طالبت 6 منظمات حقوقية السلطات المصرية بوقف استخدام عقوبة المراقبة الشرطية، والتدابير الاحترازية، للمفرج عنهم أو المخلي سبيلهم على ذمة قضايا.
وقالت المنظمات إن تلك الإجراءات تُقيد حريات من تطبق عليهم وتضعهم تحت أعين وبصر الأجهزة الأمنية المختلفة، وهو ما يمكن اعتباره امتدادًا لسياسات السلطات المصرية الممنهجة لتطويق حرية الرأي والتعبير.
وأعربت المنظمات عن كامل تضامنها مع الخاضعين لتلك العقوبات والإجراءات التعسفية.
وقالت المنظمات إنه خلال أيام، يبدأ عشرات النشطاء والمعارضين السياسيين في تنفيذ عقوبة المراقبة الشرطية بعد انقضاء مدة حبسهم، أبرزهم الصحفي محمود أبو زيد (شوكان) الذي من المقرر أن يبدأ تنفيذ تلك العقوبة التكميلية لمدة 5 سنوات مع 215 مواطنًا آخرين بعد انقضاء مدة حبسهم على ذمة القضية 2985 لسنة 2015 كلى شرق القاهرة والمعروفة إعلاميًا بقضية “فض اعتصام رابعة العدوية”، العقوبة ذاتها يبدأ في تنفيذها 213 شخصًا محكومًا عليهم أيضًا بالمراقبة لمدة خمسة سنوات بعد سجنهم على ذمة القضية 4163 لسنة 2013 كلي شمال القاهرة والمعروفة إعلاميًا بقضية مسجد الفتح.
وأشارت المنظمات إلى أن هذا يأتي بالتزامن مع الوقت الذي يتوسع فيه القضاء المصري في استبدال الحبس الاحتياطي لنشطاء وصحفيين وحقوقيين بالتدابير الاحترازية، بعد توجيه اتهامات فضفاضة لهم مثل: الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون ونشر أخبار دون سند أو دليل قاطع، ويظهر ذلك جليًا خلال الشهور السابقة حيث أخضعت السلطات عشرات من المتهمين في قضايا سياسية للتدابير الاحترازية، أبرزهم المحامي الحقوقي عزت غنيم والمتهم في القضية 441 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، والنشطاء جمال عبد الفتاح وحسن حسين المتهمين في القضية 482 لسنة 2018 حصر أمن دولة، ومنسق حركة 6 أبريل عمرو علي المتهم في قضية تحالف دعم الشرعية
منذ يوليو 2013 توسعت المحاكم المصرية في اعتبار الفعل السياسي كالتظاهر والانتماء لتيارات سياسية فعلًا مجرمًا، ومسوغًا لاتهام صاحبه بممارسة العنف واستعراض القوة والبلطجة، الأمر الذي سمح للسلطات القضائية بالتوسع في استخدام عقوبة المراقبة الشرطية كعقوبة تكميلية في هذا النوع من القضايا.
ووفقًا للقانون رقم 99 لسنة 1945 الخاص بالوضع تحت مراقبة البوليس يلتزم الشخص المُراقَب بالتواجد يوميًا داخل محل المراقبة “قسم الشرطة” في أغلب الأحوال من السادسة مساءً وحتى السادسة صباحًا لمدة لا تتجاوز الخمسة سنوات حسب العقوبة المقررة له.
وبالنسبة للتدابير الاحترازية، يتيح القانون للسلطة القضائية المختصة باستبدال الحبس الاحتياطي للمتهمين في القضايا بتدابير احترازية تفرض عليه عدد من الالتزامات، أو يتم حبسه إذا خالفها.
وتنص المادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية على التزام الُمراَقب بالتردد على قسم الشرطة في أوقات محددة، غالبًا ما تكون عددًا من الساعات لعدد من الأيام أسبوعيًا، الأمر الذي يؤثر سلبًا على حرية المتهم وانتهاك حقوقه الشخصية بشكل جسيم، نظرًا لتطبيق هذه التدابير بشكل تعسفي ولفترات طويلة.
لا يتوقف الأمر عند التوسع القضائي في تطبيق قوانين تعسفية لكن إشراف وزارة الداخلية على تنفيذ تلك العقوبة أو التدابير يؤدي إلى تعرض الُمراقَبين “متهمين كانوا أو مدانين” لأنماط مختلفة من الانتهاكات الإضافية، فبجانب الاحتجاز في قسم الشرطة لساعات تمتد طوال الليل، يتعرض خلالها الخاضعين للمراقبة لمعاملة غير إنسانية، وتقييد لحريتهم في الحركة وحقهم في العمل تؤثر أيضًا هذه التدابير بالسلب على قيام المُراقَب بمسئوليته تجاه أسرته، كما أنها تساهم في تقليص فرصه في التعلم والتطوير، وهو الأمر الذي يعود بالسلب على إعادة اندماجه في المجتمع، وهو ما يمكن اعتباره تطبيقًا غير عادل لعقوبة لا تواكب التزاماتها التغيرات المعاصرة.
وتلجأ الدولة المصرية إلى توقيع المراقبة الشرطية على المتهمين والمدانين على السواء، دون وجود هدف حقيقي من تلك المراقبة سوى “تعسيف” المراقَبين وتعطيل رجوعهم إلى حياتهم بشكل طبيعي.
وبغض النظر عن عدم جاهزية أقسام الشرطة ليقضي بها الفرد ما يقرب من 12 ساعة من يومه، أو قدرتها على استيعاب كل هذه الأعداد الخاضعة للمراقبة، يتضح في نهاية الأمر أن الهدف من اللجوء إلى مثل هذا التدبير هو التنكيل بأولئك الأفراد.
طالبت المنظمات الموقعة السلطات بوقف الإجراءات الممنهجة المقيدة الحقوق والحريات، وإعادة النظر في عقوبة المراقبة الشرطية والتدابير الاحترازية الواردة في مواد القانون رقم 99 لسنة 1945 و المادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية وآليات تنفيذها لكل من المتهمين أو المدانين، وإبدالها بإجراءات أخرى يكون من شأنها احترام كرامة الإنسان وآدميته بما يساعد على إدماج المتهم في المجتمع مرة أخرى بعد طول احتجازه في حال كان صادر بحقه حكمًا قضائيًا، وحتى لا تصبح هذه التدابير والعقوبات أداة لتقييد الحرية ونقل مقر الحبس فقط من السجن إلى قسم الشرطة.
والمنظمات الموقعة مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، مركز بلادي للحقوق والحريات، مركز عدالة للحقوق والحريات، كوميتي فور چستس.