هشام توفيق: قرار بإغلاق القومية للأسمنت وبيع أراضي تابعة لشركات الغزل والنسيج و11 محلج مقابل 27 مليار جنيه.. والفيومي: بداية الخصخصة
وزير قطاع الأعمال: 48 شركة تحقق خسائر صافي حقوق المساهمين فيها سالب 38 مليار جنيه وندرس إغلاق الخاسرة .. والحريري: سياسات فاشلة
الوزير: وضعنا حلولا مؤلمة لـ26 شركة خاسرة من بين الـ48 .. وقطار الإصلاح انطلق حتى نهاية العام
القومية للأسمنت ضربة البداية في لعبة الإغلاق اليها المطاحن .. ونقابي بالقومية: كانت هناك نوايا واضحة وإرادة لتخسير الشركة
قرار بإغلاق القومية للاسمنت، وبيع أراضي تابعة لشركات الغزل والنسيج و11 محلج مقابل 27 مليار جنيه، ودراسة أوضاع 48 شركة أخرى وخطة لاصلاحها عبر بيع جانب من الاصول أو دخول القطاع الخاص كشريك وإغلاق الخاسرة تماما.. هذه هي تصريحات وزير قطاع الأعمال خلال 48 ساعة فقط، التصريحات جاءت لتكشف ملامح خطة الحكومة لبيع وتصفية القطاع العام خلال العام الحالي فقط وهو ما يأتي في اطار تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي.
الخصخصة وبيع الأصول.. آليات الحكومة لـ “إصلاح 26 شركة”
ففي مداخلة هاتفية مع “قناة تن” مساء أمس قال هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، إن حجم الشركات الخاسرة بلغت 48 شركة، مؤكدا وضع حلول لـ26 شركة خاسرة من بين الـ48 شركة، مشيرا إلى أن الحلول ربما تكون مؤلمة ولكن لا بد منها. وكان الوزير قد أوضح ماهية هذه الحلول القاسية في مداخلة مع برنامج على مسئوليتي على قناة صدى البلد في 9 سبتمبر الجاري مشيرا إلى أن هناك 26 شركة تم دراستهم سيتم تحويلهم بالاستثمار من الخسارة إلى الربحية. وهو ما فسره متابعون بوجود اتجاه لخصختها تنفيذا لتعليمات صندوق النقد.
توقعات الخبراء أكدتها تصرحات الوزير، في مؤتمره الصحفي أمس، حيث كشف الوزير عن أليات إصلاح الشركات والتي وصفها بالقاسية، والتي تلخصت في بيع جانب من الأصول أو الخصخة عبر دخول القطاع العام كشريك أو التخلص من جانب من العمالة، حيث كشف الوزير خلال المؤتمر عن وجود دراسة لتطوير شركات الغزل والنسيج عبر بيع جانب من أصولها، مشيرا إلى أن عمليات تطوير شركات الغزل والنسيج بتحديث الماكينات والتخلص من بعضها بما يتواكب مع تطورات الصناعة، سيتم من خلال حصيلة بيع أراضى بنحو 27 مليار جنيه بخلاف 11 محلج.
واعتبر الفيومي تصريحات وزير قطاع الاعمال بوجود خطة تطوير متكاملة للغزل والنسيج وانها ستبدأ ببيع الاراضي بانه بداية لخصخصة مقنعة من قبل الدولة لشركات الغزل والنسيج على غرار ما يحدث الان بالقومية للاسمنت والمطاحن والحديد والصلب. وكشف الفيومي أن هذه الخطة و عمليات بيع الاراضي بدأت منذ ثلاث سنوات، مدللا على ذلك ببيع أرض الشون بالمحلة وبيع ثلاث محالج كانت تعمل باقصى طاقة دون إبداء أية اسباب منطقية.
وكشف الوزير خلال المؤتمر أيضا عن أن الخصخصة عبر دخول القطاع الخاص كشريك هي آلية أخرى من أليات ما سماه إصلاح الشركات التي وصفها بالقاسية في مداخلاته، فحول خسائر القابضة الكيماوية قال الوزير إنه لابد من الالتزام بالصيانات بشكل كبير، والاستعانة بخبرات عالمية لتطوير المصانع خاصة مصانع الأسمدة بالدلتا والنصر للأسمدة. وأوضح أن شركة النقل والهندسة لديها دراسة جادة تؤكد قدرة الشركة على المنافسة مشيرا إلى أن الدراسة لا تمانع من شراكة القطاع الخاص. كما لوح بامكانية بيع 157 الف متر تابعة للشركة من خلال نقل مقرها.
الطرح في البورصة.. آلية أخرى
وكانت الحكومة قد أعلنت أسماء 5 شركات، مدرجة بالفعل في البورصة، لكنها لا تزال تملك فيها حصص أغلبية (تتعدى 50%)، حيث تتجه لتقليل هذه الحصة بطرح مزيد من الأسهم للتداول أمام المساهمين والراغبين في الاستثمار بالبورصة.
وتضم الدفعة الأولى من برنامج الطروحات 5 شركات هي الإسكندرية لتداول الحاويات، والشرقية للدخان “إيسترن كومباني”، وأبوقير للأسمدة، والإسكندرية للزيوت المعدنية “أموك”، ومصر الجديدة للإسكان والتعمير.
وتعهدت الحكومة لصندوق النقد الدولي، بطرح ما لا يقل عن 4 شركات تابعة للحكومة ضمن برنامج الطروحات في البورصة قبل 15 يونيو 2019، وذلك في إطار مطالبة الصندوق للحكومة بتقليل نسبتها الحاكمة في الشركات المملوكة للدولة.
قال الخبير الاقتصادي رضا عيسى، إن الشركات الحكومية التي تم طرحها في البورصة، ما هي إلا الشرط الرابع من شروط النقد الدولي، لافتا الى ان تلك الشركات هي الاكثر تحقيقا للربح في مصر، مدللا على ذلك بشركة أبوقير للأسمدة التي تعتبر أكبر منتج للأسمدة الأزوتية في مصر
وأضاف عيسى، إن الشركة تساهم حاليًا بنسبة تعادل حوالي 70% من حجم الإنتاج المحلي، بحسب موقع الشركة الرسمي، ويبلغ عدد أسهم الشركة المتداولة في البورصة حاليًا 17.38%، بينما لا تزال تمتلك الحكومة 82.62%، وهي النسبة التي من المقرر طرح جزء منها في عملية الطرح المقبلة، بحسب أحدث بيان لهيكل المساهمين المرسل من الشركة للبورصة، وخلال التسعة شهور الأولى من العام المالي الماضي، ارتفعت أرباح الشركة بنحو 10% لتبلغ 1.95 مليار جنيه، وفقا لنتائج أعمالها خلال هذه الفترة.
والشركة الثانية وهي الإسكندرية لتدوال الحاويات وهي أول محطة متخصصة للتعامل مع الحاويات في مصر، وحصلت الشركة على عدد من علامات الجودة، كما أنها تتوسع في أعمالها بموانئ الإسكندرية ومنطقة قناة السويس. وخلال 11 شهرًا بالعام المالي الماضي، ارتفعت أرباح الشركة بنسبة 24%، لتبلغ 2.33 مليار جنيه.
والشركة الثالثة هي شركة الشرقية للدخان “إيسترن كومباني” التي حققت خلال التسعة شهور الأولى من العام المالي 2017-2018، أرباح الشركة بنسبة 156.3% عن الفترة المقارنة من العام المالي السابق، لتبلغ 3.4 مليار جنيه، وفقًا لنتائج أعمال الشركة.
والشركة الرابعة الإسكندرية للزيوت المعدنية أموك وتعمل في إنتاج الزيوت المعدنية والأساسية المتعادلة والنهائية الخاصة والشموع البرافينية وتعظيم إنتاجية السولار والنافتا والبوتاجاز. وخلال العام المالي الماضي ارتفعت أرباح الشركة بنسبة 36% مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى 1.5 مليار جنيه.
والشركة الخامسة شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير وخلال التسعة أشهر الأولى من العام المالي الماضي، تراجعت أرباح الشركة بنسبة 11.3%، مقابل الفترة المقارنة من العام السابق، لتسجل 120.5 مليون جنيه.
22 شركة تنتظر الإغلاق
الخصخصة وبيع الأصول هي “الجانب المشرق” في الخطة الحكومية، فالأمر قد يصل للإغلاق، حيث حملت مداخلات الوزير مع الفضائيات إشارات أخرى إلى 22 شركة لم يتم وضع حلول لها وربما تتعرض للإغلاق.. وهو ما كشف عنه الوزير بوضوح في تصريحاته لبرنامج الحكاية على قناة أم بي سي، والتي قال فيها هناك 48 شركة تحقق خسائر منذ عشرات السنوات، وتحولت صافي حقوق المساهمين فيهم إلى سالب 38 مليار جنيه، مؤكدًا: “ندرس إغلاق شركات الحكومة الخاسرة وقطار الإصلاح انطلق حتى نهاية العام”.
وتابع خلال مداخلة هاتفية مع البرنامج الذي يقدمه عمرو أديب: “الشركات التي تحقق جدوى اقتصادية هي التي ستستمر وسيتم دعمها، أما الشركات التي ليس فيها أمل، ولن تتحول إلى ربحية سنغلقها”، معقبًا: “مينفعش شركة بتخسر مئات الملايين وأنا قاعد ساكت عليها”.
القومية للأسمنت ضربة البداية في الاغلاق
يبدو أن ضربة البداية في لعبة الإغلاق ستكون من الشركة القومية للأسمنت حيث أكد توفيق في مداخلته مع “قناة تن” أمس أن الشركة القومية للاسمنت ستغلق لأنها تحقق خسائر سنوية تقدر بمليار جنيه، وصافي حقوق المساهمين بها 2.5 مليار جنيه، متمنيًا أن تكفي أصول الشركة سداد مديونياتها. وأشار إلى أن إجمالي تعويضات العاملين بالشركة القومية للأسمنت قدرت بـ650 مليون جنيه.
أما ألية تعويض العاملين فكشفها توفيق، في مداخلته مع أحمد موسى على قناة صدى البلد، مشيرا إلى أنه ، سيتم تعويض العاملين البالغ عددهم 1930 بخمس سنوات من الأجر الأساسى، بالإضافة إلى الـ75% من الحد الأدنى”.. متابعا “العاملون سيحصلون على تعويض مناسب”.
وعن حجم مديونية الشركة طبقا لتصريحاته ، وأكد وزير قطاع الأعمال العام، أن هناك أكثر 4 مليار جنيه مديونيات على الشركة القومية للأسمنت، ونأمل أننا عندما نقوم ببيع أصول الشركة أن نغطى المديونيات.
وقال عاطف شحاته نقابي بالقومية للاسمنت إن الحديث عن أن الشركة متوقفة وتخسر، يحتاج لمزيد من التدقيق، لأنه كانت هناك نوايا واضحة وإرادة لتخسير الشركة من قبل الإدارات المتتالية، بالرغم من أن الشركة القومية للاسمنت كانت تغطي احتياجات مصر من الأسمنت والجبس على مدار السنوات الماضية.
وعلى خطي القومية للأسمنت تسير شركة مطاحن القاهرة التي أعلن وزير التموين منذ أيام عن إفلاسها تمهيدا لبيعها وهو ما أثار غضب العاملين بالشركة ووجهوا ذات الاتهامات للحكومة بأنها تسعي لتخسير الشركات لتطبيق شروط صندوق النقد الدولي في القضاء علي كل شركات قطاع الأعمال وبيعها في أقرب وقت ممكن.
آليات التعويضات والتخلص من العمال
نفس آلية التعويض ستمتد للشركات الأخرى وليس القومية للأسمنت فقط وهو ما أكده الوزير في تصريحاته مع عمرو أديب قائلا ” سيتم تصفية الشركة عند فقدان الأمل في تحقيقها أرباح، منعًا لمزيد من الخسائر، وسيتم الاستغناء عن العمال، وإعطائهم تعويض بنحو 5 سنوات ونصف، من الأجر الأساسي، بالإضافة إلى 75% من الأجر الأساسي كمكافأة، لافتًا إلى أن كثيرا من العمال الذين سيتم تسريحهم أو الاستغناء عنهم فوق سن الـ50، وليسوا من صغار السن”.
سياسات فاشلة
من جانبه علق النائب هيثم الحريري عضو تكتل 25-30، على خطة الحكومة للتخلص مما تبقى من القطاع العام مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية والحكومة والأغلبية في مجلس النواب (دعم مصر) يسيرون على نفس نهج النظام الأسبق، لافتا إلى أن للخصخصة أسماء وأشكال مختلفة، لكن النتيجة واحدة.
وأشار الحريري إلى أن بيع الشركات المصرية المملوكة للشعب وإهدار حقوق الأجيال السابقة والحالية والقادمة جريمة لا يمكن أن تغتفر، مشيرا إلى أن ما يكمل تلك الصورة الراسبة بامتياز، سياسات السلطة التنفيذية الفاشلة، يضاف عليها تقصير واضح في القيام بالرقابة البرلمانية، وتشريع قوانين التصالح مع الفاسدين، واستمرار رؤساء الأجهزة المستقلة، وتأميم الإعلام بقوانين بها عوار دستوري.
وعن ما يتردد من الجانب الحكومي بان إدراج الشركات في البورصة من شأنه أن يحقق أرباحًا ويقلل عجز الموازنة ويحقق تنمية مستدامة، قال الحريري “هل من المنطقي أن أبيع شركات – تبيض ذهبا- وتحقق أرباحا خيالية، وخاصة الشركات اللوجيستية والبنوك والبتروكيماويات؟، مؤكدا أن الهدف الأساسي من بيع الشركات والبنوك هو تحصيل مبلغ ٨٠ مليار جنيه على مدار سنتين، بمقدار 40 مليار في العام بهدف تخفيض عجز الموازنة ولكن ذلك النهج لن يخفض فوائد الديون، ولن يجذب الاستثمار الأجنبي في بورصة تم إعفاء أرباحها من الضرائب.