المنظمات: القضية شابها العديد من الانتهاكات وكانت أقرب إلى المحاكمة الجماعية التي لا تحقق الحد الأدنى من معايير التقاضي الجنائي
المبادرة المصرية : التوسع غير المسبوق في استخدام عقوبة الإعدام في السنوات الماضية لم يَحُل دون تصاعد وتيرة التهديدات الأمنية
انتقدت ثلاثة منظمات حقوقية الحكمَ الصادرَ في يوم السبت 8 سبتمبر 2018 عن محكمة جنايات القاهرة في القضية رقم 34150 لسنة 2015 جنايات مدينة نصر أول والمقيدة برقم 2985 لسنة 2015 كلي شرق القاهرة، والمعروفة إعلاميًّا باسم “فض اعتصام رابعة”.
وقضت المحكمة بالإعدام على 75 متهمًا وبالسجن المؤبد على 47 متهمًا آخرين، وبالسجن المشدد 15 سنة على 374 متهمًا وبالسجن عشر سنوات على متهم واحد و5 سنوات على 215 متهمًا من بينهم المصور محمود أبو زيد، المعروف باسم شوكان، كما قضت بانقضاء الدعوى الجنائية عن خمس متهمين لوفاتهم.
وقالت المنظمات الموقعة على البيان، وهي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمفوضية المصرية للحقوق والحريات ومركز عدالة للحقوق والحريات إن القضية شابها العديد من الانتهاكات وكانت أقرب إلى المحاكمة الجماعية التي لا تحقق الحد الأدنى من معايير التقاضي الجنائي والحمايات والحقوق التي يضمنها القانون.
وقالت المنظمات إنه عند قيام المحكوم عليهم بالطعن بالنقض على الحكم، سيصبح الحكم الذي تصدره محكمة النقض حكمًا باتًّا نهائيًّا لا يجوز الطعن عليه مرة أخرى وفقًا للتعديلات الأخيرة على قانون الإجراءات الجنائية.
والمحكوم عليهم بالإعدام حضوريًّا 44 متهمًا من ضمنهم صفوت حجازي، ومحمد البلتاجي، وعصام العريان، وعبد الرحمن البر، وطارق الزمر، وعاصم عبد الماجد، وعمر زكي، وأسامة ياسين، ووجدي غنيم. والمحكوم عليهم بالإعدام غيابيًّا 31 متهمًا. وقد أسندت النيابة إلى المتهمين اتهامات عديدة، من بينها: تدبير تجمهر مسلح والاشتراك فيه بميدان رابعة العدوية، وقطع الطرق، وتقييد حرية الناس فى التنقل، والقتل العمد مع سبق الإصرار للمواطنين وقوات الشرطة المكلفة بفض تجمهرهم، والشروع فى القتل العمد، وتعمد تعطيل سير وسائل النقل.
ونوهت المنظمات الموقعة على البيان إلى انه سبق للمبادرة المصرية أن وثقت وقائع القتل خارج إطار القانون عند فض اعتصامي رابعة والنهضة، وما سبق الفض كذلك من اقتتال أهلي وعنف طائفي وعنف من قِبَل الدولة طوال شهر يوليو 2013 وصولًا إلى وقائع فض الاعتصامين في تقريرها “أسابيع القتل” الصادر في يونيو 2014. وقد قامت حكومة الرئيس السابق عدلي منصور بتشكيل “اللجنة القومية لتقصي حقائق أحداث العنف التي واكبت ثورة 30 يونيو” وعلى الرغم من تعهد الحكومة الرسمي بالالتزام بمخرجات تقريرها وتوصياته فإن الحكومة لم تفِ بوعدها بضمان تحقيق كامل ومستقل ومحايد في جميع أحداث العنف بما فيها وقائع القتل أثناء فض اعتصام رابعة العدوية.
ويعتبر هذا الحكم هو الأول في قضية بهذا الحجم الذي يصدر بقرارات إدانة كل المتهمين في القضية (739 شخصًا إجماليًّا) بلا استثناء واحد, وهو ما يدعو إلى الشك في تحديد المسئولية الجنائية الفردية لكل من قامت المحكمة بإدانتهم والذين تضمنوا 22 حَدَثًا وصحفيين كانوا يقومون بمهام عملهم الصحفي، مثل: المصور محمود أبو زيد (شوكان) والذي عوقب بالسجن خمس سنوات قضاهم جميعًا في فترة الحبس الاحتياطي.
وأوضحت المنظمات أن الحكم بوضع جميع المدانين المعاقبين بالسجن لفترات مختلفة تحت المراقبة الشرطية لمدة 5 سنوات (وهو الحد الأقصى الذي يسمح به القانون) بعد خروجهم من السجن استنادًا إلى نص المادة 28 من قانون العقوبات، يعد عقوبة إضافية طبقت على كل المدانين بدون تفريق رغم أن نفس المادة تجيز للقاضي تخفيض مدة المراقبة أو “أن يقضي بعدمها جملة”.
تعود أحداث القضية إلى 14 أغسطس 2013 عندما فضت قوات اﻷمن اعتصام أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي بميداني رابعة العدوية والنهضة، والذي أسفر عن سقوط ما يقرب من 900 قتيل في مذبحة تعد هي اﻷكثر فداحة في تاريخ مصر القريب.
وأكدت المنظمات الموقعة على البيان على أن الاستمرار في إصدار أحكام إعدام لا يضمن تحقيق العدالة، وبخاصة في ظل تصاعد وتيرة أحكام الإعدام في القضايا المختلفة منذ بداية هذا العام، إذ صدرت أحكام بإعدام 102 شخص في شهر أغسطس فقط.
من جانبها جددت المبادرة تأكيدها على أن التوسع غير المسبوق في استخدام عقوبة الإعدام في السنوات الماضية لم يَحُل دون تصاعد وتيرة التهديدات الأمنية، بل أهدرت الفرصة لإجراء حوار مجتمعي شفاف وجاد حول أبعاد تلك التهديدات وأنجع السبل لمواجهتها.