نشرت “هيومن رايتس ووتش”، شهادات مجمعة من المهاجرين الأفارقة في الجزائر، بعدما رحلت الحكومة الجزائرية ألاف الرجال والنساء والأطفال منذ يناير الماضي، إلي النيجر ومالي في ظروف وصفها التقرير “باللإنسانية” دون النظر إلي وضعهم القانوني في الجزائر أو وضعيتهم الهشة.
وأجرت “هيومن رايتس وتش” مقابلات مع 30 مهاجرا من جنوب الصحراء من جنسيات مختلفة، قالوا إن السلطات الجزائرية داهمت مناطق يعرف أن المهاجرين يعيشون فيها والبعض الأخر منهم اعتقلتهم من الشوارع، وخلال المداهمات الأمنية التي لحقت الأحياء التي يتركز فيها المهاجرون، قال أحد المهاجرين أن الأمن قال لهم: “أنتم جميعا غير شرعيين هنا، لا يحق لكم أن تكونوا فى الجزائر”.
بعض الشهادات التي وثقتها “هيومن رايتس وتش” أكدت أن المهاجرين تعرضوا للضرب، ورفضت طلباتهم بأخذ أموالهم وممتلكاتهم معهم وفى مناسبات عدة سرقت هواتفهم المحمولة، كما أدت عمليات الطرد إلى فصل العائلات.
وقالت “إيمان ويل”، في شهادتها بالتقرير على سبيل المثال: “أنها كانت حاملا في شهرها الثامن وتعيش مع طفلها ذي العامين في وهران ووصلت الشرطة إلى حيها المسمى “كوكا” في الرابعة صباحا واعتقلت جميع أصحاب البشرة الداكنة دون السماح لهم بأخذ ممتلكاتهم وأموالهم”.
فيما أرفق التقرير قول وزير الداخلية نور الدين بدوي في مقاله لوكالات الأنباء، أن إعادة المهاجرين تتم بناء على طلب بلدهم الأصلي”، فيما لا يعرف عدد إجمالي المهاجرين الذين طردوا من الجزائر منذ بداية الطرد الجماعي في ديسمبر 2016.
ويذكر أن الجزائر طرف في “الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم” (اتفاقية العمال المهاجرين)، التي تحظر الطرد الجماعي للعمال المهاجرين وعائلاتهم وتتطلب فحص كل طرد محتمل بشكل فردي. تنطبق الاتفاقية على جميع العمال المهاجرين وأسرهم، بغض النظر عن وضعهم القانوني أو عملهم.
وتم مقابلة في جنوب الصحراء مع مهاجرين من بلدان غير النيجر، طُردوا قسرا عبر الحدود إلى النيجر أو تمكنوا من تفادي الترحيل في آخر لحظة. قال الذين اعتقلوا إما في الجزائر العاصمة أو وهران إن السلطات أوقفتهم في مجموعات، لاسيما في وقت متأخر من الليل أو في الصباح الباكر، واقتادتهم إلى مركز اعتقال لليلة أو ليلتين. كان المعتقلون في الجزائر العاصمة محتجزين في مخيم في زرالدة، على بعد حوالي 30 كيلومتر من العاصمة. وضع المعتقلون في وهران في مركز احتجاز في بئر الجير بوهران.
وفقا للتقرير أيضا جرت محاكمة 70 مهاجرا وفقا للتقرير بتهمة “الدخول غير القانوني إلى الأراضي الجزائرية” و “الدعارة”، وأدينوا في اليوم نفسه وحُكم عليهم بالسجن 6 أشهر مع وقف التنفيذ. وصفوا بشكل متسق محاكماتهم باللغة العربية، دون وجود مترجمين أو محامي دفاع، ولا فرصة حقيقية للدفاع عن النفس.
وأضاف التقرير أنه لم يحدث لأي من المهاجرين الذين تم مقابلتهم أن اخبر عند اعتقاله بحقوقه كأجنبي في الجزائر أو بموجب قانون دولي بما في ذلك حقه في التمثيل القانوني، الذي تكفلنه اتفاقية العمال المهاجرين.
أرفق التقرير في نهايته أن القانون الدولي يقر بأنه يمكن للدولة المستضيفة نقل طالب اللجوء إلي دولة ثالثة يمكن فيها النظر إلي فى طلب اللجوء لكن المبادئ التوجيهية لمفوضية اللاجئين بشأن ” ترتيبات النقل الثنائية أو متعددة الأطراف لطالبي اللجوء ” تضع العديد من الشروط لهذا النقل منها تقيما فرديا لكل حالة مع احترام الضمانات الإجرائية وانه يبدو أن الجزائر لم تتبع تلك المبادئ قبل ترحيل طالبي اللجوء في الحالات التي تم توثيقها من قبل المنظمة.