نزار سمير يكتب عن: «فاشية الأرجنتين.. ومصر»

ثقافة رأي

 في أمريكا اللاتينية كثير من التجارب الملهمة لمصر وثورة 25 يناير، والتي عانت من بطش وتنكيل أكثر قمعًا ووحشية من التي تعاني منها مصر تلك الأيام، خصوصًا في الملف الحقوقي والاغتصاب وعمليات التعذيب الجنسي الممنهجة للمتظاهرات المختطفات.

واحدة من تلك التجارب الملهمة هي «الأرجنتين» التي اكتوت بنار الجنرال العسكري الديكتاتور «خورخه فيديلا» الذي جاء إلى السلطة بإنقلاب عسكري عام 1976 م ليحكمها بشعار «الحكم بالرصاص» بدعم أمريكي قوى سواء كان مالي أو تقني أو عسكري.

 وخلال هذا الحكم العسكري الفاشي الديكتاتوري للأرجنتين في الفترة التي سماها مجلسها العسكري حينها بـ «إعادة التنظيم القومية للجمهورية للأرجنتينية» بين أعوام 1976 – 1983 أخُفى حوالي 30 ألف شخص في حرب أمنية ضد إرهاب مزعوم سميت بـ «الحرب القذرة» والآلاف من المختفين كان منهم حوالي 30 % من الفتيات والسيدات، كما أن آلاف النساء تم إخفاؤهن قسرًا من كافة الشرائح العمرية خصوصًا الشابات بدعوى أنهن «إرهابيات تخريبيات بالإضافة إلى تخوينهن وإعتقالهن من داخل منازلهن أو جامعاتهن ومقار عملهن أو المظاهرات ضد الحكم العسكري الديكتاتوري حينها بقيادة الإنقلابي الجنرال العسكري (خورخه فيديلا) » والبطش الأمني، النسبة الأكبر من الطالبات تم إختطافهن مع أطفالهن الصغار الرضع أو تم إغتصابهن داخل أماكن الإحتجاز ومعسكرات الإعتقال السرية لتصبح نسبة الحوامل منهن نتيجة الإغتصاب الممنهج حوالي 3 % من إجمالي المعتقلات الذين وصلت أعدادهم الى الآلاف فيما لم يتم حصر المزيد نظرًا لإخفائهن ثم دفنهن في أماكن سرية فيما بعد أو رميهن بالطائرات فى المحيط.

 وهناك تقديرات تشير إلى تعرض المعتقلين الرجال كذلك إلى جرائم من العنف والتعذيب الجنسي ولكن بنسب أقل من السيدات المعتقلات.

 ونتيجة هذه الأساليب القمعية الوحشية تم إخضاع الأرجنتين للحكم العسكري وتناقصت حتى أنعدمت مظاهر الرفض لإستمرار حكم العسكر، من ثم أختفت الإحتجاجات بسبب البطش وانعدمت حريات الرأي والتعبير، لم يتم ذلك إلا بعد أن أصبح آلاف من الأرجنتينيين وراء الشمس، وآلاف من المعتقلين خصوصًا الفتيات لا أحد يعلم مصيرهن وأماكن احتجازهن وسط معلومات متناثرة هنا وهناك عن تعذيب فاق كل التصورات.

 كل هذا القمع والوحشية الأمنية التي عاشتها الأرجنتين والتي عانت منها في السبعينيات اليوم تعيشها مصر وتعاني منها وتتجرع سُمها على مرأى ومسمع الجميع دون تحريك ساكن.

Leave a Reply