بطولات خالدة لكل الذين واجهوا الموت ولهيب النيران لينقذوا حياة أناس ومرضى وجدوا أنفسهم فجأة أمام السنة النيران
طبيب لـ«كاتب»: تحركنا بشكل عفوي .. وفي ساعة واحدة أخلينا 180 مريضًا
طبيب يمني الجنسية أول من تحرك لإنقاذ الأطفال.. وعم رضا دخل وسط النار وحمل طفلين
طبيب: «قفلنا على نفسنا باب العمليات وأكملنا عملنا والنار فوقنا».. اللهم أجرنا في مصيبتنا
حسام عبد الغفار: «محدش قرر يجرى وقال يلا نفسي».. تشعر بالفخر لأنك منتمي للناس دول بشكل أو بآخر
الأحداث وحدها تكشف معادن الناس خاصة حين يضحي البعض بحياته ويعرض نفسه للخطر أملا في أن ينقذ حياة غيره، فقد شهد السبت الماضي ملحمة بطولية سطرها أطباء وممرضو وعمال مستشفى الحسين الماضي، بعدما شب حريق ضخم في المستشفى المليئ بالمرضى، وفي ثوان تحول الجميع لعمال إنقاذ يحملون المرضى لأماكن آمنة، ويعالجون المصاب.
خرج الطبيب عن وقاره وهرول في طرقات المستشفى يحمل مريضًا أو مصابًا أو مصدومًا من هول المفاجئة، مرت الأزمة لكنها لم تنس أن تُسجل بطولات خالدة لكل الذين واجهوا الموت ولهيب النيران لينقذوا حياة أناس لا يعرفونهم ومرضى وجدوا أنفسهم فجأة أمام السنة النيران.
أطباء أكدوا أنهم أكملوا عملهم في غرف العمليات وهم يشاهدون النيران بالقرب منهم، كان الامتحان مفاجئًا وكانت النتيجة أكثر من رائعة عبر فيها العاملون بالمستشفى وحصلوا على درجة «الإنسانية» بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف.
يقول الدكتور محمد عمر، أحد أطباء المستشفى: «الناس اتحركت من تلقاء نفسها بمجرد حدوث الحريق».
ويضيف في تصريحات لـ«كاتب»: «عم رضا، أحد العمال بالمستشفى، دخل وسط النار وشال طفلين، ودخل تاني وشال مرضى».
ويقول الطبيب: «ناس كان ممكن تموت بنسبة 100، كل هذا الحادث تم في ساعة واحدة، وتم إخلاء 180 مريضًا من الأقسام والمبنى».
وتابع الطبيب: «عبدالله صالح طبيب يمني الجنسية، كان أول واحد بيجري ينقذ الأطفال من الخامس، وأول واحد طلع اطمن على المرضى فى القسم بتاعنا ودايما كنت شايفة جنبى فى كل مكان غرقان مياه وعرق وبيدمع من الدخان».
ويؤكد الطبيب: «لازم يكون فيه خطة من الدولة في الأماكن دي لمواجهة الحريق، كل مكان لازم تتفعل فيه إجراءات السلامة المهنية».
واختتم الطبيب حديثه قائلا: «ربنا أنقذنا من كارثة حقيقية عشان إحنا شعب طيب».
طبيب شاب روى تفاصيل الحادث، وأكد الطبيب في الشهادة التي تداولتها «جروبات» الأطباء على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الأطباء والممرضين قاموا بأدوار بطولية لإنقاذ المرضى، وإكمال العمليات الجراحية وسط النيران.
وإلى نص الشهادة:
«أنا كنت في الحريق اللي حصل في مستشفي الحسين النهاردة وعيشته لحظة بلحظة
وبعيدا عن سبب الحريق أو الخساير اللي سببها أنا حابب انقل واقع عيشته لمده ساعتين واكتر.
مستشفى الحسين بيخدم قطاع كبير جدا من المرضى، وناس كتير بتسافر من محافظات بعيده ومتبهدلة عشان عمليه أو محجوزة في المستشفى لتلقي العلاج.
وقت ما قام الحريق كنت في العمليات، قفلنا على نفسنا باب العمليات الرئيسي والنار فوقنا لمدة ساعة عشان الحالات متخدرة ومفتوحة ولازم العملية تكمل، الحريق كان في 3 أدور تحت بعض، لما طلعت لقيت زمايلي نواب القلب ونواب الصدر وبنات التمريض بـ100 راجل والعمال بيجروا بالسراير وبينقلوا المرضى بعيد عن الحريق وكان في حالات اختناق كتير من المرضى، بيحاولوا يسعفوهم والدخان مالي المكان، وفي نفس الوقت كانوا بينسقوا مع زمايلنا في مستشفى سيد جلال الجامعي ومستشفى الزهراء عشان يستقبلوا الحالات.
نزلت الدور اللي تحته لقيت نواب الرمد نفس الحال شفت اتنين دكاترة زمايلي شايلين مرضى كبار في السن على أيديهم والله ونازلين على السلم.
العمال والتمريض والطلبة والدكاترة هما اللي أنقذوا الناس حرفيا في ظل تأخر المطافئ والإنقاذ اللي على بعد 5 دقايق من المستشفي، وأخلوا مبنى كامل بدون خساير بشرية ولا وفيات، اللى فى أول صورة دول 2 دكاترة قلب واللي بيجري وراهم عم رضا عامل في المستشفي (بطل اليوم بالنسبه لي) كانوا بيجروا عشان يطلعوا حالات من جوه ويدخلوا يجيبوا غيرهم.
دي أكتر صورة مشرفة بالنسبة لي وهفضل أفتخر بيها وإن محدش فيهم جري وقال يالا نفسي في وقت موت حرفيا زي ده، وعاوز أشكر شباب أطباء القلب خاصة اللي دخلوا وسط النار عشان يطلعوا أجهزة التنفس الصناعي ونزلوا بيها على كتافهم ووضعوها جنب المصابين بعد نقلهم.
وفي خلال دقايق كانوا استلموا 9 حالات من رعاية الصدر ورعاية الباطنة والطوارئ ووضعهم علي تنفس صناعي والعناية بهم كانوا كالنحل والله وأنقذوا مرضى كانوا على بعد دقايق من الموت ..اللهم لك الحمد.
ويظل معتقدي ثابت إن الطبيب هو اكتر إنسان بيخاف على حياة المريض مش لأي سبب غير لأنه اكتر واحد مقدر ظروفه وحاسس بألمه فكل لحظه كان بيدرس ويتعلم فيها طبيعة مرضه وإزاي يعالجه.
حزين جدا على المكان اللي اتعلمنا فيه يحصل فيه كده، وحزين أكتر على الناس الغلابة الضعيفة اللى بيستفادوا من الأماكن اللي زى مستشفى الحسين الجامعى، اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلفنا خيرا منها، وحسبنا الله ونعم الوكيل في كل مقصر وصلنا للحال ده».
يقول الدكتور حسام عبد الغفار، الأمين العام المساعد للمستشفيات الجامعية: «لما يحصل حريق في مستشفى بحجم الحسين الجامعى وينتهي دون خسائر في الأرواح رغم ضخامة التلفيات اللي في المبنى تعرف على طول أن فيه جراح قدر يشتغل بسرعة الصاروخ تحت ضغط ناس بتصرخ وتقول (حريقه) عشان في رقبته عيان مفتوح على الترابيزة ومينفعش يسيبه، وتعرف كمان أن فيه دكتور تخدير واقف جنب الجراح وبمنتهى الهدوء مستنى يصحي الحالة عشان ياخدها على التروللى ويطلع يجرى بره المستشفى».
وأضاف: «تعرف كمان إن فيه طقم تمريض عرف يجرى وسط النار والرماد شايل أكياس دم وبلازما وبيزق عيانين على كراسي متحركة يخرج بيهم بسرعة بره المستشفى، تعرف إن فيه عمال ساهموا في الإخلاء بمنتهى الإخلاص عشان يحافظوا على كل روح وأن اللى حصل ده سببه إن محدش قرر يجرى وقال يلا نفسي، وبالتالى تشعر بالفخر لأنك منتمي للناس دول بشكل أو بآخر، شكرا لأبطال مستشفى الحسين الجامعي».
من جانبها أصدرت النقابة العامة للأطباء بيانا لشكر فريق عمل مستشفى الحسين الجامعي، وقالت النقابة إنها تلقت خبر الحريق الذي نشب بقاعة الاجتماعات بالطابق الرابع بمستشفى الحسين الجامعي، وإذ تعبر النقابة عن أسفها الشديد للحادث فإنها تتوجه بجزيل الشكر والتقدير لجميع الأطباء والعاملين بالمستشفى الذين قاموا بدورهم علي أكمل وجه وأشرفوا علي عملية الإخلاء ونقل مرضاهم حريصين كل الحرص ألا يمسهم أي أذى.
وزار الدكتور أسامة عبد الحي وكيل النقابة المستشفى وعقد جلسة مع عميد الكلية ومدير المستشفي مؤكدا على تضامن مجلس النقابة بالكامل مع إدارة المستشفى والاستعداد لتقديم العون للزملاء الأطباء مع الحرص على عوده العمل بالمستشفى في أسرع وقت.
من جانبه كشف الدكتور أحمد سليم، مدير عام مستشفيات جامعة الأزهر، تفاصيل الحريق الهائل الذي اندلع بمستشفى الحسين الجامعي، مشيرًا إلى نشوب الحريق في الساعة الثانية ونصف مساء أمس، نتيجة ماس كهربائي بالطابق الرابع.
وقال مدير عام مستشفيات الأزهر، إن قوات الحماية المدنية وإدارة السلامة والصحة المهنية، وصلت إلى موقع الحريق فور ظهور الدخان الكثيف، ذلك بالإضافة إلى 10 سيارات إطفاء أرسلتها وزارة الصحة.
وأكد عدم وجود أي خسائر في الأروح، لافتًا إلى نقل المرضى بالرعاية المركزة والطابقين الخامس والسادس إلى الفناء الخارجي عبر مبنى الطوارئ، ومنه تم إرسالهم إلى مستشفيات؛ باب الشعرية، الزهراء، المنيرة، الفاطمية، التابعين لجامعة الأزهر.