مطلع القرن الماضي وفي ظل وجود الاستعمار البريطاني اطلق زعيم الحركة الوطنية مصطفي كامل مقولته الخالدة ” إن من يفرط في حقوق بلاده ولو مرة واحدة ، يبقي أبد الدهر مزعز العقيدة سقيم الوجدان”.وهذه العبارة مسجلة علي قاعدة تمثال مصطفي كامل في أحد أهم ميادين القاهرة والذي تم بناؤه بتبرعات الشعب المصري المتطلع للحرية والاستقلال.
بالأمس أقر مجلس النواب قانون يمنح الجنسية المصرية لكل من يقيم في مصر إقامة دائمة لمدة خمس سنوات ويضع وديعة مالية قيمتها سبعة مليون جنيه. ونشطت وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في التعرض لهذه الكارثة الوطنية التي حولت الجنسية المصرية رمز الانتماء الوطني الي سلعة تباع لمن يملك ثمنها بغض النظر عن انتماءه ونواياه.
لكن هذا القانون الذي وافق عليه مجلس النواب وقد يصدر رسميا خلال الأيام القادمة ليس الخطوة الأولي علي طريق البيع. بل سبقته خطوات كثيرة ممتدة منذ النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي وحتي الآن.
مسيرة بيع الوطن
– صدر القانون رقم 230 لسنة 1996 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضى الفضاء. والذي ضرب عرض الحائط بتاريخ مصر ودماء شهدائها دفاعاً عن الأرض التي أصبحت مستباحة للأجانب بغض النظر عن جنسيتهم، وهو الخطوة الأولي علي الطريق الذي وصل بنا لمحطة بيع الجنسية.
– صدر قرار رئيس الجمهورية رقم ٤٣٢ لسنة ٢٠١٦ بالموافقة على معاملة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل مملكة البحرين، معاملة المصريين، طبقاً لأحكام القانون رقم ١٤ لسنة ٢٠١٢ والمعدل بالقانون رقم ٩٥ لسنة ٢٠١٥، بتملك أراضي وفيلات بخليج نعمة وشرم الشيخ، وذلك بغرض الإقامة.
– صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 219 لسنة 2016 بمعاملة السيد حمزة بن محمد بن ناصر الصالح السعودي الجنسية معاملة المصريين في تطبيق أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن تملك الأراضي الصحراوية.
– صدر قراررئيس الجمهورية رقم 386 لسنة 2017 بمعاملة صاحب السمو الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت معاملة المصريين في تملك الأراضي الصحراوية وأورد القرار مساحات الأراضي التي اشتراها أمير الكويت في زمام محافظة الشرقية.
– عدلت مصر قواعد إقامة الأجانب غير السائحين الذي يشترون وحدات سكنية ليحصل الأجنبي على إقامة لمدة عام، إذا اشترى عقارا بقيمة 100 ألف دولار بدلا من 50 ألف دولار قبل التعديل. ونقلت رويترز عن المتحدث باسم مجلس الوزراء، أشرف سلطان: “من يشتري عقارا بقيمة 100 ألف دولار يمكنه الحصول على إقامة لمدة سنة.. ولوكانت قيمة العقار 400 ألف دولار تكون الإقامة خمس سنوات”. ( سكاي نيوز عربية – 4 مايو -2017 ) إذا التجهيز والإعداد وتمهيد الأرض يتم منذ سنوات . ولكن مع منح الجنسية المصرية بدلاً من الاقامة خمس سنوات.
ان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية لا ينفصل عن مسلسل التفريط والتسليع والبيع ، ولا ينفصل عن بيع القطاع العام والأصول المملوكة للشعب المصري.فكل ما هو قابل للبيع سيتم بيعه. والوطن كله مستباح ومعروض للبيع .
لذلك لا يجب التوقف كثيراً عند قرار منح الجنسية المصرية لغير المصريين لأنها مجرد حلقة من سلسلة التفريط والتسليع والبيع.وعلينا ان نفكر فيما وراء منح الجنسية وعلاقته بصفقة القرن .وعلينا ان نفكر في وسيلة لوقف مسلسل التسليع والتفريط والبيع.