عيد: زيادة الشائعات بسبب غياب حرية الصحافة.. وداوود: غياب المعلومات والتضييق على الصحفيين من الأسباب
عبد ربه: سيطرة الدولة على الإعلام وحجب المواقع والضغوط السياسية يوفر بيئة حاضنة للشائعات
الزاهد: فتح المجال العام بحرية الرأي والتعبير لمواجهة الشائعات.. وفرحات: محاربة الشائعات تكون بنشر الحقائق واحترام العقول
جمال فهمي: الرقم خرافي ولاتوجد جهة تدعمه.. وشعلان: السبب غياب الحق في المعرفة.. وقاسم: فتش عن سيطرة المخابرات
كشف الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته في حفل تخريج دفعات جديدة من الكليات والمعاهد العسكرية، أن مصر واجهت خلال الثلاثة أشهر الماضية فقط نحو 21 ألف شائعة، مضيفًا أن الهدف منها هو إثارة البلبلة ونشر الفوضى وعدم الاستقرار وصناعة الإحباط وفقدان الأمل بين الشعب.
حديث الرئيس عن عدد الشائعات خلال الثلاثة أشهر الماضية ، أرجعه عدد من الصحفيين والشخصيات العامة بسبب غياب حرية الصحافة ودفعهم لطرح تساؤلا حول مصدر هذه الشائعات وعددها، وكيفية رصدها وأي الأساليب العلمية التي تم استخدامها لمعرفة مصدرها وكيفية جمعها.
السيطرة على وسائل الإعلام
ومن جهته، قال الدكتور أحمد عبد ربه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن مصر واجهت آلاف الشائعات بالفعل كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسى وستواجه المزيد فى المستقبل، لافتا إلى أنه لا علاقة للأمر بحروب الأجيال التى لم يعد يعرف عددها كما يروج البعض.
وأوضح عبد ربه أن الأسباب واضحة ومعروفة وترجع إلى سيطرة الدولة التامة على الغالبية العظمى من وسائل الإعلام وبالتالى سيطرة الصوت والرأى الواحد على المساحة العامة، إضافة إلى حجب عدد كبير من المواقع الإلكترونية وبالتالى تغييب الأصوات المستقلة، والمعارضة.
وتابع خلال تدوينه له على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” أن السبب من انتشار الشائعات: “الضغوط الأمنية والسياسية على عدد كبير من الشخصيات العامة المستقلة، ممادفع البعض إلى الزهد فى الشأن العام واليأس منه بينما قرر البعض الأخر النفاق الرخيص”.
وأضاف أن حماية بعض الشخصيات العامة فى مجالات الرياضة والسياسة رغم ماهو معروف عنهم من اعتداء صريح على القانون والدستور، مما حولهم إلى مراكز قوى وجعل المنافسة حول النفاق والكذب لجذب الانتباه والدعم.
ولفت إلى أن الغياب التام للحياة السياسية التنافسية وتحويل البرلمان إلى مؤسسة شديدة الضعف لاتقوم بأى دور رقابى أو تشريعى أو نيابى حقيقى بل وحتى الحد الأدنى من الضوضاء السياسية الذى عادة ما تقوم به البرلمانات فى الدول السلطوية تم حرمان البرلمان المصرى منه، مؤكدا أن هذه الأسباب وغيرها كفيلة بتوفير بيئة حاضنة للشائعات لأنها قضت تماما على أى ثقة بين المواطن والحكومة.
نشر الحقائق
ورأى الدكتور محمد نور فرحات الفقية الدستوري إن ٢١ ألف شائعة في ثلاثة أشهر يعادل ٢١ ألف معلومة محجوبة.
وتابع خلال تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “محاربة الإشاعات يكون بنشر الحقائق واحترام عقول الناس”.
وفي السياق ذاته، قال الصحفي خالد داوود الرئيس السابق لحزب الدستور إذا صح هذا الرقم الذي أعلن عنه الرئيس فهناك مبرر لذلك نتيجة الوضع السيء فيما يتعلق بالحريات والتضييق على حرية الرأي والتعبير، علاوة على الوضع الاقتصادي مثلما حدث أثناء ارتفاع الأسعار.
وأضاف داوود في تصريحات لـ”كاتب”، أن حديث الرئيس بالتأكيد استمرار لقناعاته بشأن حروب الجيل الرابع ، وأن أكبر خطر هو هدم الدولة ، لافتا إلى أن تراجع وضع الحريات والوضع الاقتصادي السيء هو من يهدم الدولة وليس الشائعات.
وأوضح أن غياب الحقائق هو من ضمن الأسباب لانتشار الشائعات، فالصحفيين أصبحوا محرومين من الحق في المعرفة بالرغم أنه من حقهم معرفة المعلومات مثلما يحدث في قضية سيناء فهناك تعتيم على الموضوع ولا أحد يعلم عما يحدث هناك، علاوة على الضغوط التي تتعرض لها الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي من فرض الرقابة عليها أو مصادرتها أو منع موضوعات ما.
غياب حرية الصحافة
فيما قال المحامي الحقوقي جمال عيد رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إنه كلما زادت حرية الصحافة، قلت الاشاعات وذلك تعقيبا على حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي بخصوص انتشار 21000 شائعة خلال الثلاثة شهور الماضية.
وتابع حديثه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، : “وكلما زادت الاشاعات معناه تراجع حرية الصحافة.. معادلة بسيطة”.
انعدام الشفافية
ورأى مدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي إن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن هذا العدد من الشائعات هي بمثابة شهادة ضده، فهذا دليل على انعدام الشفافية والصراحة وزيادة الفجوة بين الحاكم والمحكومين.
وأضاف الزاهد في تصريحات لـ”كاتب”، أن غياب الحقيقة وعدم حصول الناس على الحقائق من مصادرها الصحيحة يصبح مناخ مهيئ للشائعات، لافتا إلى أن كلام الرئيس معمم ولم يشير إلى مصادر معلوماته وعما تدور هذه الشائعات.
وتساءل: “لماذ لم يعلن أي مركز حكومي عن هذه الشائعات، وما الأجهزة التي رصدت الشائعات وكيف رصدتها، وأين الجهاز الذي رصده ؟”. وأكد أنه لابد من فتح المجال العام وتوفير بيئة مناسبة لحرية الرأي والتعبير وفتح المجال العام بشكل عام، إضافة إلى وجود الفافية بين الحكام والمحكومين.
ما التعريف الإجرائي
الدكتور حازم حسني أستاذ العلوم السياسية علق على كلمة الرئيس قائلا : “تعلمنا في مبادئ الإحصاء بالفرقة الأولى أن التعريف الإجرائى لما يتم إحصاؤه لابد وأن يسبق عملية العد والإحصاء، ولا أدرى ما هو التعريف الإجرائى الذى اعتمده السيسى للشائعات قبل أن تحصى أجهزته إحدى وعشرين ألف شائعة اجتاحت مصر خلال ثلاثة شهور؟!”.
وتابع حسني خلال تدوينه له على موقع التواصل الإجتماعي “فيس بوك”: ” يبدو لى أن السر وراء ضخامة الرقم الذى أعلنه السيسى لحجم ما تتعرض له مصر من شائعات إنما يكمن فيما سبق أن وجه به المصريين بعدم الاستماع لأحد غيره، فإن تداول الناس – أو بعضهم – غير ما ينطق به الرئيس اعتبروه بالتعريف شائعة ! … رحم الله العلم والعلماء !”.
رقم خرافي
فيما رأى الكاتب الصحفي جمال فهمي عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، وعضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق، أن ليس كل معلومة خاطئة تعد إشاعة، وأنه لايفهم من الأساس ما الجهة التي تصدر هذا الرقم الخرافي، فالشائعة لها تعريف علمي محدد ولا توجد جهة ترصد هذه الإشاعات.
وأضاف فهمي خلال تصريحاته لـ”كاتب”، أن الرئيس خلال حديثه لم يوضح الجهة التي رصدت هذه الشائعات، وكيفية رصدها والوسائل العلمية التي اتبعتها للرصد ، لافتا إلى أنه إذا صح هذا الرقم فهذا له دلالة سياسية وعلى الرئيس التوقف أمامه فهذا يكشف أن الناس فقدت الثقة في الحكومة وباتت تتوقع منها أشياء سلبية قد لاتكون صحيحة.
ولفت إلى أن الناس تلجأ لتصديق هذا الشائعات في ظل التضييق على المجال العام بطريقة خانقة، بجانب السياسات الاقتصادية والإجتماعية بالغة القسوة التي تتخذها الحكومة فالناس أصبحت تتوقع الأسوأ .
احتكار المعلومات
الصحفية خيرية شعلان عضو نقابة الصحفيين ، قالت إن المجتمع الذي يواجه 21 ألف شائعة خلال ثلاثة أشهر هو بالضرورة مجتمع يعاني من إحتكار السلطة للمعلومات، وإسلاب حقه في المعرفة من خلال سن القوانين المقيدة لحرية التعبير والإعلام والصحافة والإبداع والنشر، ومعاقبة كل من يغرد خارج السرب.
وتابعت حديثها: “لو صح هذا الإحصاء فإنه يحسب عليها ولا يضيف لها، بل إنه يرسم صورة أليمة لمجتمع مصاب بإنسداد حاد في منافذ الإتصال والتواصل العامة والخاصة.”
تدمير المرجعية الإعلامية
ومن ناحيته، قال الناشر هشام قاسم إن تصريح السيسي عن الشائعات وأن ورائها منظومة رهيبة تهدف لتدمير البلد مقلق للغاية، لأن هناك احتمال من اثنين، إن الرئيس يؤمن بأن هناك منظومة خلف الشائعات تهدف إلى تدمير البلد، أو أنه يعلم أن ما فعلته أجهزة المخابرات بالإعلام كان السبب في تدمير المرجعية الإعلامية القادرة على حماية أي بلد من أخطار الشائعات.
وأضاف خلال تدوينه له على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، أن الرئيس قال تم رصد ٢١ ألف شائعة في مدة ٣ شهور، ولم يفصح عن الجهاز الذي رصد هذا العدد ولا منهجيته في الوصول للرقم، ولكن الشئ الأكيد والذي لم يقوله، أن هذا الرقم معرض لأن يتضاعف لو استمر حال الإعلام على ما هو عليه، وهذا الوضع سوف يستخدم من جماعات مصالح قد تدفع البلاد إلي الخراب.
وتابع حديثه: “ربما آن الأوان أن يفتح السيد مكرم محمد أحمد لجنة تضع ظوابط صارمة لتداول الشائعات وعقوبات رادعة لمن لا يلتزم بها، و لعلها تكون أوفر حظا من لجنة مراقبة الدراما التي قدمت استقالة جماعية له مؤخرا”.