سجن عهد الجائر يذكرنا باستخدام الاحتلال للمحاكم العسكرية ضد من يواجهون سياساته وتوسيع المستوطنات دون اعتبار لسن
العفو: الجيش الإسرائيلي يلاحق مئات الأطفال بالمحاكم العسكرية سنويا بعد اعتقالهم في مداهمات ليلية وتعريضهم بشكل ممنهج لسوء المعاملة
قالت منظمة العفو الدولية إن الإفراج عن الطفلة الناشطة المسجونة من قبل الجيش الإسرائيلي، بسبب دفعها وصفعها وركلها لجنديين مدججين بالسلاح يرتديان ملابس واقية، نبأ يستحق الترحيب، لكنه بمثابة تذكير باستمرار انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان ضد الأطفال الفلسطينيين.
وكان الكيان الصهيوني قد أطلق سراح عهد التميمي البالغة من العمر سبعة عشر عاماً، يوم الأحد الماضي بعد الحكم عليها ظلماً بالسجن 8 أشهر، من قبل محكمة عوفر العسكرية في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.
هذا، ويلاحق الجيش الإسرائيلي مئات الأطفال الفلسطينيين في المحاكم العسكرية كل عام، وغالبًا بعد اعتقالهم في مداهمات ليلية، وتعريضهم بشكل ممنهج لسوء المعاملة، بما في ذلك عصب العينين، والتهديدات، وعمليات الاستجواب القاسية دون حضور محاميهم أو عائلاتهم، والحبس الانفرادي، وفي بعض الحالات العنف البدني.
وتقوم المحاكم العسكرية بمحاكمة الفلسطينيين لانتهاكهم الأوامر العسكرية، التي يجرم العديد منها الأنشطة السلمية مثل التعبير السياسي السلمي، أو تنظيم وحضور الاحتجاجات دون إذن مسبق من أحد القادة العسكريين الإسرائيليين.
وقال صالح حجازي، رئيس مكتب منظمة العفو الدولية بالقدس: “هذه الأنباء مدعاة لارتياح كبير بالنسبة لأحباء عهد التميمي، إلا أن فرحتهم مشوبة بشعور بالظلم من جراء سجنها، والحقيقة المرة بأنه لا يزال الكثير من الأطفال الفلسطينيين يرزحون في السجون الإسرائيلية، على الرغم من عدم ارتكابهم لأي جريمة معترف بها”.
وتابع : “ويجب ألا يخفي إطلاق سراح عهد التميمي القصة المعتادة والمستمرة للجيش الإسرائيلي باستخدام سياسات تمييزية لسجن الأطفال الفلسطينيين. فسجنها الجائر يذكرنا بكيفية استخدام الاحتلال الإسرائيلي للمحاكم العسكرية التعسفية لمعاقبة أولئك الذين يواجهون الاحتلال، وسياسات توسيع المستوطنات غير القانونية، دون أي اعتبار للسن “.
وأضاف حجازي قائلاً: “لا يزال مئات الأطفال الفلسطينيين يواجهون الظروف القاسية وإساءة استخدام نظام السجون الإسرائيلي الذي يتنافى مع مبادئ قضاء الأحداث، ومعايير معاملة السجناء”.
أدينت عهد التميمي بتهمة التحريض والاعتداء البدني وعرقلة عمل الجنود الإسرائيليين بعد أن انتشر مقطع فيديو على فيسبوك يظهر دفعها وصفعها وركلها لجنديين إسرائيليين في قريتها النبي صالح في 15 ديسمبر 2017.
ففي 19 ديسمبر 2017، اعتقلت عهد التميمي بعد أن نشرت والدتها ناريمان التميمي، وهي ناشطة بارزة أيضاَ، لقطات لمشاهدتها مع الجنود الإسرائيليين عبر الإنترنت. كما تم إطلاق سراح ناريمان التميمي اليوم، بعد أن حُكم عليه بالسجن لمدة ثمانية أشهر بتهم مشابهة.
وأكدت المنظمة أن مئات الأطفال الفلسطينيين لازالوا يواجهون الظروف القاسية وإساءة استخدام نظام السجون الإسرائيلي الذي يتنافى مع مبادئ قضاء الأحداث، ومعايير معاملة السجناء
وأبلغ بسام التميمي، والد عهد التميمي، منظمة العفو الدولية أنه على الرغم من فرحة أسرته بالترحيب بإطلاق سراح عهد وناريمان، إلا أنه لا يزال قلقاً بشأن ابنه وعد الذي اعتقل في مايو. وقد تم احتجاز الشاب البالغ من العمر 22 عاماً في سجن عوفر العسكري منذ ذلك الحين، حيث يواجه تهم بسبب نشاطه ضد الاحتلال.
وتابع التميمي: “لا يزال ابني في السجن الإسرائيلي طوال مدة إجراءات المحكمة العسكرية ضده، وهو ما يذكرنا بأن الاحتلال الإسرائيلي يسعى دائماً إلى معاقبتنا لأن وجودنا يتناقض مع وجود الاحتلال. لذا أدعو أعضاء المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليتهم إزاء شعبنا، واتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء استمرار هذا الظلم “.
“فهذا يوم نشعر فيه بالارتياح، ونأمل أن يتحول إلى سعادة بمجرد أن يخرج هذا الاحتلال العسكري الوحشي من حياتنا”.
ويظهر الفيديو الذي التقطته ناريمان التميمي أن الجنديين، اللذان كانا يقفان على حافة الفناء الأمامي للأسرة المحاط بجدار، مسلحان ببنادق هجومية، قد تمكنا بسهولة من إبعاد صفعات وركلات عهد التميمي.
ومضى حجازي قائلاً: “لقد أطلق سراح عهد التميمي، ولكن بعد أن قضت عقوبة جائرة على أساس الافتراض المثير للسخرية بأنها تشكل تهديدًا لجنود محميين ومدججين بالسلاح”.
“الحقيقة هي أنها سجنت في محاولة صارخة من قبل السلطات الإسرائيلية لتخويف أولئك الذين يجرؤون على تحدي القمع الوحشي المستمر على أيدي قوات الاحتلال”.
ويوجد حالياً حوالي 350 طفلاً فلسطينياً في السجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية، وفقاً لمنظمات حقوق الإنسان المحلية.
واختتم صالح حجازي قائلاً: “في حين أن الإفراج عن عهد أمر مرحب به، وطالما طال انتظاره، يجب أن يتبع ذلك الإفراج عن الأطفال الآخرين الذين تم سجنهم بشكل غير قانوني من قبل المحاكم العسكرية الإسرائيلية”.
خلفية
واجهت عهد التميمي الجنود وسط إحدى التظاهرات في قرية النبي صالح الصغيرة ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ووقع الحادث في نفس اليوم الذي أصيب فيه أحد أبناء عمها، البالغ من العمر 15 عاماً، محمد التميمي، بجروح خطيرة، بعد أن أصيب في رأسه من مسافة قريبة برصاص مطاطي أطلقه جندي إسرائيلي.
منذ 2009، وقرية النبي صالح، الواقعة شمال غرب رام الله بالضفة الغربية المحتلة، مسرح لاحتجاجات يومية منتظمة ضد الاحتلال العسكري الإسرائيلي، والاستيلاء على أراضيها، وفقدان مصدر المياه لسكانها.
ويستخدم الجيش الإسرائيلي بشكل معتاد القوة المفرطة ضد المتظاهرين والمارة، وفي كثير من الأحيان يقوم بإتلاف الممتلكات الخاصة عمداً. ومنذ 2009، قُتل ثلاثة من سكان قرية النبي صالح على أيدي الجنود الإسرائيليين، وعانى آخرون من إصابات ناجمة إطلاق الذخيرة الحية والأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط والغاز المسيل للدموع.