قالت منظمة العفو الدولية، اليوم الخميس، إنه يجب إلغاء أحكام الإدانة القاسية التي أعيدت في قضايا 53 من محتجي “الحراك الريفي”، في الدار البيضاء، بسبب “الجور الذي اتسمت بها محاكماتهم”.
وحُكم على قائديْ الاحتجاج ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق بالسجن لمدة 20 عاماً، مع اثنين من المحتجين الآخريْن، بسبب الاحتجاجات التي جرت في منطقة الريف في 2017. كما حكم على محتجين آخرين بالسجن لمدد تتراوح بين عام واحد و15 عاماً.
وقالت هبة مرايف، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: “هذه الأحكام مشكوك في صحتها نظراً للجور البالغ الذي اتسمت به المحاكمات”.
وأضافت: “كان لا ينبغي أصلاً أن يحاكم ناصر الزفزافي، وغيره ممن أدينوا وسجنوا بسبب الاحتجاج السلمي من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، أو تغطية الاحتجاجات على الإنترنت؛ ويجب إطلاق سراحه، وإسقاط حكم إدانته”.
وحكم على ثلاثة محتجين بالسجن لمدة 15 عاماً، وعلى سبعة آخرين بالسجن لمدة 10 أعوام. كما حُكم على 10 محتجين بالسجن لمدة خمس سنوات، بدفع غرامة قدرها 2000 درهم مغربي (حوالي 210 دولارات أمريكية). وحكم على ثمانية محتجين بالسجن لمدة ثلاث أعوام، و19 بالسجن لمدة عامين، ومحتج واحد بالسجن لمدة عام واحد؛ وتغريمهم جميعاً نفس الغرامة.
ولم يُحكم على متهم آخر بالسجن، لكن حُكم عليه بدفع غرامة قدرها 5000 درهم مغربي (حوالي 520 دولاراً أمريكياً)
وأضافت هبة مرايف قائلة: “يجب إعادة محاكمة الأشخاص الذين يشتبه، إلى حد معقول، في أنهم مسؤولون عن جرائم جنائية معترف بها في إجراءات تتفق تماماً مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، أو يطلق سراحهم”
وتابعت: “فلدى منظمة العفو الدولية أيضاً بواعث قلق خطيرة تكتنف طبيعة ما يسمى” الاعترافات” المقدمة كدليل، حيث وصف المعتقلون أفعال التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة التي تعرضوا لها على أيدي الشرطة أثناء الاستجواب. وكان ينبغي استبعاد “الاعترافات” المنتزعة بالإكراه من إجراءات المحاكمة”.
وزعم عدد من المتهمين في المحكمة أن اعترافاتهم انتزعت منهم تحت وطأة التعذيب؛ غير أن المحكمة لم تأمر بإجراء تحقيق فعال في هذا الأمر. ففي 3 يوليو الماضي، أخبر المحتج المحتجز عمر بوحراس قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف في الدار البيضاء أنه قد تعرض للتعذيب.
ووفق ما أفاد به محامي بوحراس، فقد قال موكله إن رجال الشرطة أقدموا على ضربه بينما أمروه بأن يهتف قائلاً: “عاش الملك”، وقاموا بتجريده من ملابسه الداخلية، وكسر اثنين من أسنانه، ووجهوا له التهديدات والإهانات عقب اعتقاله في الحسيمة.
وفي العديد من الحالات، اتهمت النيابة معظم المدعي عليهم “بالتحريض” أو “المشاركة” أو “التواطؤ بشكل عام في “الاضطرابات” دون تقديم أي دليل على مسؤوليتهم الجنائية الفردية فيما يتعلق بأي أعمال عنف. ووفقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، فإن المشاركة في مظاهرة غير مرخصة ليست في حد ذاتها أسباباً تستدعي السجن، بل يجب أن تكون مصحوبة بجريمة جنائية معروفة مثل التورط في أعمال العنف.
منذ مايو 2017، اعتقلت قوات الأمن المغربية مئات المحتجين، بينهم أطفال والعديد من الصحفيين، بسبب الاحتجاجات السلمية إلى حد كبير. ومن بين المعتقلين العشرات من المتظاهرين والنشطاء والمدونين في منطقة الريف، شمالي المغرب، والذين احتجوا مطالبين بإنهاء تهميش مجتمعاتهم، والدعوة إلى تحسين الخدمات في المنطقة.
ووجهت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء اتهامات إلى 54 شخصاً بسبب احتجاجات حركة “حراك” الريف. ولا تتفق معظم التهم الموجهة ضد قائد الاحتجاج ناصر الزفزافي، والمتهمين معه، مع التزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان لأنها تجرم الممارسة السلمية للحق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات.
وقد وصف المحتجين ما تعرضوا له من تعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، بما في ذلك الضرب المبرح والخنق والتجريد والتهديد بالاغتصاب والإهانة، على أيدي الشرطة عند القبض عليهم، وأثناء الاستجواب، وأحياناً لإكراههم على “الاعتراف” بارتكاب جرائم.
وفي يوليوز من العام الماضي، أعلن وزير العدل عن إجراء تحقيقات فيما لا يقل عن 66 حالة يشتبه في قيام الشرطة فيها بارتكاب أفعال التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة ضد المحتجزين. ففي الدار البيضاء، تم عرض 22 من الـ 54 على الفحص الطبي من قبل طبيب عينه قاضي التحقيق، لكن لم يفتح أي تحقيق قضائي في هذا الصدد.