من صنع العوز في مصر؟.. تعويم الجنيه ورفع الدعم عن الوقود والكهرباء وارتفاع أسعار الطعام والانحياز للمستثمرين

قضايا ساخنة ملفات

35% من المصريين تحت خط الفقر.. وارتفاع أسعار اللحوم والخضروات والمواصلات والمترو

الحكومة تدعم رجال الأعمال والمصدرين وترفع الدعم عن الإسكان الاجتماعي  

مشاهد عديدة يمكنها أن تلخص عوز المصريين خلال الأربع سنوات الماضية، طفل يعيش بالشارع دون مأوي، مواطن يقتل أبنائه وينتحر، امرأة تتخذ أسفل كوبري وصندوق زبالة مأوى لها ولأبنائها، غضب مكتوم بين رواد المترو من سوء الخدمة وارتفاع الأسعار، شكاوي متكررة من الطبقة الوسطي بانهيار حياتهم الاقتصادية والاجتماعية.

السيسي تحدث عن العوز في مؤتمر الشباب السادس قائلا ” عملونا أمة ذات عوز، وفقر ولما أحاول أخرجكم من العوز اللي احنا فيه ، يعملوا هاشتاج ارحل يا سيسي، عايزني ازعل ولا مازعلش؟، لا في دي ازعل لاني عايز اخجرجكم من العوز اللي أنتم فيه” وتابع ” لازم نخرج من العوز اللي إحنا فيه، العوز الأخلاقي والاقتصادي والاجتماعي”.

كيف صُنع العوز في مصر خلال 4 سنوات؟

الأرقام والمؤشرات تكشف الأحوال الاقتصادية المتردية للمصريين ويزداد العوز من عام إلى عام، خاصة الطبقة الوسطي والفقراء، الذين يئنون من ارتفاع الأسعار، ففي 4 سنوات ارتفعت الأسعار بطريقة لم تشهدها مصر من قبل، والتزمت الحكومة بشروط صندوق النقد الدولي، ما أدى لارتفاع الأسعار خاصة الوقود.

ارتفاع سعر الوقود والطاقة

ففي 4 سنوات ارتفعت أسعار الوقود بعد رفع الدعم، فوصل بنزين 80 من 90 قرشا لـ 550 قرشا بنسبة 511%، مقابل 200 قرشا بنسبة 33% زيادة في سعر بنزين 95، وارتفعت أسطوانة البوتاجاز من 8 جنيهات في يوليو 2014 إلى 50 جنيها في آخر زيادة بنسبة %525، وزادت أسعار الشرائح الثلاثة الأولى من مستخدمي الكهرباء 70% و36% و33% بالترتيب، بينما زادت الأسعار على أصحاب الاستهلاك الأعلى زيادة 8% فقط.

ومن أدوات صنع العوز أيضا اتخاذ سلسلة قرارات بتقليص الدعم الحكومي الموجهة للمواطنين، ورفع أسعار السلع الأساسية والخدمية، ضمن خطة تطلق عليها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي في فترة الأولى “إصلاح اقتصادي”.قرارات الزيادة تشمل كل شيء مقدم للمواطنين، إلا أن نصيب الأسد يذهب لزيادة أسعار الطاقة (كهرباء وغاز) والوقود، في الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن ضرورة إيجاد طرق بديلة لمواجهة التوحش في غلاء الأسعار وزيادة الحمل على المواطنين.

شروط صندوق النقد الدولي

ومن أدوات صنع العوز في مصر خلال الـ 4 سنوات الماضية الرضوخ لشروط صندوق النقد الدولي، والتي جاءت أبرز شروطه، رفع الدعم التدريجي عن أسعار الوقود، وطرح الأصول العامة للاكتتاب، وتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية واعتماد قانون الإفلاس، وغيرها من الشروط التي جميعها تؤدي إلى زيادة الأسعار وإجبار المواطن على دفع ضريبة قرار حكومته بالحصول على قرض دولي وبالتالي العوز.

فشهدت السلع الأساسية والخضر والفاكهة واللحوم ارتفاعا غير مسبوق، حيث تضاعفت أسعار اللحوم خلال العامين الماضيين، وارتفع سعر كيلو اللحمة من 60 جنيهًا لما يقرب من 140جنيهًا، وارتفعت أسعار الفراخ والخضروات وفقا لتقديرات تصل لـ80% .

مع ارتفاع الدعم عن الوقود ارتفعت أسعار جميع المواصلات، وقررت الحكومة رفع أسعار تذاكر للمترو مرتين في أقل من عام، حتى وصلت إلى زيادة بنسبة 250%

التعويم

تقول الباحثة الاقتصادية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، سلمى حسين، إن الحكومة تتعامل مع المعلومات بطريقة وضع الطفل يديه على عينه، ولم تقدم أي بيانات وإحصاءات حول الدعم أو تقليصه منذ 2014.

وأضافت سلمى في مقال نشر على جريدة “الشروق” في 22 يونيو الماضي: “لم تنشر الحكومة منذ بدأت خطة رفع الدعم عن الطاقة عام ٢٠١٤ أي بيانات عن توزيع هذا الدعم وأعطت الانطباع أن القطاع المنزلي هو وحده من يحصل على الدعم، أو الجزء الأكبر منه. في حين أن الدعم موزع بين القطاعات المختلفة: الزراعة والصناعة والخدمات والقطاع الحكومي إلى جانب القطاع المنزلي”.

وتابعت: “كما لم تنشر الحكومة أي بيانات عن هيكل الدعم، أي توزيع الدعم على أنواع الطاقة المختلفة (البنزين والسولار والغاز الطبيعي والكهرباء والبوتاجاز والكيروسين)”.

وأشارت سلمى إلى أن الحكومة أعطت الانطباع الخاطئ بأن البنزين والسولار (المستخدم في وسائل النقل)، إضافة إلى الكهرباء في المنازل هما السبب في ارتفاع فاتورة دعم الطاقة. إلا أن الفاتورة ما زالت مرتفعة (٩٠ مليار جنيه العام القادم) على الرغم من خمس سنوات من الارتفاعات المتتالية في الأسعار تحملتها الأسر المصرية.

وأخيرا، أعطت الحكومة الانطباع أنها تقود خطة ناجحة للقضاء على دعم الطاقة، في حين أن البرنامج الذي طبقته بإشراف الصندوق أدى إلى مضاعفة ذلك الدعم منذ التعويم (من ٥١ مليار إلى ١١٥ مليار جنيه)، وهي تحاول الآن فقط أن تعود إلى نقطة ما قبل برنامج “الإصلاح”، كما يحبون أن يسموه

مؤشرات الفقر تقفز من 16.7% الى 35%

ومن جانبه قال الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني، إن تقديرات المصريين تحت خط الفقر ارتفعت من 16.7% عام 2000 إلى 27.8% عام 2015 وتوقعات بوصولها لـ 35 % خلال الأيام القليلة القادمة.

وأشار الميرغني إلى أنه لما نوقف زراعة الأرز ونستورد ده هينتشلنا من العوز ولا هيخلينا عبيد عند الدول الكبرى

وأضاف الميرغني، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي، ردًا على تصريحات العوز الذي أطلقها السيسي «انتشال من العوز، إزاي، هو معدل الفقر كان كام عام 2010 ووصل كام في 2014 ودلوقت بعد التعويم بقي كام؟!، وتركز الثروة والمليونيرات كان كام وبقي كام».

يذكر أن تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تشير إلى أن معدلات الفقر في مصر ارتفعت من 16.7% عام 2000 إلى 27.8% عام 2015 أي نحو 25 مليون مصري تحت خط الفقر.

ونقلت صحيفة اليوم السابع عن الدكتورة هبة الليثى إحدى المشاركات في فى وضع تقديرات خط الفقر للعام الحالي والمتوقع إعلانه في أكتوبر القادم، ارتفاع نسبة الفقراء، الذين يعيشون تحت خط الفقر، إلى 35% على الأقل فى خط الفقر الجديد لبحث 2017.

وتابع الميرغني : «إحنا مش بنفتي ولكن بنتكلم بتقارير التعبئة والإحصاء والمنظمات الدولية المنشورة، مين أكثر جالية اشترت عقارات في دبي غير الخليجين، كم تضاعفت ثروة أكبر المليارديرات في مصر من 2010 إلى2017، الأرقام منشورة ومعروفة».

وقال الميرغني: «كل القوانين والسياسات والقرارات لمن تنحاز؟ للكادحين ومحدودي الدخل أم لرجال الأعمال والمستثمرين الأجانب والمضاربين في البورصة؟».

وأضاف: «لما نوقف زراعة الأرز ونستورد ويبقي الاستيراد أهم من الزراعة ده هينتشلنا من العوز وألا هيخلينا عبيد عند الدول الكبري والشركات الدولية، الحقائق موجودة ومنشورة ومعلنه، ومعروف، أنتو مين وإحنا مين».

الدعم للمستثمرين على حساب الفقراء

ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي، رائد سلامة القيادي في التيار الشعبي، إن صنع العوز يبدأ برفع الدعم عن بعض المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة التي تبيع منتجاتها بالأسعار العالمية، بالإضافة إلى أنه لم تطبق ضرائب تصاعدية جادة علي الأفراد، ودعم المصدرين ظل كما هو دون تغيير بينما انخفض دعم إسكان محدودي الدخل.

وأشار سلامة إلى أن العلاقة بين رجال الأعمال والسيسي لم تتحدد بعد، وأن كنت أتصور أنها ستكون علاقة وطيدة لأنه يعول عليهم كثيراً لكنه سيكون من الذكاء بحيث يتجنب خطايا مبارك فيما يتعلق بتزاوج السلطة بالسياسة خاصة وأنه حسبما فهمنا أنه لن ينشئ حزباً ليكون ظهيراً له.

ولفت إلى أن الميل لصالح رجال الأعمال سيؤثر لا شك في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمصريين.

Leave a Reply