أصدر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي (الفريق العامل)، وللمرة الثانية منذ 2013، رأياً بشأن قانونية احتجاز الناشط البحريني البارز نبيل رجب، طبقا لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وفي رأيه الثاني هذا، أعرب الفريق العامل عن قناعته بأن اعتقاله لم يكن تعسفياً وحسب، وإنما اتسم أيضاً بالتمييز. وترحِّب منظمات حقوق الإنسان الـ127 الموقعة على هذا البيان بهذا الرأي المفصلي، الذي أعلن في 13 أغسطس 2018، واعترف بالدور الذي يؤديه المدافعون عن حقوق الإنسان في المجتمع، وبضرورة حماية هؤلاء المدافعين. ونحن، بدورنا، نطالب الحكومة البحرينية بأن تفرج فوراً عن نبيل رجب، تماشياً مع هذا الطلب الأخير.
فبحسب الرأي اعتبر الفريق العامل أن احتجاز السيد نبيل رجب يشكل خرقاً للمواد 2 و3 و7 و9 و10 و11 و18 و19 و26 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، الذي صادقت عليه البحرين في 2006. وطلب الفريق من حكومة البحرين “الإفراج عن السيد رجب فوراً ومنحه الحق في التعويض وفي غيره من أشكال جبر الضرر، على نحو قابل للتنفيذ، وطبقاً للقانون الدولي”.
ويشكِّل رأي الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي هذا رأياً مفصلياً، حيث أنه يعترف بأن احتجاز السيد نبيل رجب – رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، والمدير المؤسس لمركز الخليج لحقوق الإنسان، ونائب أمين عام الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وعضو اللجنة الاستشارية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومان رايتس ووتش” – تعسفي في جوهره ويشكّل انتهاكاً للقانون الدولي، نظراً لأنه قد ترتب على ممارسته حقه في حرية الرأي والتعبير، وكذلك في حرية الفكر والضمير؛ وفضلاً عن ذلك، فهو يشكّل “تمييزاً ضده بسبب رأيه السياسي أو غيره من الآراء، وكذلك بسبب وضعه كمدافع عن حقوق الإنسان”. ولذا، فقد وجد الفريق أن احتجاز السيد نبيل رجب تعسفي بطبيعته بمقتضى الفئتين 2 و5، وفق التعريف الذي يعتمده “الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي”.
في 13 يونيو 2016، قبض على السيد نبيل رجب، وهو معتقل منذ ذلك الوقت لدى السلطات البحرينية بتهم عدة تتعلق بحرية التعبير، وتنتهك بحكم طبيعتها حقوقه الإنسانية الأساسية. بينما أيّدت “محكمة التمييز”، في 15 يناير 2018، الحكم الصادر بحقه بالسجن سنتين، وأدانته “بنشر أنباء وإشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للمملكة، بما يقوض سمعة الدولة ومكانتها”؛ وكذلك بـ “الإساءة لدولة أجنبية” – وهي في هذه الحالة المملكة العربية السعودية؛ وبتهمة “إهانة هيئة نظامية”، في إشارة إلى تعليقات كتبها على تويتر في مارس 2015 بخصوص مزاعم تعذيب في سجن جو وإلى انتقادات لقتل المدنيين في نزاع اليمن من قبل التحالف الذي تقوده السعودية. وسيتم نظر القضية المتعلقة بالتغريدات على تويتر لاحقاً من قبل “محكمة التمييز”، وهذه هي الفرصة الأخيرة لكي تقوم السلطات بتبرئته.
وأكد الفريق العامل، في رأيه الجديد، على أن “معاقبة وسائل الإعلام أو الناشرين أو الصحفيين حصرياً بسبب انتقاد الحكومة، أو النظام الاجتماعي السياسي الذي تتبناه الحكومة، لا يمكن أن يعتبر في يوم من الأيام قيداً مستحقاً على حرية التعبير”، كما أكد على أنه “ما كان ينبغي لمحاكمة من هذا القبيل لنبيل رجب أن تعقد فيما مضى، أو أن تعقد في المستقبل”. وأضاف أنه “لا يستطيع إلا الإشارة إلى أن من الواضح تماماً أن آراء ومعتقدات السيد رجب السياسية هي محور القضية الحالية، وأن السلطات قد أظهرت تجاهه وعلى نحو مكشوف موقفاً لا يمكن وصفه إلا أنه تمييزي”.
ومضى الفريق العامل إلى القول إن عدة قضايا تخص البحرين قد عُرضت عليه خلال السنوات الخمس الماضية، و”تبين للفريق العامل فيها أن الحكومة ماضية في انتهاك التزاماتها حيال حقوق الإنسان”. وليضيف أنه “وفي مثل هذه الظروف، فإن ممارسة السجن أو غير ذلك من الأشكال القاسية للحرمان من الحرية التي تشكل انتهاكاً لقواعد القانون الدولي، على نطاق واسع وممنهج، ربما تشكِّل جرائم ضد الإنسانية”.
إن من المؤكد أن قائمة الأشخاص المحتجزين في البحرين لممارستهم حقهم في حرية التعبير والرأي طويلة وتشمل عدة مدافعين بارزين عن حقوق الإنسان، ولا سيما السيد عبد الهادي الخواجه، والدكتور عبد الجليل السنكيس والسيد ناجي فتيل – الذين ذكر “الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي” أسماءهم في مراسلات سابقة مع السلطات البحرينية.
إن منظماتنا تود أن تعيد إلى الأذهان أن هذه هي المرة الثانية التي يصدر فيها الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي رأياً يتعلق بالسيد نبيل رجب. ففي رأيه الذي تبناه في ديسمبر 2013، صنّف الفريق العامل احتجاز السيد نبيل رجب بأنه تعسفي، نظراً لأنه قد ترتب على ممارسته حقاً إنسانياً معترفاً به دولياً، ولأن الدولة لم تكفل له حقه في محاكمة عادلة (الاحتجاز التعسفي وفق الفئتين 2 و3 كما يعرفه الفريق العامل).
وتبيِّن حقيقة أن أكثر من أربع سنوات قد انقضت منذ إصدار هذا الرأي، دون أن تتخذ البحرين أية إجراءات لتصحيح الأمور، بل واصلت عقد محاكمات جديدة ضده وضد غيره، ومعاقبة من يعبرون عن آراء تنتقدها، أنها تعتمد نمطاً من الازدراء الممنهج للهيئات الدولية لحقوق الإنسان.
في الختام، تحث منظماتنا السلطات البحرينية على أن تستجيب لطلب “فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي” بأن يقوم بزيارة قُطرية للبحرين، وعلى احترام رأي الفريق العامل، بالإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن السيد نبيل رجب، وإسقاط جميع التهم الموجهة ضده. وفضلاً عن ذلك، نحث السلطات على الإفراج عن جميع المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان المحتجزين تعسفاً في البحرين، وعلى كفالة العناية بصحتهم الجسدية والنفسية في جميع الظروف.
اعتُمد هذا البيان من قبل المنظمات الحقوقية التالية:
منظمة العمل المسيحي لمناهضة التعذيب
منظمة الوصول الآن
منظمة العمل البيئي (الإكوادور)
منظمة امريكيون للديمقراطية وحقوق الانسان في البحرين
مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان (الأردن)
منظمة العفو الدولية
المركز التذكاري لمكافحة التمييز (روسيا)