البرلمان يقر قانون تنظيم الصحافة في جلسته العامة قبل يومين ويتجاهل ملاحظات واعتراضات الصحفيين
تمرير قانون “معاملة قادة القوات المسلحة”.. ومواده تمنحهم الحصانة الدبلوماسية خارج مصر وتمنع إقامة أي دعوى قضائية ضدهم
نواب يعترضون على إقرار تعديلات قانون الجنسية ومنحها لمن يضع وديعة بنكية بقيمة 7 ملايين جنيها
بين قانون اعتبره البعض “قتلا للصحافة”، وأخر يفيد بالموافقة على تجنيس الأجانب عبد دفع وديعة بقيمة 7 ملايين، وحتى معاملة قادة القوات المسلحة وصندوق مصر الخاصة بملكية المنشأت العامة، أقر البرلمان قوانينه.
قانون “إعدام الصحافة”
تضمن قانون تنظيم الصحافة والاعلام العديد من المواد الجدليه بين الصحفيين، ورفضه العديد بينهم 6 أعضاء من مجلس نقابة الصحفيين، معتبرين هذه التعديلات صورية – بحسب وصفهم- أبقت على جوهر المواد المقيدة لحرية الصحافة والمخالفة لنصوص الدستور والمهددة لاستقلال وبقاء المؤسسات الصحفية القومية.
وتجاهل البرلمان ملاحظات النقابة، وقال 6 من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين، في بيان مشترك، إن مجلس النواب تجاهل ملاحظات النقابة على مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، والذي ناقشه البرلمان ووافق عليه مبدئيا في جلسته العامة.
ورأى الأعضاء أن ماحدث يعد استمرارا لمحاولات تقييد استقلال الصحافة والإعلام وحصار حرية الرأي والتعبير، حيث تجاهل مجلس النواب معظم ملاحظات نقابة الصحفيين على مشروع القانون.
وأشار البيان، إلى تجاهل النواب أيضا ملاحظات مجلس الدولة التي أشارت إلى وجود عوار دستوري بعدد من المواد، وعرضت في جلسة البرلمان المنعقدة بتاريخ 15 يوليو 2018.
ورأى الستة أعضاء أن لجنة لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب أبقت على صياغة البند 23 من المادة 5 من قانون الهيئة الوطنية للصحافة والذي أعطاها الحق في “إلغاء ودمج المؤسسات والإصدارات الصحفية”، وهو ما يفتح الباب أمام خصخصة المؤسسات القومية وتشريد المئات من العاملين فيها والتي يستهدف القانون إلغاءها.
وأضافوا أن اللجنة تجاهلت مقترحات النقابة الخاصة بتشكيل الجميعات العمومية للمؤسسات القومية فأبقت على وضع رئيس الهيئة الوطنية للصحافة رئيسا للجمعيات العمومية لكل المؤسسات القومية، كما استمرت حالة التجاهل لتمثيل الصحفيين والعاملين بالمؤسسات داخل الجمعيات، بالتوسع في تعيين أعضاء هذه الجمعيات من خارج المؤسسات.
وتابع الأعضاء في بيانهم: “أبقت اللجنة على نص البند 17 من المادة 5 من قانون الهيئة الوطنية للصحافة والذي منح الهيئة الحق في مد السن للصحفيين بقرار منها وهو ما يفتح الباب للمحاباة ويهدر كفاءات حقيقية بهذه المؤسسات”.
واعتبر الأعضاء أن لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان قدمت صيغا أقل ما يقال عنها إنها صيغ “تحايلية” ، في المواد المتعلقة بالصلاحيات الممنوحة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والتي تتيح له بنص المواد 4، 5، 19 منع تداول وسحب تراخيص وحجب مواقع عامة وشخصية، وهو ما ينسف جوهر المهنة واستقلالها.
وبحسب البيان الصادر عن الستة أعضاء مجلس نقابة الصحفيين، فإن اللجنة عرضت على البرلمان صيغة للمادة 12 والتي تلزم الصحفي بـ”الحصول على التصاريح اللازمة” قبل حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات واللقاءات في الأماكن غير المحظور تصويرها، فأضيف لها تفاديا لملاحظات مجلس الدولة على القانون “في الأحوال التي تتطلب ذلك”، وهو ما يعني أنه ترك تحديد الأماكن لجهة مجهولة، وهو ما يقيد مهمة الصحفي بما يستحيل معه ممارسة المهنة عمليا.
وفيما يخص المادة 29 الخاصة بالحبس الاحتياطي، قدمت اللجنة نصا تحايليا، حذفت فيه كلمة “الاحتياطي”، وتركت نص المادة بشكل مطاط ويحتمل التأويل من جهات التحقيق، وهو ما يعد ردة عما جاء في القانون 96 لسنة 1996 الذي “حظر الحبس الاحيتاطي في قضايا النشر” بشكل نهائي.
تعديلات قانون الجنسية
ومن القوانين الأخرى التي اثارت جدلا واسعا في الشارع المصري هو قانون بيع الجنسية المصرية مقابل 7 الاف دولار.
وشهدت الجلسة العامة لمجلس النواب، جدلًا واسعًا بين الحكومة من جهة، والنائب هيثم الحريري من جهة أخرى، بسبب انتقادات الأخير لقانون الجنسية، الذي يناقشه البرلمان اليوم.
وقال “الحريري”، خلال الجلسة العامة ، إن الجنسية المصرية يجرى بيعها ليس للاستثمار، ولكن لأشياء أخرى، وهو الأمر الذي قوبل بالرفض من رئيس مجلس النواب، الذي طالب بحذف كلمة النائب من المضبطة، قائلًا: “مصر دولة جاذبة، والجنسية المصرية ليست للبيع”.
فيما قال المستشار عمر مروان، وزير شؤون مجلس النواب، إنه يرفض ما جاء على لسان النائب، ويجب شطبه من المضبطة، مشيرًا إلى أن مصر جاذبة لكل الجنسيات، والمادة التي اعترض عليها النائب هيثم الحريري، والمتعلقة بمدة السماح بمنح الجنسية للمستثمرين، موجودة في القانون الحالي، وليست جديدة.
وأضاف “مروان”، أن كل ما في الأمر أن الحكومة رأت تقليص مدة منح الجنسية للمستثمرين الجادين من 10 سنوات إلى 5 سنوات، لافتًا إلى أن القانون وضع عددًا من القواعد للحاصلين على الجنسية لممارسة حقوقهم، فلا يستطيع أن يمارس حقوقه السياسية قبل مرور 5 سنوات، ولا يترشح لأي انتخابات قبل مرور 10 سنوات من تاريخ منحه الجنسية.
ووافق المجلس أيضا، على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القرار بقانون رقم 89 لسنة 1960، بدخول وإقامة الأجانب بمصر والخروج منها، والقانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، والذي يقضي بحق من يقيم في مصر بوديعة لمدة 5 سنوات، والحق في طلب الحصول على الجنسية المصرية، وذلك في مجموعه، على أن تتم الموافقة النهائية في جلسة لاحقة.
قانون معاملة قادة الجيش
ومن من بين القوانين التي اقرها البرلمان الاسبوع الاخير قانون مقدم من الحكومة في شأن معاملة بعض قادة القوات المسلحة. وجاءت موافقة البرلمان “وقوفا”، حيث أن هذا التشريع يستوجب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، بينما اعترض 8 أعضاء فقط على مشروع القانون.
وقال الدكتور علي عبد العال لغير الموافقين على التشريع: “شكرا الرسالة وصلت”. وتضمنت ملامح مشروع القانون في مادته الأولى، أن يستدعى الضباط الذين يصدر بأسمائهم قرار من رئيس الجمهورية لخدمة القوات المسلحة مدى الحياة، ويكون من يشغل منهم منصبا أو وظيفة فور انتهاء شغله لهذا المنصب أو تلك الوظيفة.
وجاء في المادة الثانية، معاملة كل من لم يشغل من قادة القوات المسلحة منصب وزير أو منصبا أعلى معاملة الوزير، ويتمتع بكافة المزايا والحقوق المقررة للوزراء في الحكومة.
وأقرت المادة الثالثة أنه يحدد رئيس الجمهورية سائر المزايا التي يتمتع بها المخاطبون بأحكام هذا القانون، وأن يتم الجمع بين المزايا الواردة في هذا القانون وأي ميزة مقررة في قانون آخر.
ونصت المادة الرابعة على منح الفئات المخاطبة بأحكام هذا القانون الأوسمة على النحو الذي يصدر به قرار من رئيس الجمهورية.
وفي المادة الخامسة تم النص على أنه لا يجوز مباشرة التحقيق أو اتخاذ أي إجراء قضائي ضد أي من المخاطبين بهذا القانون عن أي فعل ارتكب أثناء تأديتهم لمهامهم أو بسببها وذلك في الفترة من 3 يوليو 2013 حتى 8 يونيو 2014، إلا بإذن من المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وتضمنت المادة السادسة بتمتع الفئات المخاطبة بأحكام هذا القانون أثناء سفرهم خارج البلاد بالحصانات المقررة لرؤساء وأعضاء البعثات الدبلوماسية الخاصة وأن تعمل وزارة الخارجية على اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لذلك.
صندوق “مصر”
واقر البرلمان ايضا قانون «صندوق مصر» المقدم من الحكومة، والذي ينشأ بموجب هذا القانون، صندوق سيادي باسم “صندوق مصر”، يشار إليه في تطبيق أحكام هذا القانون بـ”الصندوق”، وتكون له شخصية اعتبارية مستقلة، ويكون مقره الرئيسي محافظة القاهرة، ويجوز لمجلس الإدارة أن يُنشئ له فروعا أو مكاتب داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها.
خبر الموافقة على مشروع القانون أحدث جدالًا حول ماهية هذا الصندوق ودوره في عملية التنمية وخطة الحكومة لتطوير عدد من الكيانات المهددة بالإغلاق كشركة القومية للأسمنت والحديد والصلب، وعن خضوعه للضرائب.
واعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور رائد سلامة، ان القانون بداية جديدة سيئة للخصخصة مشيرا إلى أن الحكومة تسير بخُطَى ثابتة ومنتظمة في طريق تعليمات صندوق النقد الدولي، وذلك فيما يَخُص بند الخصخصة معلقًا: الحكومة تتبع ما يمليه عليها الصندوق، وتنفذ ذلك عن طريق ما يسمى بصندوق مصر، للتمهيد للخصخصة، لكن بطرق مختلفة عن الحكومات السابقة التي اتجهت للخصخصة كما حدث في نظام مبارك.
وأضاف سلامة أن مشروع القانون من الأصل به أمور غامضة وغير مفهومة، وتؤكد اتجاه الحكومة للخصخصة، ولا شيء غير ذلك، وأن ذلك يظهر في عبارة “الأصول المستغلة وغير المستغلة” متسائلًا: الحكومة تقول إن هناك أصولا غير مستغلة.. إذن مَن هو الذي تركها ولم يستغلها؟ ولماذا اللجوء للخصخصة لإعادة تطوير كيانات في الأساس ليست خاسرة؟.
ختتم سلامة حديثه عن الصندوق قائلًا: للأسف الحكومة لا تطرح الآن إلا الكيانات التي تربح وبشكل واضح وعلني، على عكس ما كان يتم في السابق أن تتعرض المنشآة أولًا للخسائر فيتم اللجوء لخصخصتها لإنقاذها وتطويرها، ويظهر ذلك في طرح أسهم بنك القاهرة بالبورصة رغم أنه لا يخسر، وبشكل عام هذا توجه واضح للحكومة ولا جديد لديها، لأنها تسير كما يملي عليها الصندوق.