلى كُتيّبٍ وما كدتُ أُفاتحه فى الماديات حتى ابتسم وقال إنه موافقٌ ومُحبّذٌ بلا ترددٍ ومتنازلٌ عن كل حقوقه كمؤلف كنوعٍ من المقاومة لهذا المشروع الشيطانى.. وأعطانى أصول المقال (الكتيب) بخط يده مشترطاً أن أُعيد كتابته وتنسيقه بنفسى لكى يضمن سلامته المطبعية.. تطوّع الكِفائى المهندس/ محمد الشرقاوى بطباعته فى دار النشر التى يمتلكها (أوراق عربية) .. قمنا ببيعه لدى باعة الجرائد فى الأكشاك وعلى الأرصفة بسعر التكلفة ثلاثة جنيهات.. ولمّا شاهدنا سرعة نفاد الكُتيبات طَمِعنا فزدناها إلى خمسة جنيهات(!) وأضفنا جنيهات الربح إلى صندوق حماية الشرفاء.. بدخول جلال أمين على الخط بكتيبه الصغير حجماً والثقيل قيمةً حُسمت معركة الصكوك بالضربة القاضية ورَجَحَت كفة ميزاننا.. كان العنوان الذى اختاره للكُتيّب هو (مشروعٌ شيطانى- تحويل القطاع العام إلى صكوكٍ للبيع).. ولخّص رأيه على الغلاف الخلفى (تحويل القطاع العام إلى صكوكٍ للبيع مشروعٌ شيطانى وغير وطنى ولا أخلاقى.. شيطانىٌ لأنه يحاول استغلال نقطة ضعفٍ فى معظم المصريين هى فقرهم، الذى يدفعهم دفعاً إلى البيع، مع التظاهر بأن المتوقع منهم كان غير ذلك.. وغير وطنىٍ لأنه يسمح ببيع أصولٍ كان من المصلحة الإبقاء عليها فى يد الدولة المصرية أو على الأقل فى أيدى أفراد مصريين.. ولا أخلاقى لأنه يفتقر إلى الشجاعة التى تتمثل فى أن يتحمل متخذ القرار المسئولية عن اتخاذه وعدم إلقاء المسئولية على الآخرين).

رحم اللهُ الدكتور جلال أمين الذى صعدت روحه إلى بارئها عصر اليوم.

]]>
https://katib.net/2018/09/26/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%a3%d9%86%d8%b9%d9%89/feed/ 0
المهندس. يحيى حسين عبد الهادي يكتب: عذاباتٌ مستترة.. عن الاعتقال ومصادرة الأموال ومعاناة الأسر والضحايا https://katib.net/2018/09/19/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%b9%d8%b0%d8%a7%d8%a8/ https://katib.net/2018/09/19/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%b9%d8%b0%d8%a7%d8%a8/#respond Wed, 19 Sep 2018 07:59:14 +0000 https://katib.net/?p=7895 طوبى لكل محامٍ أو كاتبٍ أو سياسىٍ تَسامَى على مشاعره الشخصية وانحيازاته المذهبية وانتفض يدافع بالروب أو القلم عن خصمِه السياسي فى محنته، مؤمناً بأن دوره أن يتصدى لتغييب دولة القانون أيَّاً كان انتماء الضحايا .. بالطبع فإننا نقصد دولة القانون الحقيقى .. الذى تنتهى إليه مناقشاتٌ حقيقية، بين نواب حقيقيين، فى برلمانٍ حقيقىٍ، منتخبٍ انتخاباً حقيقياً، ويصادق على نشره فى الجريدة الرسمية رئيسٌ حقيقىٌ، منتخبٌ فى انتخاباتٍ حقيقيةٍ ضمن متنافسين حقيقيين .. أما غير ذلك فلا يُعًّد قانوناً وإنما خرقةٌ باليةٌ، مكانها الطبيعي سلة القمامة مع الترزية الذين فَصَّلُوها وتعاملوا بها

للأسف، يتعامل معظمنا مع حالات انتهاك القانون على أنها مجرد أرقام .. يأسف لها البعض ثم ينسونها فى زحمة الحياة .. ويُهلل لها البعض أو على الأقل لا يكترثون بها طالما أصابت خصومهم ولَم تَمَس فصيلهم أو تيارهم .. وعلى عكس ما ذهب إليه شوقى (إن المصائب يَجمعن المُصابينا) فإن المصائب التى يَصُبُهَا النظام على المصريين كافةً، تزيد بعضَهم فُرقةً وتكون شرارةً لاجترار معارك من عينة (تستحقون) و(أنتم السبب) أو(يا عبيد البيادة) و(يا عبيد المرشد) .. إلى آخر ثنائيات الغباء التى لا تنتهى .. وهى أسئلةٌ مشروعةٌ ومطلوبةٌ إذا سُئلت بغرض المصارحة لا المكايدة .. وفى توقيتٍ آخر غير هذه اللحظة حيث الكل منسحقٌ تحت بحذاءٍ واحدٍ يسحق الجميع بلا تفرقة..

أضف إلى ذلك أن كل ما نراه من إجرامٍ ليس إلا العناوين.. فنحن لا نرى إلا العذابات الواضحة التى تطال رب الأسرة من إعدامٍ أو حبسٍ أو تنكيلٍ إلى آخر ما فى جعبة الزبانية.. لكن خلف جدران بيوت هؤلاء الضحايا عذاباتٍ مستترةً لا نحس بها ويتعفف أصحابها من البوح بها.. عذاباتٌ لا تبدأ بمعوقات الزيارة وآلام الفراق.. ولا تنتهى بزيجة البنت أو فسخ خطبتها فى غيبة السند.. أو ملاطمة الحياة فى وجه دولةٍ لاتعتبرهم أصلاً من رعاياها.

قال لى محامى الموظف الجليل المغضوب عليه (هل تعرف من أين يعيش الرجل؟).. بدا السؤال مباغتاً فأجبته (لا أعرف ولَم يفكر أحدٌ منا فى ذلك الموضوع من قبل .. كل همنا هو التأييد المعنوى والقانوني).. قال المحامى متأثراً (سأُسِّرُ لك بما فضفض لى به مضطراً ذات مرة .. الرجل بلا دخل .. فقد توقف معاشه .. ولَم يصرف مكافأة نهاية الخدمة على رأس الجهاز الرقابى الكبير.. واستنزفت الكفالات التى دفعها فى وجه البلاغات الكيدية كل مدخراته.. تعيش الأسرة بما تبقى من نصيب الزوجة فى ميراثها).. هذا رجلٌ لم تُصادَر أمواله.. فما بالُنا بغيره ممن صودرت أموالهم وأموال ذريتهم.

قبل شهرين كان صاحبنا يداعب الدكتور يحيا (هكذا اسمه الرسمي) القزاز قائلاً (نحن بالذات فى مأمنٍ من المصادرة والتحفظ .. فالحياء يمنع النظام من ذلك .. إذ ليس لدينا ما يمكن مصادرته وليس لدينا “هذا” الذى نُسألُ من أين اكتسبناه .. فأحدنا يسكن فى عزبة النخل .. والآخر لا يملك إلا شقة الإسكان المتوسط التى يسكنها) .. فتدخل صديقٌ ثالثٌ قائلاً (لا تركنوا إلى حياء النظام فإنه بلا حياء) .. قبل أسبوعين تم اعتقال د.يحيا القزاز .. وبالأمس صدر قرارٌ بالتحفظ على أموال ذلك الأستاذ الجامعى الشريف النظيف ومنقولاته (أى عفش بيته) .. ومعه وقبله وبعده لا تتوقف المصادرات .. وتتفاقم خلف جدران البيوتات الكريمة أنَّاتُ العذابات المستترة .. ونقف عاجزين إلا عن الدعاء.

فى نهايات عهد مبارك كان فى استطاعتنا أن ننشئ فيما بيننا صندوقاً (غير قانونىٍ وغير سرىٍ) لمساعدة الشرفاء الذين يُستدرجون لقضايا سب وقذف بحق السادة اللصوص.. لم يعد ذلك ممكناً الآن للأسف.. بعد أن تصالح النظامُ مع حلفائه من أصحاب المعالى اللصوص وأعادهم للصدارة.. بينما بعض الذين أسهموا ذات يومٍ فى هذا الصندوق يحاسَبون الآن على شرفهم وقد صودرت أموالهم.. مَن الذى يَجْردُ ثروةَ مَن؟ ..

أُوقن أن الحالَ لن يستمر هكذا.. ستشفى مصر حتمًا من هذا البلاء .. إما بجيلٍ خالٍ من أمراضنا ومعاركنا العبثية .. أو بأَنَّةَ مظلومٍ .. أو دمعة مقهورٍ .. تتجاوز عجزنا وتخترق الحُجُب إلى عنان السماء

.. أليس من بيننا مَن يُستجابُ دعاؤه؟

]]>
https://katib.net/2018/09/19/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%b9%d8%b0%d8%a7%d8%a8/feed/ 0
المهندس. يحيى حسين عبد الهادي يكتب: رجال بلا فلاتر https://katib.net/2018/09/08/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%b1%d8%ac%d8%a7%d9%84-2/ https://katib.net/2018/09/08/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%b1%d8%ac%d8%a7%d9%84-2/#respond Sat, 08 Sep 2018 14:06:10 +0000 https://katib.net/?p=7184
رغم أن السيسى هو القائل إن الكلام لا يخرج من فمه إلا بعد المرور على فلاتر .. لكن الملاحظ أن هرتلة المسؤولين (على كافة المستويات) صارت من سمات المرحلة بصورةٍ لم تعرفها مصر من قبلُ .. ومن هرتلة اللسان ما يكشف عن هرتلة الفكر .. مثل ما أتحفنا به السيد مهاب مميش الذى قال نصَّاً (بالنسبة لنا كعسكريين لا نستطيع أن نقتنع بمدنىٍ كان مدرساً أن يكون قائداً أعلى للقوات المسلحة) يقصد الأستاذ الدكتور محمد مرسى.
جاءت هذه العبارة الكارثة فى حديثه للمصرى الْيَوْمَ قبل أسبوع فى ذكرى مرور ثلاث سنوات على تفريعة قناة السويس .. وهى مناسبةٌ كانت أدعى لصمت المسؤولين عنها من منطلق (إذا بُلِيتُم فاستتروا) .. لكن إعلام الصوت الواحد أفرد مساحاتٍ للسيد مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس (وأشياء أخرى) لم تُفرَد لرؤسائها التاريخيين مجتمعين (محمود يونس ومشهور أحمد مشهور وعزت عادل) .. وبعد أن حَصَّن نفسه بتصريحٍ افتتاحىٍ وصف فيه التفريعة بأنها (عملٌ وطنىٌ أثبت عبقرية السيسى) صال وجال وانطلقت تصريحاته بلا تحفظٍ ولا حساب .. مُخَّلِفاً وراءه كثيراً من اللغط والسخرية .. مثل ما أسماه أ.د حازم حسنى (الحساب الاقتصادى على الطريقة المميشية ) .. لكن عبارته الآنفة تجاوزت كل الحدود.
لو كان السيد مميش قد قال مثلاً إنه لم يكن مقتنعاً بمرسى بالذات لعدم كفاءته لما كان فى ذلك خطأ .. فهذا رأيه (ورأى آخرين) وحقه كمواطنٍ .. ولكنه ارتكب فى بضع كلماتٍ ما يوجب المساءلة القانونية (فى دولة قانون) .. فقد تحدث بلسان العسكريين بغير صفةٍ (ودون أن يفوضوه) .. رافضاً الانصياع لرئيسٍ لأنه من وجهة نظره لا يصلح قائداً أعلى (أى رئيساً) لمجرد أنه مدنىٌ كان أستاذاً جامعياً (!) .. المضحك المبكى أن السيرة الذاتية للسيد مميش ليس فيها ما يبرر هذا التعالى على أساتذة الجامعة (فضلاً عن باقى المهن) .. فضلاً عن أن الرواية التى ذكرها فى نفس الحديث (ولَم ينفها السيسى) عن كيف خرجت فكرة التفريعة إلى النور هى نموذجٌ لعشوائية التفكير وفوضى اتخاذ القرار .. وفضيحةٌ مكتملة الأركان فى علوم الإدارة العسكرية والمدنية على حدٍ سواء.
كاتب السطور عسكريٌ سابقٌ يعتز بخدمة الوطن من خلال الجيش .. كان من الممكن أن يكون (مدرساً مدنياً) من الذين لا يقتنع بهم السيد مميش، لولا أنه ترك كلية الطب والتحق بالكلية الفنية العسكرية طمعاً فى الاشتراك فى معركة التحرير .. ولم يشعر فى يومٍ من الأيام (هو والآلاف من زملائه) بأن هذا الشرف يُرتب له حقوقاً أو أفضليةً بقدر ما يرتب عليه التزاماً وانضباطاً فى الفعل والقول .. وهناك الآلاف من العسكريين السابقين الذين خدموا ولا يزالون تحت رئاسة قادةٍ مدنيين أفذاذ (والعكس) دون أن تعتريهم هذه النظرة العنصرية الجهولة .. شخصياً تشرفت بالخدمة تحت رئاسة قادةٍ مدنيين أفاضل ويرجع جزءٌ كبيرٌ من خبرتى وسمعتى الإدارية لما تعلمته منهم.
إن القول بأن العسكريين أفضل لإدارة البلد (والعكس) هو قولٌ خائبٌ لا يقول به إلا خائبون ليداروا به خيبتهم .. وهو لم يظهر إلا فى هذه الأيام .. يا سيد مميش .. كل مكونات الطيف المصرى مهمة وغير قابلة للإقصاء .. ولكن مصر أكبر من مكوناتها .. مجنونٌ وأحمق من يتصور أن تكون مصر بعسكرييها دون مدنييها .. أو مسلميها دون مسيحييها .. أو يسارييها دون يمينييها .. مصر بلدٌ غنىٌ بتعدديته.. والجيش جزءٌ من ثراء مصر لكنه لا يُغنى ولا يستغنى عنها .. بل إن ثراء الجيش راجعٌ فى الأساس إلى دمائه المدنية المتجددة من ضباط الاحتياط والمجندين.
إن العسكريين الذين برزوا فى قطاعات الإنتاج والإبداع والفكر مثل ثروت عكاشة وصدقى سليمان وأمين هويدى ومحمود سامى البارودي وغيرهم، نجحوا لأنهم أكفاء لا لأنهم عسكريون .. بدليل أن غيرهم فشلوا .. والجيش مثل أى مؤسسةٍ فى مصر به الكفء والتافه .. لكن وجه مصر الحضارى والاقتصادى والتاريخي هو وجهٌ مدنىٌ بالأساس .. زانته وتزينه نجومٌ لامعةٌ لا تكفى لحصرها آلاف المقالات .. (غنيم، مجدى يعقوب، مشرفة، زويل، …، نجم وإمام، فؤاد حداد، صلاح جاهين، الأبنودي، …، شوقى، وحافظ، وناجى، ورامي، …، محفوظ، العقاد، طه حسين، إدريس، إحسان، بهاء طاهر، …، الجريتلى، القيسونى، عزيز صدقى، عبد العزيز حجازي، …، هيكل، أحمد بهاء الدين، الزهيرى، مصطفى وعلى أمين، التابعى، …، السنهوري، يحيى الرفاعي، …، سعد زغلول، مصطفى كامل، محمد فريد، النحاس، مكرم عبيد، …، يوسف وهبى، المليجي، عمر الشريف، فاتن حمامة، …، صلاح أبوسيف، الطيب، شاهين, …، أم كلثوم، عبد الوهاب، عبد الحليم، …، محمد عبده، الشعراوى، المراغى، شلتوت، الغزالى، …. إلخ) .. يبدو أننا صرنا مضطرين فى عصر الهرتلة لمناقشة أمورٍ كُنَّا نظنها من البديهيات.
القاهرة فى ١٢ أغسطس ٢٠١٨

]]>
https://katib.net/2018/09/08/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%b1%d8%ac%d8%a7%d9%84-2/feed/ 0
المهندس. يحيى حسين عبد الهادي يكتب: العار https://katib.net/2018/08/25/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7/ https://katib.net/2018/08/25/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7/#respond Sat, 25 Aug 2018 10:57:51 +0000 https://katib.net/?p=6087 السفالة فى المعاجم تعنى النذالة أو الخساسة أو الحقارة.. أو كل ذلك معاً.. وقد روى جمال فهمى عن أصدقاء السجن من الجنائيين أن بينهم كوداً (أخلاقياً) يعتبرون النشَّال وفقاً له أقل خِسَّة من الخَطَّاف، وكليهما أفضل من مغتصب الأطفال.. أى أن السفالةَ درجات .. أحسب أن فى الدرك الأسفل منها ترويع أبٍ أو أمٍ بأبنائهما.. فما كل أمٍ فى صلابة جدتنا الشهيدة المصرية دولاجى.. شهيدة إسنا.. التى عَذَّبَها والى الطاغية ديقلديانوس بتعذيب فلذات أكبادها الأربعة الصغار أمامها لترتد عن مسيحيتها.. فلما أَبَت، أمر بذبحهم واحداً تلو الآخر على ركبتها.. فلما صمدت أمَر بذبحها.. كلما استرجعتُ المشهد فى مخيلتى يقشعر بدنى.. ذهولاً من صلابة الأم وسفالة الوالى معاً.

من الأساليب الأمنية المتوارَثة حتى من أيام المَلَكية، قيام السلطة بأخذ الأم أو الأب رهينةً حتى يُسَّلِم الابنُ المطلوب نفسَه.. كان هذا هو العرف السائد فى التعامل مع المطلوبين للعدالة من الجنائيين.. ثم تطور الأمر فى السنوات الأخيرة ليصبح من وسائل الضغط على المعارضين السياسيين لإجبارهم على الصمت والرضوخ.. والأمثلة كثيرة..

يحدث كثيراً أن يصمت صوتٌ أو قلمٌ معارضٌ شجاعٌ فجأة دون أن يعرف الرأى العام سبباً مقبولاً لهذا الصمت المفاجئ.. أعرف يقيناً حالاتٍ صمتت خوفاً على (الضَنَا).. وأستطيع أن أُخَّمِن بالقياس حالاتٍ أخرى.

قبل ثورة يناير بحوالي عامٍ أدلى الوزير النظيف حسب الله الكفراوي بحديثٍ على جزئين لإحدى الصحف الخاصة، تناول بالانتقاد فى جزئه الأول بعض تصرفات الأسرة الحاكمة.. وتم التنويه لما سيُنشَر فى الجزء الثاني.. لم يُنشر الجزء الثاني ولَم يتم الاعتذار عنه.. بعد الثورة علِمنا أنهم ألمحوا للوزير الذى ليس فى تاريخه ما يهددونه به، بأن أبناءه سيصبحون فى مرمى الانتقام إذا استمر فى الكلام.. فتوسل الأب إلى الصحيفة ألَّا تنشر الجزء الثاني من الحوار.. فاستجابت له مشكورةً ومُضَّحيةً بالسبق الصحفي.

كما أن معظمنا لم ينسَ بعد قصة تراجُع الفريق شفيق عن الترشح للانتخابات الرئاسية بعد احتجاز بناته فى الإمارات .

والقصص كثيرةٌ فى هذا المجال.. بعض الآباء يصمدون ويتحملون الضغط العصبي الناتج عن تلفيق خطأ أو اصطياد خطأٍ صغير أو عادى للأبناء.. تبدأ بعده حفلات التشهير والتلويث الإعلامية وقد تنتهى بالحبس.. وهو ما يفوق احتمال جبل.. فما بالكم بفتاة؟.. والأب يتمزق ألماً.. فهو يعلم أنه المقصود لا ابنته.. كل جريمتها أن اسمها سلمى حمدين صباحى.. أو ندى علاء الأسواني.. أو علا يوسف القرضاوى.. أو غيرهم أو غيرهن .. .

أحدث حلقات سلسلة العار حدثت فى حملة العيد التى طالت الحبيبين الشريفين النبيلين يحيى القزاز ومعصوم مرزوق وآخرين.. من بينهم الشاب سامح سعودى عضو التيار الشعبى الناصرى.. وهو بالقطع ليس إرهابياً خطيراً ولا يحمل سلاحاً (دعك من الاتهامات الشيشتاوية المضحكة سابقة التجهيز) .. فلما لم تعثر عليه الحملة فى بيته قاموا باعتقال زوجته وطفليه علا (7 سنوات) وأحمد (5 سنوات) حيث أمضوا العيد فى القسم إلى أن سلَّم نفسه.. من العبث طبعاً أن تسأل عن حق هذه الزوجة وطفليها لدى المنظمات المختصة مثل المجلس القومى للمرأة والمجلس القومى للأمومة والطفولة ووزيرات السيلفى.. فى دولةٍ كبيرةٍ عريقةٍ اختُزِلت مؤسساتها فى فردٍ واحدٍ لا يخجل إعلامه من الترويج له حتى الآن فى صورة الإنسان الأب.. حبيب الأطفال ومنصف النساء والشريف الذى لم تعرف مصر من قبله شريفاً.

هذه المجالس لن ترى رعب علا وأحمد سامح سعودى.. ولن تسمع شكواه وزوجته وغيرهما.. لكن هناك من يستمع بلا وسيط.. ناداه الأب التسعينى يوسف القرضاوى بمناسبة مرور عامٍ على اعتقال صغرى بناته وزوجها من بيتهما بالساحل الشمالى: (أنادى بما نادى به نبى الله أيوب “أنِّى مسنى الضُرُ وأنت أرحم الراحمين”.. لنا الله يا ابنتى).. يا إلهى.. من يقدر على (لنا الله يا ابنتى).. لقد استغاث الشيخ بمغيث.. أخشى أن تصب السماءُ غضبها علينا جميعاً .

لم يتَبَّقَ إلا الذبح على الركبة يا ديقليديانوس

القاهرة فى 25 أغسطس 2018..

]]>
https://katib.net/2018/08/25/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7/feed/ 0
المهندس. يحيى حسين عبد الهادي يكتب عن الصندوق السيادي وموجة الخصخصة: لا لبيع مصر https://katib.net/2018/07/25/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84/ https://katib.net/2018/07/25/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84/#respond Wed, 25 Jul 2018 10:33:29 +0000 https://katib.net/?p=3979 قياساً على قاعدة ليس بعد الكفر ذنب.. فليس بعد بيع الأرض المخضبة بالدماء أى كابحٍ أخلاقى أو وطنى أو اقتصادى أو قانوني يمنع بيع أى شئٍ مهما بلغت قيمته.. ومن لم تَعِّز عليه تيران وصنافير لن يعِّز عليه مصنعٌ أو بنك أو مرفقٌ أو سدٌ أو قناة.

بدايةً فلنُسّمِ الأشياء بأسمائها الحقيقية.. هذا ليس صندوقاً سيادياً لتنمية الأصول وإنما الاسم الأقرب للحقيقة هو صندوق بيع مصر .. بل هذا ليس برنامج إصلاحٍ .. بل ليس برنامج السيسى .. وإنما هو برنامج صندوق النقد الذى أذعن له الحاكم الفرد بعد أن انفرد بقراراته على مدى أربع سنواتٍ.. بعثر فيها جبالاً من الديون والهبات على مشروعاتٍ لم يستشر فيها أحداً.. بل استبعد كُلَ من حذّر من كوارثها.. واثقاً (دون أمارةٍ واحدة) أن الحل سيأتى من السماء التى ستفجر له من الأرض ينابيع بترولٍ وغاز دون حاجةٍ لتخطيطٍ ولا تصنيعٍ ولا عملٍ ولا دراسات جدوى.. فلّما أغلقت أَنّاتُ المظلومين أبواب السماء.. انزلق للدائرة الخبيثة.. ديون جديدة لسداد فوائد ديون قديمة.. وهكذا.. إلى أن استسلم تماماً لوصفة صندوق النقد .. مضيفاً إليها بعضاً من لمساته وأفكاره الجبائية والبدائية عن الاقتصاد والتنمية.

لم يكن لمصر علاقةٌ بكل ذلك.. فلا هى استُشِيرت.. ولا هى وافقت.. ولا هى علمت أصلاً بما تم إبرامه من اتفاقاتٍ إلا فى حدود ما يُسَّرِبه الدائنون من معلومات.. مصر ليس لها علاقة بكل ذلك إلا الغُرم.. هى التى تتحمل وتكابد (إنجازات) الزعيم وأحلامه.. وقد رُهِنَت أحلامُ ثلاثة أجيالٍ قادمةٍ من أبنائها لسداد ديون الزعيم المُلهَم.. لكن الكارثة الجديدة تُجرِّد أبناءنا وأحفادنا من أى قدرةٍ على تحويل المسار وتقضى على أى أملٍ فى النهوض.. فقد تَعود مصر لأصحابها ذات يومٍ (وستعود) .. ويُقَّيِضُ اللهُ لها حُكماً رشيداً يحاول إزالة آثار الخراب (مثلما فعلت ونجحت شعوبٌ كثيرةٌ).. عندها سيُفاجَأُ المصريون بأنهم قد تم تجريدهم من قدراتهم الذاتية على الصمود والمقاومة.

فوفقاً لشروط الصندوق.. والتصريحات الرسمية والقراءة المباشرة لقانون إنشاء هذا الصندوق (بعيداً عن الأكاذيب الرسمية) فإن كل الأصول المملوكة للدولة معروضةٌ للبيع والرهن والمقايضة (دون أى قيدٍ على جنسية المشترى) وفقاً لقرار فردٍ واحدٍ ليس عليه رقيبٌ إلا نفسه بعد أن جمع فى يده كل السلطات.. وهى أصولٌ لم يبنها السيسى ولا حكوماته.. وإنما بُنِيَت على مدى قرنٍ ونصف.. بدءاً من محاولات صغار الرأسماليين المصريين والمتمصرين بل وحكومات الاحتلال .. مروراً بالبنَّائيْن العظيمين طلعت حرب وجمال عبد الناصر .. انتهاءً بالمشروعات الناجحة لبعض أقطاب الرأسمالية الوطنية المُحاصَرين الآن بين فَكَّى القرارات العشوائية وابتزاز الدولة وإتاواتها ..

الموجة القادمة لن تقتصر على التهام شركات قطاع الأعمال المتبقية المنهكة (١٥٠ شركة بحجم الألومنيوم والسكر والأسمنت والدخان وغيرها).. بل ستمتد إلى البنوك.. التأمين.. البترول.. الطيران.. المرافق والهيئات (الكهرباء والمياه والصرف الصحى والسكك الحديدية والمترو .. وربما هيئة السد العالى وقناة السويس).. تتلوها موجاتٌ لا حدود لها بالنسبة لباقى الأصول المملوكة للدولة (وهى عبارةٌ فضفاضة تتسع لكل ما على أرض مصر ) .. أما الأصول الخاصة (مصانع وأندية ودور نشر وإعلام وإنتاج فنى وأدبى ..إلى آخره.) فيجرى الآن التهامها بأموالٍ خليجية وغير خليجية.

لا مبرر لليأس والرضوخ لهذه الجريمة مهما بلغ بطش البائع والمشترين .. فللمصريين تجربةٌ ناجحة فى التصدى للموجة السابقة.. ففى عام ٢٠٠٧ أطلقنا حركة (لا لبيع مصر) لوقف قطار البيع الذى دهس نصف شركات قطاع الأعمال وبدأ يزحف على البنوك مستهدفاً بنك القاهرة بعد بنك الإسكندرية.. لم يكن معظمنا ضد الخصخصة كأداةٍ اقتصادية ولكن ضد الاستخفاف بالمال العام والتصرف فيه دون موافقة أصحابه وفى غياب شفافيةٍ تكشف الفساد .. اتحد الفرقاء تحت هذه المظلة وكانت الرؤية واضحة .. فلنؤجل خلافاتنا إلى يومٍ يصبح القرار فيه بيد الشعب ..أما قبل ذلك فليكن هَمُّنَا إيقاف البيع لأن كل ورقةٍ تسقط من شجرة الوطن يصعب تعويضها .. تسامَى الجميعُ فوق خلافاتهم واختلافاتهم .. وافقت تنسيقية كفاية على اقتراح د.عبد الوهاب المسيرى بأن تستقل حركة (لا لبيع مصر) عن كفاية على أن تنضم كفاية لها (لكى يرفع الحرج عن د.عزيز صدقى الذى لم ينضم لكفاية) ..شرَّفَنى الكبيران باختيارى منسقاً للحركة .. كانت معركة بنك القاهرة نموذجاً للتوحد فى معركة تتجاوز الخلافات المذهبية.. اشتركت جريدة الوفد (المنادية بآليات السوق) جنباً إلى جانب مع الاهالى (الاشتراكية).. ولَم يُستدرَج أحدٌ إلى المعارك الجانبية الصغيرة.. عندما سُئل المصرفي الوطنى الكبير على نجم (لماذا تعترض على بيع بنك القاهرة مع أنك لست ناصرياً؟).. أجاب بحسمٍ وبساطة (يكفى أن تكون مصرياً لتعترض على بيع البنوك الوطنية).. كانوا كباراً.

أعرف أن الزمن غير الزمن.. والمصيبة أعظم.. والقمع أشد وأطغى.. والبيئة القانونية بلا قانون.. والمحاربين القدامى انشغلوا بقتال بعضهم وصار بأسهم بينهم شديداً.. وتم تدجين الاتحادات والمنظمات العمالية والمهنية.. وتخوين منظمات المجتمع المدنى.. ولا مجال لاستخدام أدوات المقاومة القديمة.. ولكننى أعرف أيضاً أن فى مصر أجيالاً شابةً تتشكل من رَحِم المعاناة.. لم تُصِبْها أمراضنا وعاهاتنا.. وتسخر من صغائرنا .. أوقن أنها ستفاجئ الجميع وهى تعزف لحن (لا لبيع مصر).. ولكن بتوزيعٍ جديد .. وأدواتٍ جديدة .. فمصر لا تموت

]]>
https://katib.net/2018/07/25/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%86%d8%af%d8%b3-%d9%8a%d8%ad%d9%8a%d9%89-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%a7%d8%af%d9%8a-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84/feed/ 0