قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن إحدى محاكم الاستئناف في لبنان أصدرت قرارا في 12 يوليو 2018 بأن العلاقة الجنسية بالتراضي بين أشخاص من نفس الجنس ليست مخالفة للقانون.
جاء الحكم في أعقاب أحكام مماثلة من المحاكم الدنيا، رفضت إدانة المثليين ومتحولي الاجتماعي بـ “المجامعة على خلاف الطبيعة”، في 4 أحكام منفصلة بين 2007 و2017. هذا أول حكم من نوعه من محكمة الاستئناف، ويدفع لبنان إلى الأمام على مسار إلغاء تجريم السلوك المثلي.
وقالت نيلا غوشال، باحثة أولى في حقوق المثليين/ات، مزدوجي/ات التوجه الجنسي، ومتحولي/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم) في هيومن رايتس ووتش: “هذا الحكم مؤشر على أفق جديد لأعضاء مجتمع الميم في لبنان، الذين طالما تعرضوا للاضطهاد بموجب قوانين تمييزية. عمليا، أمرت المحكمة الدولة بالخروج من غرف نوم الناس”.
وقالت هيومان رايتس واتش إنه لطالما طالب النشطاء في لبنان بإنهاء استخدام المادة 534 من قانون العقوبات لمقاضاة السلوك المثلي بالتراضي. القانون هو من بقايا الاستعمار، وضعه الانتداب الفرنسي في أوائل القرن الـ20، ويعاقب “كل مجامعة على خلاف الطبيعة” بالسجن حتى عام واحد. تم في بعض الأحيان استخدامه بقوة لاضطهاد مجتمع الميم، بشكل يؤثر غالبا على الفئات الضعيفة بشكل خاص، بمن فيها النساء متحولات النوع الاجتماعي واللاجئين السوريين.
ويتعلق الحكم الأخير باعتقال 9 أشخاص عام 2015 في إحدى ضواحي بيروت، اشتبهت الشرطة في أنهم مثليون ومتحولو النوع الاجتماعي. رفضت محكمة جزائية عام 2017 إدانتهم بارتكاب جرم “على خلاف الطبيعة”، حيث قال القاضي إن “لمثليي الجنس الحق في إقامة علاقات إنسانية أو حميمة مع من يريدونه من الناس، دون أي تمييز لجهة ميولهم الجنسية وأي تفاضل أو تدخل من أحد، أسوة بغيرهم من الناس”.
استأنفت النيابة العامة قرار التبرئة في محكمة الاستئناف الجزائية في جبل لبنان، حيث قررت هيئة من 3 قضاة بالأكثرية تأييد حكم البراءة. وقررت المحكمة أنه ينبغي تفسير قانون العقوبات وفقا لـ “المنطق السليم” و”العدالة الاجتماعية”. ووجدت أن العلاقات الجنسية بالتراضي بين البالغين من نفس الجنس لا يمكن اعتبارها “خلافا للطبيعة” طالما أنها لا تنتهك الآداب والأخلاق العامة، على سبيل المثال، “متى حصلت على مرأى من الغير أو مسمعه أو في مكان عام أو متى تناولت قاصرا يجب حمايته”.
قالت يمنى مخلوف، إحدى المحامين الذين يمثلون المتهمين نيابة عن “المفكرة القانونية”، إن القضية مهمة لأن أحكام محكمة الاستئناف تحمل سلطة أخلاقية ومن المرجح أن تكون سابقة قانونية بالنسبة إلى المحاكم الأقل درجة. في حين أن القضاة ليسوا ملزمين قانونا بالالتزام بالسوابق وقد يستمرون في إدانة أشخاص لممارسة السلوك المثلي بموجب المادة 534، قالت مخلوف لـ هيومن رايتس ووتش إنهم من المرجح أن يأخذوا هذا الحكم جديا بعين الاعتبار لدى الحكم في قضايا لاحقة.
ولم تشر السلطات إذا ما كانت ستستأنف الحكم أمام محكمة التمييز، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد.
وقال جورج قزي، المدير التنفيذي لـ “المؤسسة العربية للحريات والمساواة”، التي تدافع عن حقوق مجتمع الميم في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لـ هيومن رايتس ووتش، إن محامي الدفاع عملوا عن كثب مع منظمات حقوق مجتمع الميم لدعم الحجة القائلة إنه ينبغي عدم اعتبار السلوك الجنسي “مخالفا للطبيعة”.
في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في لبنان، دعا العديد من المرشحين البارزين علنا ولأول مرة إلى إلغاء المادة 534. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ما إن يتم تشكيل حكومة جديدة، سيتوجب على البرلمان اللبناني التحرك بسرعة لإلغاء هذه المادة. وقالت غوشال: “رغم التطورات الإيجابية في المحاكم، في الحقيقة لا يزال سجن المثليين في لبنان ممكنا. على النواب اتباع خطى المحاكم وإلغاء المادة 534”.