المنظمة تطالب لبنان بتعديل قانون الجنسية البالي لضمان حصول أطفال وأزواج اللبنانيات على الحق بالجنسية
طالبت “هيومن رايتس ووتش” اليوم لبنان بتعديل قانون الجنسية البالي لضمان حصول أطفال وأزواج اللبنانيات على الحق بالجنسية أسوة بزوجات وأطفال الرجال اللبنانيين.
وقالت المنظمة إن القانون الحالي يميز ضد النساء المتزوجات من أجانب وأطفالهن وأزواجهن عبر حرمان هؤلاء من الجنسية. وهو ما يؤثر على حياة الأطفال والأزواج من جميع النواحي، بما في ذلك الإقامة القانونية وإمكانية الحصول على عمل والتعليم والخدمات الاجتماعية والعناية الصحية، كما يعرّض بعض الأطفال لخطر انعدام الجنسية. على لبنان أن ينهي جميع أشكال التمييز ضد النساء اللبنانيات وأزواجهن وأطفالهن في قانون الجنسية.
وأشارت المنظمة إلى أن لبنان لا يزال متأخرا عن العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثل تونس، الجزائر، مصر، المغرب، واليمن، والتي تقدم حقوقا متساوية في الحصول على الجنسية لأطفال النساء والرجال. أما العراق وموريتانيا، فتعطيان الجنسية للأطفال المولودين داخل البلد. قالت مي: “في لبنان، لدينا انطباع أننا متقدمون. يبدو كأن النساء لديهن حقوق، لكن في القوانين، لا نزال متأخرين، ووضعنا أسوأ من وضع البلدان العربية”.
قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “على البرلمان أن يعدّل قانون الجنسية الذي يعود إلى حقبة الانتداب الفرنسي والذي يسبب معاناة لا توصف منذ أكثر من 90 عاما بدون أي مبرر. يشكّل تأمين حصول أطفال وأزواج اللبنانيات على حقوق أساسية مثل التعليم والعمل خطوة في الاتجاه الصحيح، غير أن التدابير المربكة والمفرَّقة ليست بديلا عن المساواة في المواطَنة”.
يسمح قانون الجنسية اللبناني الذي يعود إلى 1925 لزوجات اللبنانيين الأجنبيات، ولكن ليس الأزواج الأجانب للبنانيات، بالحصول على الجنسية اللبنانية بعد مرور سنة على تسجيل الزواج. كما يمنح القانون الجنسية لكل طفل مولود من أب لبناني، وكل طفل مولود على الأراضي اللبنانية ولم يثبت أنه اكتسب بالبنوة عند الولادة جنسية أجنبية، ولكل طفل مولود على الأراضي اللبنانية من والدين مجهولين أو والدين مجهولي الجنسية. بالتالي فإن أطفال اللبنانيات من آباء مجهولين لديهم إمكانية أكبر بالمطالبة بالجنسية من الأطفال الذين لديهم آباء أجانب معروفون.
وأوضحت المنظمة أن على الأبناء والبنات والأزواج غير اللبنانيين أن يجددوا أوراق إقامتهم في لبنان كل سنة إلى 3 سنوات. كما يحتاجون إلى إجازة للعمل في لبنان، ويواجهون العديد من العقبات أو يُمنعون من مزاولة بعض الأعمال، ويتعرضون للتمييز في سوق العمل. يُحرمون من الانتساب إلى الضمان الصحي أو الحصول على الخدمات الطبية المدعومة من الحكومة، بالرغم من أن عليهم أن يدفعوا الرسوم اللازمة في حال كانوا يعملون، بالإضافة إلى العقبات البيروقراطية التي تواجههم في حال أرادوا الالتحاق بالمدارس الرسمية أو “الجامعة اللبنانية”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على لبنان تعديل قانون الجنسية لمنح أبناء وبنات وأزواج اللبنانيات الجنسية وإنهاء التمييز في ظلّ هذا القانون. في هذا الوقت، على وزارات العمل والصحة والتربية اعتماد وتعميم قرارات لمعاملة أطفال وأزواج اللبنانيات مثل باقي اللبنانيين، لضمان عدم حرمانهم من حقوقهم والخدمات الأساسية.
وأطلق ناشطون لبنانيون حملات منذ عقدين للمطالبة بتعديل قانون الجنسية بمساعدة منظمات غير حكومية مثل “مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي” و”مصير”.
ونوهت المنظمة إلى أن الحجج التي يرددها السياسيون اللبنانيون من أن السماح للبنانيات المتزوجات من فلسطينيين بإعطاء الجنسية لأطفالهن وأزواجهن الذين يعيشون في لبنان يؤدي إلى زعزعة التوازن الطائفي. هي تبريرات تميزية مشيرة إلى أن تعداد للفلسطينيين في لبنان في 2016 فقط 3,707 حالة لرب أسرة فلسطيني متزوج من امرأة من جنسية مختلفة.
وأشارت هيومان رايتس واتش إلى أنه قبل انتخابات 2018 النيابية في لبنان، أعلن العديد من السياسيين، بمن فيهم وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق، عن دعمهم لإعطاء المرأة اللبنانية الجنسية لأطفالها. مشيرة إلى أن ذلك جاء في رد على رسالة من هيومن رايتس ووتش، كما وعد العديد من المرشحين في الانتخابات النيابية وحزبان سياسيان بارزان بتعديل قانون الجنسية اللبناني لضمان إعطاء المرأة اللبنانية الجنسية لأطفالها. وفي 6 أغسطس تقدّم “الحزب التقدمي الاشتراكي” باقتراح لتعديل قانون الجنسية للسماح للبنانيات بإعطاء الجنسية لأطفالهن وأزواجهن غير اللبنانيين، على قدم المساواة مع الرجال اللبنانيين، لكن لم تُتّخذ أي إجراءات عملية منذ ذلك.
ويميّز لبنان ضد النساء اللبنانيات المتزوجات من أجانب عبر حرمان أبنائهن وبناتهن وأزواجهن من حقهم بالحصول على الجنسية أسوة بأبناء وبنات وزوجات الرجال اللبنانيين. يشكّل هذا التمييز انتهاكا للقانون الدولي والدستور اللبناني، الذي تضمن المادة 7 منه المساواة بين جميع اللبنانيين. حثت لجان عديدة للأمم المتحدة لبنان على تعديل قانون الجنسية، بما فيها، “لجنة حقوق الإنسان”، “لجنة حقوق الطفل”، “اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة”، “لجنة القضاء على التمييز العنصري”، و”لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.
وقال أبناء وبنات غير لبنانيين لـ هيومن رايتس ووتش إنهم بالرغم من شعورهم بلبنانيتهم، عدم حصولهم على الجنسية ينزع عنهم هويتهم. قالت أنجيلا (28 عاما) التي تعيش في فرنسا: “أنا أشعر بأن المجتمع اللبناني لا يعترف بي كنصف لبنانية. لأن نصفي اللبناني يأتي من أمي، أصبحت وكأنني لست فعلا لبنانية”. أما هنادي التي لديها 4 أبناء مولودين في لبنان وعاشوا كل حياتهم في لبنان مع زوجها السوري، فقالت: “قضية الجنسية تُشعرنا بأن شيئا ما قد سُرق منّا. حق لم نحصل عليه. أطفال جزء مني، لكنهم يعامَلون كغرباء. دمهم لبناني. ألا يسمى الوطن، الوطن الأم؟ أنا أمهم”.
قالت جويل (42 عاما)، إنها لا تعرف كيف ستخبر طفليها أنهما ليسا لبنانيين: “بعد سنوات قليلة سأضطر لأقول لهما ’لستما لبنانيين‘. لا أعرف كيف سأخبرهما، ولا ما سيكون رد فعلهما. كيف تقول لطفلك إن أعز أصدقائه لبناني لكن هو ليس لبنانيا؟ أتمنى أن نكون قد انتهينا من هذا القانون الرجعي عندما يكبران”.
قالت منال: “الناس يعاملونكِ بطريقة مختلفة، كأنكِ أقل قيمة منهم. حتى لو حصلتِ على الشهادات وكنت متعلمة، أنت أقل… يشعرونكِ أنك بلا قيمة”.