احتجاجات في العراق والمغرب والأردن ومصر وتونس والسودان والجزائر ضد الغلاء والفساد وروشتة الصندوق
مظاهرات واعتصامات ومسيرات غاضبة بسبب الفساد وغلاء الوقود والسلع الغذائية.. والشرطة ترد بالرصاص والغاز
احتجاجات العراق تقترب من أسبوعها الثالث .. وجماهير الأردن تنتصر وتوقف روشتة الصندوق وتقيل الحكومة
أحكام قاسية في المغرب لمواجهة حراك الريف .. والقبضة الأمنية تواجه الغاضبين في مصر والسودان وتونس
شهد هذا العام العديد من احتجاجات الغلاء في عدة دول عربية بعد ارتفاع أسعار الوقود والسلع الغذائية في هذه الدول، وفيما تراجعت بعض الدول عن رفع الأسعار تحت الضغط الشعبي لجأت دول أخرى إلى آلة القمع واعتقال وحبس المحتجين وتقديم بعضهم للمحاكمة، وشملت قائمة الدول العربية التي شهدت احتجاجات على الغلاء هذا العام كل من مصر والمغرب وتونس والسودان والأردن والجزائر والعراق.
ففي العراق يواصل الآلاف احتجاجاتهم للأسبوع الثاني على التوالي بالعاصمة بغداد ومحافظات جنوبية، مطالبين بتوفير الخدمات العامة وفرص العمل ومحاسبة الفاسدين.
واقتحم مئات العراقيين مطار مدينة النجف وأوقفوا الحركة الجوية، موسعين نطاق احتجاجات على ضعف الخدمات الحكومية والفساد بعد مظاهرات البصرة.
ونقلت وسائل إعلامية عراقية عن خروج مظاهرات أمام مقر حزب الدعوة الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي، في محافظة ميسان.
وعبر المرجع الأعلى للشيعة في العراق آية الله علي السيستاني، الذي يندر تدخله في السياسة، عن تضامنه مع المحتجين، وقال إنهم يواجهون “النقص الحاد في الخدمات العامة” مثل الكهرباء في ظل حرارة الصيف الخانقة.
وكان التوتر تصاعد في البصرة بعد مقتل متظاهر يوم الأحد إثر إطلاق نار خلال تفريق مظاهرة ضد البطالة وانعدام الخدمات العامة، وخصوصا الكهرباء بحسب ما قال مسؤولون وشهود عيان.
ومع تصاعد الاحتجاجات، توجه العبادي إلى البصرة قادما من بروكسل، حيث كان يشارك في اجتماع التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، واجتمع مع قيادة العمليات العسكرية للمحافظة والمحافظ أسعد العيداني ومدير شركة الطاقة، إضافة إلى لقائه في وقت لاحق مع شيوخ عشائر.
وتأتي مظاهرات العراق بعد شهور من احتجاجات ضخمة لرفض ما وصفه المتظاهرون بـ”فساد حكومي”، وللمطالبة بإجراء تعديلات على المفوضية التي كانت تشرف على الانتخابات.
ومن العراق لمصر التي شهدت احتجاجات مكتومة بفعل القبضة الأمنية حيث شهدت محطات المترو مظاهرات متفرقة ضمت المئات الشهر الماضي بعد رفع أسعار التذاكر التي وصلت إلى 700% في سابقة لم تحدث من قبل، وألقت قوات الشرطة القبض على عشرات المحتجين، ودفعت بتعزيزات أمنية أمام جميع المحطات لازال بعضها متواجدًا حتى اليوم.
كما احتج مواطنون على ارتفاع أسعار الوقود منذ عدة أسابيع، وإن كان أغلب هذه الاحتجاجات تم عبر مواقع التواصل الاجتماعي نظرًا للقبضة الأمنية الشديدة ومطاردة وتهديد أي مواطن يخرج للتظاهر.
المغرب شهد احتجاجات متتابعة منذ قضية حراك الريف وتوابعها، كان عنوانها الغلاء والظلم الاجتماعي، آخر الاحتجاجات كانت في مدينة جرادة شمال شرق البلاد والتي تشهد منذ فترة طويلة حراكال اجتماعيا احتجاجا على الغلاء .. وجاء الاحتجاج غداة تنظيم الحكومة المغربية اجتماعا تفاوضيا جديدا، حول الاثار الاجتماعية لقرارات الغلاء.
واحتشدت المئات من النساء والرجال من مختلف الأعمار فى جرادة من أجل الاستماع لما دار خلال الاجتماع مع وزير الفلاحة.وهتف المتظاهرون: “نريد وفدا رسميا” ملوحين بأعلام المغرب فى ساحة جرادة المركزية.
وشهد الريف المغربي احتجاجات حاشدة، ضد السياسات الاقتصادية فيما عرف بقضية حراك الريف، وكانت الاحتجاجات قد تفجرت بشكل عفوي بعد مقتل بائع سمك يدعى محسن فكري، طحنا في شاحنة نفايات، عندما كان يحاول استعادة أسماكه، التي صادرتها الشرطة وقررت إتلافها، وقالت السلطات في ذلك الوقت إن فكري، كان قد اصطاد أنواعا من الأسماك يحظر القانون اصطيادها.
وطالب المتظاهرون بالتخلي عن سياسة التهميش، والحصار الاقتصادي التي تتعامل بها الدولة المغربية مع المنطقة، وربطها بخطوط السكك الحديدية المغربية، والشبكة الوطنية للطرق، إضافة إلى عدة مطالب أخرى منها بناء جامعات ومعاهد، وشهدت المغرب آخر فصول القضية بصدور أحكام قاسية ضد منظمي الاحتجاجات وهو ما أدى لتفجر المظاهرات مرة أخرى.
ومن المغرب للأردن التي سجل المواطنون فيها انتصارا حقيقيا بعد إجبار الحكومة على التراجع عن قرارات زيادة الاسعار والانصياع لروشتة صندوق النقد، وشهدت الأردن احتجاجات واسعة بدأت في عمان في أواخر مايو من العام الحالي، ضد قانون رفع ضريبة الدخل وارتفاع الأسعار في عدد من المدن الأردنية، وطالب المتظاهرون بإسقاط الحكومة.
ورفع المشاركون في الاحتجاجات شعاراتاً مثل: “لن نركع” و”ما خلقنا لنعيش بذلّ خلقنا لنعيش بحرية” و”الشعب يريد إسقاط الحكومة”، وأدت المظاهرات إلى إقالة الملك للحكومة، وتراجعه عن رفع الأسعار.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي ينتفض فيها الأردنيون ضد الحكومة، ففي أكتوبر عام 2012، قامت نقابات المعلمين والمهندسين والمهندسين الزراعيين بإضرابات عامة في معظم المدن الأردنية بسبب قرار الحكومة برفع أسعار معظم المواد الاستهلاكية وعلى رأسها النفطية، والتي أدت إلى احتجاجات جماهيرية واسعة في البلاد.
كان السبب في اندلاع الاحتجاجات، الزيادة المقترحة في ضريبة الدخل التي تقضي بأن يدفع كل من لديه دخل سنوي قدره 8000 ديناراً أو أعلى، ضريبة الدخل، وكلما ارتفع الدخل، ترتفع الضريبة المدفوعة، أي أن الشركات ستواجه ضريبة أكبر، مع تشديد قانون معاقبة المتهربين من الضريبة.
وأصدر 78 من أصل 130 نائبا، بياناً أكدوا فيه عدم موافقتهم على هذا القانون الذي ” لا يخدم مصالح الناس الاقتصادية والاجتماعية”.
وقدم رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي استقالته بعد لقائه بالملك عبدالله، وكانت إقالته من بيم المطالب التي قدمها المحتجون.
وكانت الحكومة قد أقرت رفع الأسعار بالإضافة إلى ضرائب قدرها 5.5 في المئة لأسعار المحروقات، و19 في المئة في أسعار الكهرباء، ولكن الملك عبدالله الثاني أمر بتجميد تلك الزيادات بسبب الاحتجاجات الغاضبة التي تعم البلاد لمدة شهر.
الخضوع لشروط صندوق النقد والاحتجاجات الشعبية ضده امتدت أيضا إلى تونس والتي شهدت في يناير الماضي مظاهرات حاشدة لرفض غلاء الأسعار، حيث استقبل التونسيون العام الجديد، بموجة زيادات في الأسعار طالت المحروقات والاتصالات وخدمات الإنترنت، وبعض المواد الاستهلاكية وعدة أصناف من الأدوية، والفنادق والكحول والعطور والمواد التجميلية، بعد أن أقرّ قانون المالية زيادة في القيمة المضافة بنقطة واحدة وضريبة على الاستهلاك، إضافة إلى مراجعة رسوم الأداء الجمركي للعديد من المنتجات، فضلا عن إقرار خصم بنسبة 1 بالمئة عن الأجور كمساهمات موجهة للصناديق الاجتماعية.
وبدأت الاحتجاجات في تونس العاصمة، لكنها اتسعت لتشمل عدة مدن في البلاد، بعد تفاقم الضغوط على مقدرتهم الشرائية، في وقت بررت فيه الحكومة قراراتها بفرض زيادات في الأسعار، أنها تستهدف الأغنياء فقط.
وفي نفس السياق شهدت السودان مظاهرات حاشدة بعدة مناطق لرفض الغلاء وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المظاهرات، بعدما وصل ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية والمواد الغذائية إلى مائة في المئة في مطلع العام الحالي، كما أصدرت الحكومة السودانية لقانون تتخلى فيه عن استيراد القمح ليتولى القطاع الخاص تلك المهمة.
وشهدت شوارع السودان عمليات كرٍّ وفرٍّ، واقتحمت الشرطة أحد المساجد بعد إلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع داخله وسط مقاومة من المصلين.
وقررت السلطات المحلية تعليق الدراسة في مدارس التعليم الأساسي والثانوي لمدة أسبوع، وخرج المئات من طلاب جامعة الخرطرم قبل أن تتصدى لهم قوات الشرطة وتفرقهم.
وفي ذات السياق شهدت الجزائر احتجاجات بعد قرار الحكومة بمنع استيراد مئات المنتجات في مطلع العام الحالي وهو ما كان سبباً في ارتفاع أسعار الكثير من السلع الأساسية مثل الخضار، الأجبان، مواد البناء، والآليات الزراعية وغيرها التي تسببت القرارات في ندرتها في الأسواق وارتفاع أسعارها، ووقعت مصادمات بين المتظاهرين وقوات الشرطة وأصيب العشرات.
وفيما حققت بعض الاحتجاجات انتصار مثلما جرى في الأردن حيث كانت سببا في التراجع عن تنفيذ روشتة الصندوق ووصل الأمر لتدخل دول خليجية بحوافز مالية لاحتواء الأزمة، فإن غضبا كامنا ينتظر الانفجار في عدد آخر من الدول، ورغم نجح القمع الأمني في إخماد ردود الفعل بشكل مرحلي لكن كل المؤشرات لازالت تؤكد تصاعد الغضب وإن لم يجد مسارات للتعبير عنه ، مع تحذيرات خافتة بأن ذلك قد يؤدي لانفجارات غير مأمونة العواقب.