مظاهرات مؤيدة ومعارضة تخرج في العاصمة.. والمؤيدون: انتصار لنضال المرأة.. والمعارضون: مخالف للشريعة الإسلامية
قدم الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أمس الاثنين، قانون المساواة في الميراث بين الذكر والأنثى، بالتزامن مع عيد المرأة التونسية التي يحتفل به في 13 أغسطس من كل عام.
وبين مؤيد ومعارض للقانون، تباينت ردود الأفعال، حيث قالت راضية الجربي، رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، في تصريحات صحفية لموقع “صوت المغرب”، إن قيام القائد السبسي بتقديم مشروع قانون يقر المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، لحظة تاريخية من شأنها فتح باب المسكوت عنه منذ سنوات، مشيرة إلى أن السبسي بالانحياز للمرأة فإنه يعيد إلى الأذهان الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.
وأضافت الجربي «نحن مع المساواة في الإرث أو أن مسألة الحريات والمساواة لا تتجزأ وأن هذا المبدأ عام لا بدّ من تطبيقه على كل المواطنين». وأشارت إلى أنه على التونسيين عدم نسيان الصراع الذي وقع على الإرث وكذلك مجلة الأحوال الشخصية “التي كانت مفخرة الزعيم الراحل”.
وتكمل: “يجب ألا نفوت الفرصة بأن يكون تقرير لجنة الحريات مفخرة لكل التونسيين ومن حق نساء تونس أن تطمح إلى أكثر حقوق وتكريسها عبر النصوص القانونية الموجودة والدساتير، شبعنا نصوصا وقوانين ونريد التطبيق على أرض الواقع والابتعاد عن استعمال المرأة كورقة انتخابية”.
وأضافت راضية الجربي أن موعد الاحتفال بـ13 أغسطس 2018 تزامن مع صدور تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة الذي هو أيضا بمثابة ثورة ثقافية وهي امتداد لثورة فكرية ونمط مجتمعي رغبت البلاد في إرسائه منذ سنة 1956.
يأتي ذلك في الوقت الذي نظم المئات مسيرة حاشدة بالعاصمة تونس، توقفت أمام تمثال الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة وقرأت له الفاتحة تمينا بم شرعه من حريات ومساواة بين التونسيين والتونسيات، توشحت المسيرة المؤيدة لمشروع المساواة بين الجنسين في الميراث بالأعلام الحمراء التي يتوسطها هلال ونجمة.
وبحسب تصريحاتها الإعلامية، قالت يسرى فراوس القيادية بالجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، إنه من غير الشجاعة أن يخطب الرئيس لاف المتظاهرين ويقول قطرة قطرة فيما تستوجب الحريات الفردية والمساواة إقرارا كليا دون تقسيطه.
واتهم المتظاهرون حديث الرئيس عن منهجية «قطرة قطرة» معتبرين إياها تمشي وبحث عن التوافق مع حركة النهضة والمراهنة على الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
فيما اعتبرت بشرى بلحاج حميدة رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة، أن من حق المتظاهرين رفع مطالب والدفاع عنها ولكن ما أعلنه الرئيس في خطابه تاريخي ومهم جدا لتحقيق المساواة بين الجنسين في تونس.
زياد الاخضر القيادي في الجبهة الشعبية والأمين العام للحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، انتقد المبادرة الرئاسية، وأشار إلى أن الأزمة في تونس هو عودة خطاب الهوية وحديث البعض عن اعتماد الشريعة الإسلامية في الدولة التي نص دستورها على أنها مدنية، وهو ما يعتبره الأخضر حراكا خطيرا في ظل ما دفعته تونس من ثمن، اغتيالات وإرهاب وشهداء.
وعلى الجانب الأخر نظم المئات من المعارضين لفكرة المساواة بين الجنسين في الميراث مسيرة بدعوة من التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور والتنمية العادلة، وشاركت فيها جمعيات ومنظمات عدة، إضافة إلى منتمين إلى حركة النهضة الرافضة لتقرير الحريات والمساواة.
ورفعت خلال المسيرة شعارات: “لا لتقرير الفتنة”، و”لا لانتهاك قيم الإسلام والدستور”، و”التقرير يدعو إلى التجاهر بالفحش والاعتداء على الأخلاق الحميدة”، و”لا وألف لا ولا للاستقواء بالدولة وتغيير نمط المجتمع”، و”أحكام العدة في القرآن قطعية وثوابتنا خط أحمر”، و”تونس إسلامية لا شرقية لا غربية”.
وقال عضو التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور والتنمية العادلة فوزي الشعبانيفي “التقرير يبين أن جزءاً منه قد يكون مقبولاً ولا اعتراض عليه، خصوصاً في ما يتعلق بقضايا التعذيب واحترام حرية التنقل والإقامة، وهي مسائل يتفق الجميع عليها، لكن ما ورد في مقدمة التقرير، الذي يحدد الأسس والمفاهيم العامة التي بُني عليها، تعد خاطئة. وعندما تكون البداية خاطئة، يكون كل ما ينتح عنه خاطئاً”.
وأوضح الشعباني أن الظاهر من التقرير هو تجسيد لمبادئ الدستور، لكنه لا يخلو من مغالطات لأن الإصلاح يجب أن يبنى على قيم إسلامية، في حين أنه “يضرب القيم ويحاول الاجتهاد في نصوص دينية قطعية”.
وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد أعلن دعمه لمشروع قانون يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، الأمر الذي يثير جدلاً كبيراً في البلاد. والقانون المطبق حالياً المستمد من الشريعة الإسلامية، يقضي بأن يرث الرجل ضعف ميراث المرأة في حال كانا على المستوى نفسه من القرابة.
وقال الرئيس التونسي في خطاب متلفز ألقاه بمناسبة يوم المرأة التونسية “أقترح أن تصبح المساواة في الإرث قانوناً”.
إلا أن الرئيس التونسي أوضح أن مشروع القانون الجديد سيترك المجال مفتوحاً أمام الاختيار في تطبيقه أو عدم تطبيقه. وقال في هذا الإطار “بما أن رئيس الدولة هو رئيس الجميع ومن واجبه التجميع أكثر من التفرقة، فإذا كان المورث يريد تطبيق القوانين الشرعية فله ذلك، وإذا أراد تطبيق القانون فله ذلك أيضاً”.
وتعتبر مسألة المساواة بين الرجل والمرأة في الإرث أحد أكثر الإجراءات إثارة للجدل بين سلسلة من الإصلاحات الاجتماعية التي قدمتها لجنة شكلها الرئيس قبل عام لترجمة مبدأ المساواة بين التونسيين الوارد في دستور العام 2014 في القوانين.
وكان دستور البلاد الجديد أقر عام 2014 في خضم موجة الربيع العربي وبعد سقوط الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
وهذه اللجنة الخاصة بالحريات الفردية والمساواة، اقترحت أن يكون الإرث العائلي موزعاً بشكل متساو بين الرجل والمرأة. إلا أنه يحق للمورث مع ذلك الذهاب إلى الكاتب العدل لتوزيع ميراثه بحسب قاعدة الإرث المضاعف للذكر.
وقال القيادي في حزب النهضة علي العريض في خطاب ألقاه الاثنين “النضال والعمل من أجل حقوق المرأة ودعم موقعها وتطويرها المستمر المرير والطويل، ليس ضد الرجل بل معه وبشراكة معه، ليس ضد الأسرة بل بها ومعها، ليس ضد الدين والهوية بل من داخله ومن مقاصده وقيمه السمحة”.
أما حزب “نداء تونس” الذي ينقسم نوابه إزاء مشروع القانون هذا فأكد في بيان الأحد أن “تحقيق المساواة الكاملة يبقى هدفاً نبيلاً والشروط لتحقيقه اليوم مجتمعة”. ويعتبر الذين يدعمون إعطاء الذكر ضعف حصة الأنثى من الميراث أن على الرجل أن يؤمن حاجات منزله وأسرته. وشدد الرئيس التونسي على أن تونس هي “دولة مدنية” بموجب الدستور.