أمير متى يكتب: إسرائيل والحرب في سوريا

رأي
كتب :

تعتبر الحرب في سوريا أحد أصعب المواجهات التي صادفتها اسرائيل منذ انشائها حتي الان. فالوضع الآن يختلف جذريا عن حرب ٤٨ و ٦٧ و حرب اكتوبر.

فما هي سياسات إسرائيل تجاه الحرب السورية؟ و ما هي النجاحات والإخفاقات من وجهة النظر الإسرائيلية؟

نظرة على الخريطة يتضح أن الوضع العربي كله غير مستقر، وهناك حرب في كل من العراق و سوريا معاً وتمدد إيراني في المنطقة بدأ مِن العراق الى سوريا الى اليمن الى لبنان.  وعلي الجانب الدولي انسحاب الولايات المتحدة عن مناطق الصراع وفي فترة أوباما ودخول روسيا إلى المنطقة بقواتها العسكرية كفاعل أساسي في الصراعات

وعلي الجانب الآخر أُعتبر استمرار العمليات العسكرية بين الإسلاميين المتشددين من جانب والإيرانيين في الأراضي السورية من جانب آخر أهم المكاسب الاسرائيلية على الإطلاق، فهو استنزاف قدراتهم العسكرية و المادية و السياسية بعيدا عنها.

داخل الصراع حددت إسرائيل أهدافها الاستراتيجية خلال الحرب السورية متمثلة في عدة نقاط

١- تقليل النشاط الإيراني و السوفيتي في الأراضي السورية قدر الإمكان

٢- إيقاف نقل الأسلحة والمعدات الحربية إلى حزب الله في لبنان.

٣- منع انتشار العمليات العسكرية في المنطقة و تهديد إسرائيل عسكريا من خلال سوريا أو من خلال إيران.

٤- منع المليشيات العسكرية من إنشاء قواعد لها قريبة من الحدود الإسرائيلية

و سبيل تحقيق الأهداف السابقة، اتخذت اسرائيل عدة اتجاهات في السياسة الخارجية و العسكرية.

الأول: هو سياسة التدخل عند الضرورة القصوى، وعدم الدخول في أي الصراعات ليس فقط لعدم المعرفة ولكن أيضا لحالة السيولة أثناء بداية الربيع العربي. فخلقت اسرائيل نوع من منطقة عازلة بينها و بين مناطق الحرب الأهليه، هذه المنطقة غير مسموح فيها بدخول أي من القوات المتحاربة “بشار أو غيره”، ومن جهة أخرى قدمت نوع من الدعم الطبي و المادي و لسكان هذه المناطق كنوع من القوة الناعمة. فكانت السياسة الإسرائيل هي الا تجعل الحدود السورية الإسرائيلية ليست مناطق حرب او صراع من اي ناحية.

ثانيا: مع تقدم الحرب، و مزيد من التداخل الإيراني في سوريا، أطرت إسرائيل أن تراقب الداخل السوري  بشدة. فقامت علي عده محاور أهمها؛ قامت إسرائيل بسلسلة من المفاوضات و المباحثات مع روسيا و الولايات المتحدة و السعودية حول النفوذ الإيراني في سوريا، و ضرورة اخراج ايران من سوريا. و في نفس الوقت أعطت روسيا و أمريكا الضوء الأخضر لإسرائيل لتقوم بعمليات جوية داخل الاراضي السورية ضد النفوذ الإيراني “وليس ضد فصيل من الفصائل المتحاربة”. قام علي أثرها الطيران الاسرائيلي بعمليات عديدة لضرب البنية التحتية و مخازن السلاح، حيث كانت إيران تقوم بإنشاء حزب الله في الداخل السوري. توفي في هذه العمليات قيادة كبيرة في الحرس الثوري موجود في سوريا. أيضا قامت إسرائيل أيضا بمحاولة الضغط على الولايات المتحدة أثناء إدارة أوباما للحصول على اعتراف بالسيطرة على مرتفعات الجولان. فشلت الضغوط أثناء إدارة أوباما.

خلال الفترة الاخيرة، تغير مفهوم الحرب داخل اسرائيل، فيما مضي كانت إسرائيل تعتبر لبنان و سوريا دولتين منفصلتين و الاخطار منفصلة وبالتالي الخطط منفصلة. أما الآن تعتبر إسرائيل أن المنطقة كلها منطقة صراع، في الصراع مع إيران في الداخل السوري سوف يزيد من مخاطر عمليات من حزب الله في شمال إسرائيل. و عليه لابد من وجود خطة شاملة للمنطقة، وليس لدول منفصلة.

ثالثا: إضعاف نظام الأسد وليس اسقاطه، فاستمرار إضعاف نظام الأسد للحد الذي يكون فيه غير قادر علي تهديد إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر أو السماح لحزب الله أو إيران للعمل داخل سوريا. و في نفس الوقت إذا سقط نظام بشار سوف يصبح المستقبل السوري مجهول و تعرض المنطقة الى الفراغ الامني كما حدث في ليبيا و العراق و عُرضه لتغيرات سياسية كبيرة يمكن أن تهدد إسرائيل في المستقبل.

رابعا: فقد نظام القدرة على ممارسة السيادة على الأراضي السورية، و يعتمد بالمليك علي القوات الإيرانية والروسية للاستمرار في الحكم، و من المستبعد ان يمارس سيادة حقيقية علي الأرض، من هنا بدأت إسرائيل في محاولات لاعتراف المجتمع الدولي بمرتفعات الجولان كجزء من الأراضي الاسرائيلية، ففي عام ٢٠١٣ سحب بشّار ٢٠ ألف جندي من الجولان إلى دمشق للدفاع عن حكمه، و خلق فراغا أمنيا، مما استدعى إسرائيل لخلق مجموعات أمنية محليه صديقة لإسرائيل لعدم تهديد حدودها، و في نفس الوقت استغل نتنياهو الحدث في مباحثاته مع أوباما في محاولة منه لاعتراف الولايات المتحدة بمرتفعات الجولان كأراضي اسرائيلية “كانت أهم من نقل السفارة الأمريكية للقدس، نظرا لأهميتها الاستراتيجية و العسكرية”.

اصبح ما لا يدع مجال للشك ان الحرب السورية في أواخر أيامها، وان البحث جاري الآن عن ما بعد الحرب. منذ ايّام أعلنت الخارجية الإسرائيلية أنها توصلت إلي اتفاق مع كل من روسيا والولايات المتحدة بخروج إيران من سوريا. لكن في حالة فشل روسيا في اخراج ايران من سوريا يبقى امام اسرائيل ثلاث طرق للتعامل مع الوضع السوري

اولا: هو قبول اسرائيل للوضع الجديد في سوريا؛ كما في جنوب لبنان حزب الله، و ان هناك شبه اتفاق حول نوع من التهدئة في مرتفعات الجولان، يتخللها هجمات من الجانبين. عمليات من الجانب الإيراني و يعقبها ضربات طيران إسرائيلي.

ثانيا: سياسات الاحتواء من الجانب الاسرائيلي للوجود الإيراني، ويؤيد هذا التوجه السعودية، تعتمد سياسة الاحتواء علي الجهود الدبلوماسية و العسكرية معا. و لكن هناك مخاطر حول انفجار الوضع في المنطقة.

ثالثا: قبول اسرائيل الوجود الإيراني في سوريا تحت شروط مقبولة من الطرفين، و كانت هناك جهود روسية في هذا المجال يضمن وجود إيراني في سوريا تحت اشتراطات محددة مسبقا. لكن المشكلة هي قدرة روسيا على البقاء على الاتفاق “إذا حدث” و قدرة إسرائيل على قبول إيراني علي الحدود “و ليس قوات موالية حزب الله”.

المصادر

المركز الألماني للشئون الدولية و الامنية

Isreal vis-a-vis Iran in Syria

The perils of active containment

مؤسسة RAND

Israel’s interest and options in Syria “Larry Hanauer”

مركز دراسات الأمن القومي بجامعه تل ابيب

Israel’s imagined role in the Syrian civil war

Leave a Reply