هيومان رايتس تطالب السلطات الإيرانية بالكف عن مضايقة النساء ومحاكمتهن لممارستهن حرية التعبير
سارة ليا: اجبار مراهقة على الاعتذار عن رقصها أمام الكاميرا عمل تعسفي ومزيد من الانحدار للسلطات الإيرانية
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن التلفزيون الإيراني الرسمي بث في 9 يوليو اعتذارات لنساء احتجزن لفترة وجيزة في مايو لنشرهن أشرطة فيديو يرقصن فيها ضمن حساباتهن المعروفة على “إنستجرام”. وفي اليوم نفسه، أعلنت شابرك شجري زاده، التي خلعت حجابها علنا في ينايرالماضي احتجاجا على قوانين الحجاب الإلزامية، أن المحكمة حكمت عليها بالسجن 20 عاما ، مع تعليق 18 عاما منها، ما يعني قضاءها عامين في السجن.
وبثت القناة الأولى في التلفزيون الإيراني الرسمي برنامجا بعنوان “المخادع” في 9 يوليو ، قال فيه رجال ونساء ممن لديهم عدد متابعين كبير على إنستجرام إنهم آسفون للنشر على الإنترنت. وظهر تسجيل الفيديو عندما كانوا رهن الاحتجاز. من بينهم إلناز قاسمي، المقيمة في كندا وكانت تزور إيران، ومائده هوجبري، مراهقة، واللتان اعتقلتهما شرطة الفضاء الإلكتروني الإيرانية في مايو وأغلقت حساباتهما لنشرهما مقاطع فيديو ترقصان فيها، وأُطلق سراحهما بعد بضعة أيام، وفقا لقاسمي. ظهر في البرنامج ضباط شرطة و”خبراء” يتحدثون عن مساهمة وسائل التواصل الاجتماعي في ارتكاب بعض الإساءات والجرائم.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “إنه لعمل تعسفي ومحرج أن تُجبَر مراهقة على الاعتذار عن رقصها أمام الكاميرا، وهو مزيد من الانحدار للسلطات الإيرانية. على سلطات البلاد التوقف عن مضايقة جميع من يُعتقلون لممارسة حقهم في حرية التعبير”.
وطالبت هيومن رايتس ووتش السلطات الإيرانية بالكف عن مضايقة النساء ومحاكمتهن لممارستهن حرية التعبير، بما يشمل استخدام الإنترنت، وإلغاء القوانين التمييزية مثل قانون اللباس الإلزامي للنساء.
وردا على الانتقادات واسعة النطاق، قال محمد حسين رنجبران، مدير العلاقات العامة في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الرسمية، في 10 يوليو/تموز إن “السلطات القضائية طلبت منا نشر هذا المحتوى”.
يحدد القانون الإيراني بشكل فضفاض الأفعال التي يراها لا أخلاقية. فرضت السلطات رقابة على الفن والموسيقى وأشكال التعبير الثقافي الأخرى منذ فترة طويلة، فضلا عن محاكمتها مئات الأشخاص على هذه الأفعال. غالبا ما تستهدف هذه القوانين النساء والأقليات الجنسية بشكل غير متناسب. منذ عام 2016، اعتقل الحرس الثوري الإيراني عدة مدوني أزياء واستجوابهم، والعديد منهم نساء، ممن استخدموا إنستاغرام للترويج لأعمالهم. كان العديد ممن استُجوبن قد نشرن في وقت سابق صورا ومقاطع فيديو تُظهرهن من دون حجاب ومع ماكياج.
في ديسمبر 2017 ويناير 2018، خلعت عدة نساء، عُرفن باسم “بنات شارع الثورة” حجابهن أثناء وقوفهن على العُلب الكهربائية في الشوارع في مختلف أنحاء البلاد احتجاجا على قانون الحجاب الإلزامي في إيران، من بينهن شجري زاده. في 1 يوليو/تموز، أعلن عباس جعفري دولت آبادي، المدعي العام في طهران، الحكم الصادر بحق شجري زاده دون ذكر اسمها. قال أيضا إن النيابة العامة ستستأنف قرار محكمة طهران بتعليق جزء من عقوبتها. في مارس/آذار، حكمت محكمةٌ على نرجس حسيني، امرأة أخرى خلعت حجابها احتجاجا، بالسجن 24 شهرا، لكنها علقت 21 شهرا من عقوبتها.
وفي 13 يونيو ، اعتقلت السلطات نسرين ستوده، محامية حقوقية بارزة تمثل شجري زاده ونساء أخريات احتجرن لخلعهن الحجاب. قال رضا خاندان، زوج سوتوده، إن المدعي العام في كاشان، حيث اعتقلت السلطات شجري زاده للمرة الثانية في 8 مايو/أيار، تقدم بشكوى ضد ستوده ما أدى إلى اعتقالها. ليس من الواضح ما التهمة التي تواجهها.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن فرض قانون اللباس الإلزامي للنساء في إيران ينتهك حقوقهن في الحياة الخاصة والاستقلال الشخصي وحرية التعبير، فضلا عن حرية الدين والفكر والضمير، وهو شكل من أشكال التمييز الجندري المحظور بموجب القانون الدولي.
يكفل “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، الذي صادقت عليه إيران، حق الناس في حرية التعبير والخصوصية وحرية الدين. انتقد خبراء أمميون مستلقون عديدون القوانين التي تفرض ارتداء لباس ديني في الأماكن العامة. قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية الدين أو المعتقد، الراحلة أسماء جهانغير، إنه “يُنظر إلى استخدام الأساليب القسرية وتطبيق العقوبات على من لا يرغبون في ارتداء اللباس الديني أو رمز معين على أنه رادع ديني. تتعارض الإجراءات التشريعية والإدارية عادة مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان”.
وأكدت هيومن رايتس ووتش أنها لا تتخذ موقفا من كون الحجاب أو النقاب مقبولا أم لا، لكنها تعارض سياسات فرض الحجاب والنقاب بالقوة، وكذلك القيود على ارتداء هذه الثياب الدينية (كما هي مطبقة في بعض البلدان الأوروبية)، وتراها تدخلا غير متناسب وتمييزيا في الحقوق الأساسية.
يحدد القانون الدولي الحق في حرية التعبير ليشمل حرية التماس وتلقي ونقل المعلومات والأفكار من جميع الأنواع “في شكل فني”. و”العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، وإيران طرف فيه، يضمن احترام “الحرية التي لا غنى عنها لـ… النشاط الإبداعي”.
وقالت ويستن: “لطالما خاضت المؤسسة الحاكمة في إيران معركة خاسرة ضد ثقافة سكانها. رغم ممارسات السلطات المسيئة، يواصل الإيرانيون إنتاجهم الثقافي الغني، خاصة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي”.