أحمد رمضان يكتب: لماذا علينا أن نوسّع الخرم؟

رأي
كتب :

لم يكن يتوقع أكثر المتشائمين في العمل الصحفي، أن تتجه سلطة الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى قطع يد الصحفيين، قطعت السلطة يد ولسان صحفيو المواقع الإلكترونية حرفيا، عندما قررت حجب المواقع، منذ أكثر من عام، وذلك دون أسباب قانونية وجيهة أو حتى معرفة الجهة التي تقف وراء الحجب.

عندما كنا نتحدث نحن شباب الصحفيين، عن أسوأ ما قد يحدث من السلطة تجاه الصحافة، منّا من كان يتوقع أن يتم الضغط على الممولين أو الشركاء في مجالس إدارات المواقع لسحب أموالهم، أو الاستمرار في استهدافنا بالحبس وتلفيق الاتهامات، أو حتى منعنا من ممارسة عملنا في الشارع، ولكن أن يأتي بالقرار بحجب المواقع، والذي لا يختلف عن قرارات غلق الصحف ومصادرة أعدادها، لم يكن يتوقعها أحد.

كل هذا لا يهم، فقدرنا أن يحكمنا نظاما لا يتوقعه أحد، ولا يخشى أحد، ولا يستمع لأحد، بل ويريد ألا يتحدث أحد – وجميعنا نتذكر جملة السيسي الشهيرة “مش عايز حد يتكلم في الموضوع ده تاني” – هي ليست جملة عابرة قيلت في سياقها، هي دستور السلطة وقانونها ورؤيتها للأمور، السلطة تريد أن تقتلنا وتعذبنا وتحبسنا، ولا نطلق صرخة واحدة، وإذا قمنا، ستقطع لساننا على أي حال، إنه قدرنا للأسف.

موقع “كاتب”، مازال في أيامه الأولى، لا نعرف ماذا سيكون مصيرنا ومصيره، هل سيتم حجبه فوراً، أم يطول عمره وعمر قدرتنا على الكلام لبعض الوقت، لا نعرف، ولكن ما نعرفه أننا نحاول “توسيع الخرم”، المساحة الصغيرة جدا التي نشم منها أنفاسنا ونرى النور وننظر إلى غد أفضل.

“توسيع الخرم” كما ذكر في إحدى اجتماعات التأسيس، الهدف منه التوعية بأنه لابد وأن يكون هناك مساحة ما ولو بحجم ثقب يطل منه الغائبون، وأن يكون هناك مساحة لنشر أخبار المهمشين والمظلومين وسجناء الرأي، وأن يدرك كل من سيتابع الموقع إلى أي حال وصلنا في ظل السياسات الحالية التي لم ترى مصر مثلها من قبل، توسيع هذا الخرم هو محاولتنا لصنع طوق نجاة لنا جميعا قبل أن تغرق السفينة ونغرق معها.

قررنا من اللحظة الأولى أن نوسع الخرم، (لنا) و(لهم)، لنا نحن الذين لا نريد سوى أن نتكلم، ولهم هؤلاء الذين فقدوا قوت يومهم ورزق أطفالهم وجزء من أحلامهم بصحافة حرة أو على الأقل حياة كريمة، وتشردوا بعد غلق مواقعهم نتيجة الحجب.

إلى كل الزملاء في المواقع المحجوبة وخاصة تلك التي أغلقت ولم تستطع الوقوف طويلا في وجه القمع والحجب، هذه محاولتنا التي نتمنى أن تمر ربما نمر سويا.

Leave a Reply