محنة الصحافة في مصر تتلخص في نقطة واحدة: هل يكون الصحفي خادم السلطان أو ضمير الشعب؟ هل تكون الصحافة مرآة يرى فيها الحكام أنفسهم في أبهى صورة أو يرى فيها الشعب معاناته وهمومه وآماله؟ هل تكون الصحافة سلاحا لتغيير ديمقراطي يفتح باب الأمل والخيال أو سما في وجبة فاسدة؟
والأزمة في جوهرها ليست أزمة مهنية بين جماعة ضيقة تبحث لنفسها عن امتياز وبين جهات الحكم، الأزمة تتعلق بحق المواطن في المعرفة وبحرية تداول المعلومات.
ودوما كان الضحية الأولى لكل عدوان على حرية الصحافة .. المواطن والحرية والشعب.
وعندما ثارت ثائرة الصحفيين وكل القوى الحية في مصر على القانون سيء السمعة الذي سلقه البرلمان بليل بهدف اغتيال الصحافة لم يكن ذلك بسبب مشاعر امتياز يتباهى بها الصحفيون لأن على رأسهم ريشة, فالريشة ليست على رأس الصحفي ولكن في يده.
ولم يكن ذلك لأن الصحفيين كانوا يخشون السجون بل لأنهم يرفضون اغتيال الحقيقة والوطن، اغتيال الكلمة يفتح طريق للمدفع والقنبلة. طبعا لن يتخلى الصحفيون عن الريشة ليحملوا مدفعا ولكن إغلاق نافذة للتعبير الحر يغذي في المجتمع نار الإرهاب.
الصحافة الحرة نافذة أمل للتغيير الديمقراطي ومركز جذب لطاقات سخط يمكن أن تضل الطريق والذين جهزوا القانون الجديد فاتهم أنهم يلعبون بالنار وأن الضحية لن تكون صحافة مصر وحدها.
وعلى العموم فإن صحافة مصر عاشت هذه الأزمة فكل عدوان على حرية الصحافة كان قرين العدوان على الوطن والحرية والشعب.. كان قرين الاحتلال أو الاستبداد والفساد.
وبدا الصحفي على مر العصور مثل سيزيف بطل الأسطورة الإغريقية الذي حكمت عليه الآلهة بأن يحمل الصخرة إلى قمة الجبل وما أن يشارف على النهاية حتى تلقى بها إلى السفح من جديد، والصحفي الحر ضمير الشعب لن ييأس ولن تنكسر إرادته.. وهذه الكلمات ليست دفاعا عن الصحفي بل الوطن والحرية وكل الشعب.