حلّت مصر في المركز الحادي عشر (ما قبل الأخير) في تقرير التنافسية في العالم العربي لعام 2018 الذي نشره المنتدى الاقتصادي العالمي ومجموعة البنك الدولي أمس الأربعاء 14 أغسطس.
ووجد التقرير، والذي تعتمد نتائجه على دراسات تقرير التنافسية العالمي، والصادر أيضاً عن المنتدى الاقتصادي العالمي بأن مصر حسّنت من أداءها بشكل عام، لترتقي بتنافسيتها إلى المراتب التي كان قدت احتلتها عامي 2009و2010.
وكانت عدّة مؤشرات قد شهدت تحسينات متعددة منها تطوير الأسواق المالية، والبنية التحتية، بالإضافة إلى تجديد عدد من خطوط النقل في الفترة الأخيرة، ما ساهم في توسيع توصيلات الطرق والشبكات الحديدية.
إلا أن بيئة الاقتصاد الكلي في مصر عانت كثيراً بسبب التضخم الهائل الذي أعقب انخفاض قيمة الجنيه المصري أكثر بكثير من المتوقع، وعليه شهدت بيئة الاقتصاد الكلي أكبر تدهور من حيث القيمة المطلقة والنسبية. يُعدّ هذا، بالإضافة إلى ضعف الابتكار، وعدم كفاءة سوق العمل العوامل الثلاثة الرئيسية في ضعف الأداء المصري بشكل عام.
ويتوقع التقرير بأن تستفيد مصر على المدى الطويل من برنامج الإصلاحات المالية الطموح، والذي تضمن فرض ضريبة القيمة المضافة عام 2016، والتخفيض التدريجي للعديد من الصناعات التي تعتمد على النفط والوقود بشكل أساسي.
أما عربياً فخلص التقرير إلى أن على الدول العربية التحضير لسياق اقتصادي جديد، حيث أنه على الرغم من موجة كبيرة من التحسينات غير المسبوقة في الجاهزية التكنولوجية، يواصل العالم العربي نضاله من أجل الابتكار وخلق فرص واسعة النطاق لشبابه. حيث لن يكفي الاستثمار الذي تقوده الحكومة لوحده لتوجيه طاقات المجتمع نحو زيادة مبادرات القطاع الخاص، وتوفير تعليم أفضل ووظائف ذات إنتاجية أكثر، وزيادة الحراك الاجتماعي.
ويخلص التقرير أيضاً إلى أن الفجوة في التنافسية ما بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي والاقتصادات الأخرى في المنطقة، لا سيما تلك المتأثرة بالصراعات وأعمال العنف، قد اتسعت في العقد الأخير. وعلى الرغم من ذلك، توجد أوجه تشابه بين هذه الاقتصادات، خصوصاً مع انخفاض أسعار النفط في السنوات القليلة الماضية، ما اضطر، حتى أكثر البلدان ثراءً في المنطقة العربية، إلى التشكيك في نماذجها الاجتماعية والاقتصادية.
ومن الملحوظ في مختلف دول المنطقة أن التحصيل العلمي العالي، لا يعني بالضرورة فرص أفضل، بل على العكس في بعض الأحيان، حيث نجد أنه كلّما زاد مستوى التحصيل العلمي، كلّما زاد احتمال بقاء الفرد عاطلاً عن العمل. علاوةً على ذلك، فإن الموارد المالية وفرص التمويل نادراً ما يتم توزيعها خارج إطار حلقة صغيرة من الشركات الكبيرة والراسخة، وذلك على الرغم من إمكانية البنوك على التمويل. وأخيراً فإن النظام القانوني المعقد يحد من الوصول إلى الموارد المغلقة ويُصعّب المبادرات الخاصة بشكل كبير. وعليه فإن العديد من بلدان المنطقة تحاول إيجاد حلول جديدة للحواجز التي كانت قائمة في السابق أمام قدرتها التنافسية.
تعليقاً على نتائج التقرير، قال فيليب لو هوروالرئيس التنفيذي لمؤسسة التمويل الدولية: “نأمل أن يحفز تقرير التنافسية في العالم العربي لعام 2018 مناقشات تخلص بإصلاحات حكومية متعددة تُطلق العنان لمشاريع الشباب وريادة الأعمال في المنطقة.”
وأضاف: “يجب علينا تسريع التقدم نحو نموذج اقتصادي مبني على الابتكار، يساهم في خلق وظائف منتجة وفرص واسعة الانتشار”.
أما ميريك دوسك، نائب رئيس الشؤون الجيوسياسية والإقليمية في المنتدى الاقتصادي العالمي، فعلّق قائلاً: “يتكيف العالم مع التغيرات التكنولوجية غير المسبوقة، ومع التغيرات في توزيع الدخل والحاجة إلى مسارات أكثر استدامة للنمو الاقتصادي. وعليه، فإن التنويع وريادة الأعمال أمرين أساسيين في خلق الفرص للشباب العربي وإعداد بلادهم للثورة الصناعية الرابعة”.
وباستثناءات دول قليلة كالأردن وتونس ولبنان، فإن لمعظم البلدان العربية اقتصادات أقل تنوعا من البلدان في الأقاليم أخرى ذات مستويات الدخل المماثلة. وبالنسبة لهم جميعاً، فإن الطريق نحو اقتصادات أقل اعتماداً على النفط يكمن في سياسات اقتصادية كلية قوية تسهل الاستثمار والتجارة، وتعزز الصادرات، وتحسن من جودة التعليم والمبادرات لزيادة الابتكار والتبني التكنولوجي بين الشركات.ولا بد من أن تكون المبادرة الريادية ومبادرة القطاع الخاص الواسعة النطاق عنصراً أساسياً في طريق النجاح.