6 من أعضاء مجلس الصحفيين: استمرار لمحاولات تقييد استقلال الصحافة والإعلام
يحيى قلاش نقيب الصحفيين السابق: حرية الصحافة معركة طويلة وخسارة جولة ليست الختام
خالد البلشي وكيل مجلس النقابة سابقا: الإيحاء بحدوث تعديلات محاولات خادعة لستر الفضيحة
وافق مجلس النواب خلال الجلسة العامة برئاسة الدكتور علي عبد العال رئيس البرلمان مبدئيا، أمس الأحد، على تعديل مشروعات قوانين تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وقانون الهيئة الوطنية للصحافة وقانون الهيئة الوطنية للإعلام على أن يتم التصويت النهائي اليوم الإثنين.
ويعقد مجلس النواب آخر جلسات دور الانعقاد الثالث، على مدي ثلاثة أيام تنتهي الثلاثاء القادم، للتصويت النهائي أيضا علي مشروع قانون معاملة بعـض كبـار قـادة القـوات المسلحـة، ومشروع قانون بتعديل القانـون رقـم 91 لسنة 2005 بـإصـدار قـانـون الضريبة على الدخل.
موافقة البرلمان على تعديل بعض مواد القانون أثار جدل بين الصحفيين، ورفضه العديد بينهم 6 أعضاء من مجلس نقابة الصحفيين، معتبرين هذه التعديلات صورية – بحسب وصفهم- أبقت على جوهر المواد المقيدة لحرية الصحافة والمخالفة لنصوص الدستور والمهددة لاستقلال وبقاء المؤسسات الصحفية القومية.
تجاهل ملاحظات النقابة
وقال 6 من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين، في بيان مشترك، إن مجلس النواب تجاهل ملاحظات النقابة على مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، والذي ناقشه البرلمان ووافق عليه مبدئيا في جلسته العامة.
ورأى الأعضاء أن ماحدث يعد استمرارا لمحاولات تقييد استقلال الصحافة والإعلام وحصار حرية الرأي والتعبير، حيث تجاهل مجلس النواب معظم ملاحظات نقابة الصحفيين على مشروع القانون.
وأشار البيان، إلى تجاهل النواب أيضا ملاحظات مجلس الدولة التي أشارت إلى وجود عوار دستوري بعدد من المواد، وعرضت في جلسة البرلمان المنعقدة بتاريخ 15 يوليو 2018.
والستة أعضاء الرافضين لتعديلات البرلمان حول القانون هم: “جمال عبد الرحيم، محمد سعد عبد الحفيظ، عمرو بدر، محمد خراجة، حسين الزناتي، محمود كامل”.
ورأى الستة أعضاء أن لجنة لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب أبقت على صياغة البند 23 من المادة 5 من قانون الهيئة الوطنية للصحافة والذي أعطاها الحق في “إلغاء ودمج المؤسسات والإصدارات الصحفية”، وهو ما يفتح الباب أمام خصخصة المؤسسات القومية وتشريد المئات من العاملين فيها والتي يستهدف القانون إلغاءها.
وأضافوا أن اللجنة تجاهلت مقترحات النقابة الخاصة بتشكيل الجميعات العمومية للمؤسسات القومية فأبقت على وضع رئيس الهيئة الوطنية للصحافة رئيسا للجمعيات العمومية لكل المؤسسات القومية، كما استمرت حالة التجاهل لتمثيل الصحفيين والعاملين بالمؤسسات داخل الجمعيات، بالتوسع في تعيين أعضاء هذه الجمعيات من خارج المؤسسات.
وتابع الأعضاء في بيانهم: “أبقت اللجنة على نص البند 17 من المادة 5 من قانون الهيئة الوطنية للصحافة والذي منح الهيئة الحق في مد السن للصحفيين بقرار منها وهو ما يفتح الباب للمحاباة ويهدر كفاءات حقيقية بهذه المؤسسات”.
واعتبر الأعضاء أن لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان قدمت صيغا أقل ما يقال عنها إنها صيغ “تحايلية” ، في المواد المتعلقة بالصلاحيات الممنوحة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والتي تتيح له بنص المواد 4، 5، 19 منع تداول وسحب تراخيص وحجب مواقع عامة وشخصية، وهو ما ينسف جوهر المهنة واستقلالها.
وبحسب البيان الصادر عن الستة أعضاء مجلس نقابة الصحفيين، فإن اللجنة عرضت على البرلمان صيغة للمادة 12 والتي تلزم الصحفي بـ”الحصول على التصاريح اللازمة” قبل حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات واللقاءات في الأماكن غير المحظور تصويرها، فأضيف لها تفاديا لملاحظات مجلس الدولة على القانون “في الأحوال التي تتطلب ذلك”، وهو ما يعني أنه ترك تحديد الأماكن لجهة مجهولة، وهو ما يقيد مهمة الصحفي بما يستحيل معه ممارسة المهنة عمليا.
وفيما يخص المادة 29 الخاصة بالحبس الاحتياطي، قدمت اللجنة نصا تحايليا، حذفت فيه كلمة “الاحتياطي”، وتركت نص المادة بشكل مطاط ويحتمل التأويل من جهات التحقيق، وهو ما يعد ردة عما جاء في القانون 96 لسنة 1996 الذي “حظر الحبس الاحيتاطي في قضايا النشر” بشكل نهائي.
وأكد الموقعون على هذا البيان أنهم حاولوا على مدار الشهر الماضي من خلال مجلس النقابة التواصل مع مجلس النواب للوصول إلى تعديلات على نصوص المواد التي تصطدم مع الدستور والمصلحة العامة، إلا أن التعديلات المطروحة جاءت مخيبة للآمال مما دعاهم إلى التوجه للجمعية العمومية لتوضيح ما جرى من تحايل.
وطالب الموقعون على البيان من الجماعة الصحفية الانتباه إلى ما يحاك ضد المهنة خاصة بعد صدور تصريحات من المنتسبين لها ترحب بما جرى.
ودعا الموقعون من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين لإنفاذ قانون النقابة والاستجابة خلال اجتماع الثلاثاء 17 يوليو، لطلبات المئات من الزملاء لعقد جمعية عمومية غير عادية لإعلان موقف واضح من قانون إعدام الصحافة .
يوم حزين
ومن جهته، قال يحيى قلاش نقيب الصحفيين السابق: “تم تمرير قانون اغتيال مهنة الصحافة وهامش حرية التعبير.. والقتلة والمشاركون في الجريمة يستكملون دورهم بكتابة بيانات التهنئة والتبريكات”.
وأضاف قلاش خلال منشور له على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، أن حرية الصحافة معركة طويلة و ممتدة و خسارة جولة ليست كلمة الختام. وتابع حديثه: “إنه يوم حزين وعار سيلحق بكل الذين باعوا ضمائرهم و خانوا مهنتهم”.
لا جديد في القانون
الكاتب الصحفي خالد البلشي، رئيس تحرير موقع “كاتب”، رأى أن محاولات الإيحاء بحدوث تعديلات على قانون إعدام الصحافة – في إشارة لقانون تنظيم الصحافة- هي محاولات خادعة لستر الفضيحة التي لحقت بمن تستروا على تمريره.
وتابع حديثه: “اليوم يوم حزين في تاريخ الصحافة ، فالقانون بصيغته الأخيرة خرج محتفظا بكل المواد الخاصة بالعدوان على حرية الصحافة واستكمال السيطرة عليها ومصادرة الكلام، فضلا عن النصوص الكارثية الخاصة بالصحف القومية والتي تمهد الطريق للتخلص منها وتصفيتها وتنزع عن الصحفيين المكتسبات التي طالما ناضلوا للحصول عليها”.
وأشار إلى أنه لا جديد في القانون غير استكمال منظومة القمع وسط تهليل من شاركوا في التعمية عليه بدعاوي كاذبة عن الاستجابة لمطالب الجماعة الصحفية، مؤكدا أن القانون سيظل فضيحة تلاحق كل من شاركوا في صنعه ومن مهدوا الطريق لتمريره، وأن المباركات لن تزيل الفضيحة، والشكر على تمرير القانون بكل ما به من كوارث هو مشاركة في الجريمة تستوجب المحاسبة.
وفيما يخص إلغاء نص الحبس الإحتياطي في قانون تنظيم الصحافة باعتباره مكسب، قال البلشي: ” هو إما عدم فهم أو تدليس واضح ، فدائما المعروف أن القانون الخاص يقيد القانون العام، وإلغاء الضمانة الموجودة في القانون الخاص تعنى العودة للقانون العام، الذي يفتح الباب لتقدير النيابة لمبررات الحبس الاحتياطي، وهو ما يفتح الباب للقضاء على هذه الضمانة التي كانت ممنوحة للصحفيين، وهي الضمانة التي تم وضعها حتى لا يتحول الحبس الاحتياطي لوسيلة لقمع الصحفيين أو التأثير عليهم أو تخويفهم”.
ورأى أن إلغاء مادة الحبس الاحتياطي هي ليست ميزة “غير دستورية” كما يروج البعض لكنها تستند إلى مبررات قانونية، واتجاه قانوني ينحو لتقليص استخدام الحبس الاحتياطي كإجراء احترازي، طالما سقطت المبررات التي تبرره وهي كلها تسقط في حال جريمة النشر التي ترتكب بواسطة الصحف.
ولفت إلى أن الوضع الحالي هو أسوأ من المادة 29 التي أثارت الاعتراضات، في مشروع قانون “إعدام الصحافة” المعروف بقانون تنظيم الصحافة والاعلام الجديد، حيث كان الطلب هو العودة بها للنص القديم، وإلغاء الاستثناءات التي تم تضمنتها، وليس إلغائها، مشيرا إلى أن الالغاء التام للمادة، هو إلغاء للضمانة، وتنازل طوعي من نقابة الصحفيين عنها، والحد الأدنى كان ضرورة التمسك بنص المادة الموجودة في القانون 96.
وأوضح أن ضمانة عدم الحبس الإحتياطي في قضايا النشر كانت تستند على نصين في قانوني النقابة والقانون 96، النص الأول هو المادة 67 في قانون النقابة، التي كانت تنص على إلغاء الحبس الاحتياطي في جرائم محددة، ومواد محددة.
وتنص المادة 67 :مع عدم الإخلال بحكم المادة (135) من قانون الإجراءات الجنائية. لا يجوز القبض على عضو نقابة الصحفيين أو حبسه احتياطيا لما ينسب إليه في الجرائم المنصوص عليها في المواد 179 و181 و182 و184 و185 و303 و306 من قانون العقوبات بسبب مواد صحفية صدرت عنه أثناء ممارسة المهنة.و تحرر النيابة العامة في هذه الحالة محضرا بما حدث تبلغ صورته لمجلس النقابة.
وأشار إلى أن النص الثاني جاء ليوسع حدود ضمانة عدم الحبس الاحتياطي في قضايا النشر لتصبح شاملة، طبقا لما جاء في المادة 41 في القانون 96 لسنة 1996، حيث عمدت فلسفة المادة لتوسيع مساحة الحماية المكفولة للصحفي، وجعلت ضمانة منع الحبس الاحتياطي شاملة لكل جرائم النشر، بما فيها جرائم إهانة الرئيس، طبقا للتعديل الأخير الذي تم على المادة عام 2012 بعد واقعة حبس إسلام عفيفي.
حيث نصت المادة 41 في آخر تعديل لها على : “لا يجوز الحبس الاحتياطى فى الجرائم التى تقع بواسطة الصحف”.
وتابع: “الآن وبعد إلغاء المادة والذي يروج له البعض بما فيهم قطاع في مجلس نقابة الصحفيين باعتباره مكسب واستجابة لمطالب الجماعة الصحفية، فإننا فقدنا المكسب الذي كان يوفره القانون 96 لسنة 96، وبذلك يكون منع الحبس في قضايا النشر مقصورا فقط على حدود ما جاء بقانون النقابة، الذي تم وضعه عام 1970، وهو خسارة كبيرة لمكسب صحفي حققه الصحفيون عبر نضال طويل طوال ما يقرب من نصف قرن بعدها”.
واستطرد: “أما محاولة تصوير الأمر على أنه عودة للدستور فهو غير دقيق، بل وردة حقيقية عن مقاصد الدستور، خاصة وأن المادة 71 تتحدث عن منع الحبس وليس الحبس الاحتياطي، والذي كما قلنا فهو إجراء احترازي سابق لحكم المحكمة ويميل الفقه القضائي لتقليص من استخدامه، ووضع مسببات له، كلها تنتفي تماما في جريمة النشر. وخير دليل على ذلك إنه في الوقت الذي كان الدستور المصري يسمح بالحبس في قضايا النشر في العديد من مواده، كان القانون يمنع الحبس الاحتياطي تماما في هذه القضايا كضمانة لحرية الصحافة، لها مبرراتها القانونية “.
سلامة يشكر السيسي
الجدير بالذكر أن عبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين, وجه الشكر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، أمس الأحد، على دعمه لحرية الصحافة والإعلام, مما ساعد على تجاوز أزمة قوانين تنظيم الصحافة والإعلام بالحوار الهادئ والبناء بين نقابة الصحفيين من جهة، والبرلمان والحكومة من جهة أخرى.
وأكد عبدالمحسن سلامة, خلال بيان له على تقديره الكامل لمجلس النواب برئاسة الدكتور على عبدالعال, رئيس المجلس, ولجنة الثقافة والإعلام, برئاسة الأستاذ أسامة هيكل, للاستجابة لمعظم مقترحات وملاحظات النقابة على قوانين تنظيم الصحافة والإعلام, خاصة فيما يتعلق بالمواد الخلافية, التى حددها مجلس النقابة بالإجماع فى اجتماعاته المتتالية لمناقشة تلك القوانين, والتى كانت تتعلق بالحريات, وضرورة الالتزام بالنصوص الدستورية المقررة, خاصة المادة (71), وعدم التوسع فى فرض القيود على حرية العمل الصحفى, وأيضا تلك المواد المتعلقة بالمؤسسات الصحفية القومية, والتمثيل الصحفى فى مجالس الإدارات والجمعيات العمومية.
وأشاد سلامة بدور الحكومة وقيامها بالتوفيق بين وجهتى نظر البرلمان والنقابة, حيث قام المستشار عمر مروان, وزير الشئون القانونية ومجلس النواب, ببناء الجسور بين النقابة والبرلمان.
ونوه النقيب إلى ما قام به الزملاء أعضاء المجلس من جهد خلال المرحلة الماضية, والالتزام بلغة حوار هادفة وعقلانية بعيدا عن التشنج والانفعال, وحيا دور الزملاء الذين شاركوا فى جلسات الحوار من أعضاء هيئة المكتب مع كل الجهات المعنية، مما أسهم فى إيجاد الأرضية للوصول إلى تلك الإنجازات.
وطالب نقيب الصحفيين باستمرار الحوار بين النقابة والبرلمان فيما يتعلق بصدور اللائحة التنفيذية لتلك القوانين لمعالجة أى ملاحظات مستجدة, والأخذ بعين الاعتبار مقترحات النقابة فى هذا الشأن، وفى إطار من الشراكة بين مؤسسات الدولة المختلفة تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى.
والتقى سلامة برئيس البرلمان علي عبد العال، أمس الأحد، قبل ساعات من مناقشة قانون تنظيم الصحافة والمجلس الأعلى للإعلام وقانون الهيئة الوطنية للصحافة وقانون الهيئة الوطنية للإعلام.