رفضت الاعتداء على أسماء عبدالحميد وعبير الصفتي.. وقبلت دفع الثمن بعد أن رأتهما تدافعان عن حق الجميع في مجتمع بلا غلاء
لم تكن الطالبة بكلية التجارة المهتمة بالمسرح تعرف أن صرختها في وجه ضابط كان يعتدي على ناشطة سياسية في مترو الأنفاق بمحطة السادات سيؤدي بها الى السجن.. انها فريدة عاطف إحدى معتقلات قضية رفع سعر تذكرة المترو، فريدة أعلنت رفضها لاعتداء ضابط على الناشطتين أسماء عبدالحميد – التي تم اخلاء سبيلها بتدابير احترازية- وعبير الصفتي التي مازالت قيد الحبس على ذمة القضية المعروفة اعلاميا باسم معتقلي المترو، وقبلت أن تدفع الثمن بعد أن رأتهما ورفاقهما يدافعون عن حق الجميع في مجتمع عادل بلا غلاء يطحن الصغار.
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض يومي 11 و12 مايو الماضيين على أكثر من 22 محتجا بينهم 11 مواطنا من محطة السادات، على خلفية الإحتجاجات على أسعار تذاكر المترو الجديدة وزيادتها بنسب تصل إلى 350% .
وقررت الحكومة رفع تذاكر المترو للمرة الثانية خلال عام يوم الجمعة الموافق 11/5/2018، على أن تصبح سعر التذكرة لركوب مترو الأنفاق بمنطقة واحدة لعدد 9 محطات ثلاث جنيهات، وركوب منطقتين لعدد 16 محطة بـ5 جنيهات وركوب ثلاث مناطق أكثر من 16 محطة بـ7 جنيهات، وذلك بعد عام واحد من رفع سعر التذكرة بنسبة 200% لتصبح جنيهان لكل المحطات.
غضب مكتوم
استقبلت فريدة رفع سعر تذكرة المترو مثلما استقبله جموع المصريين، بغضب مكتوم، ظل حبيس داخلها، إلى أن سمعت صرخات الناشطات ضد الغلاء بمحطة مترو التحرير، وتجمع عشرات الركاب في محاولة بائسة لتخليصهم من أيدي قوات الأمن.
صرخت فريدة في وجه أحد الضباط بعد أن ظلت تردد حد يلحقهم دا حرام .. البنات لا … فالقي القبض عليها لتنضم إلى أسماء عبدالحميد وعبير الصفتي ، تقول أسماء ظلت فريدة ممسكة بيد عبير في محاولة لمواساتها، بالرغم من أن الضرب طالنا جميعا، كانت في حالة من الذهول عندما قام أحد افراد الأمن بجرها من شعرها والقائها بمكتب الأمن داخل محطة المترو، وظلت طوال الوقت تنظر إلى خارج المكتب وأملها ان يهتم المارة بما جرى لنا، أو يتدخل أحد لوقف التعدي علينا.
تستكمل أسماء عبدالحميد روايتها عن فريدة عاطف، وتقول حاول 4 من ركاب المترو معظمهم شباب التفاوض مع قوات الأمن لإخراج الفتيات فما كان منهم سوى التعدي عليهم بالضرب ، كل ذلك كان بمثابة صدمات متتالية لفريدة التي كان جل اهتمامها طوال حياتها متعلق بالمسرح والأثار والشعر.
تتابع أسماء تم نقلنا من نقطة مترو الانفاق، للقسم وخلال ذلك كانت تنظر لي باندهاش كيف لي ان ابتسم ونحن في موقف مثل ذلك، كانت تقول اننا سنخرج بعد قليل، من الطبيعي أن يتدخل أحد لوقف تلك المهزلة، ويحاسب من تعدي على الفتيات، وكنت أرد عليها بالابتسام، لاني على يقين انه لا احد سيتدخل، واننا لن نخرج الان، – الحديث لاسماء عبدالحميد- بالفعل انتهي الموقف بعرضنا على النيابة وقرار حبسنا، لتبدأ علاقة صداقة بيننا.
بعد أن علمت ان النيابة قررت استمرار الحبس غنيت “يا عزيز عيني” وبكيت للمرة الاولى، فوجئت بها تغني معي ومن هنا بدأ تعارفنا وبدأنا نحكي ونتكلم”، تواصل اسماء عبدالحميد “كانت الأوقات تمر ببطء شديد، ونحن نقضي الوقت معا، وعندما ينتهي الكلام ننظر للسقف لكي ننسى اننا محبوستان دون أن نرتكب ذنبًا يذكر.
كانت أسوء اللحظات على فريدة عندما علمت أننا لن نبقي معا، حيث تم احالتي إلى قسم قصر النيل بينما أحيلت هي الى الجمالية، وبعد ايام قليلة التقيتها في التجديد فارتمت في حضني وكانت ترتعش وتصرخ. وتقول لى ” هنروح السجن يا اسماء مش هنخرج، فضلت تقول مش هنخرج لحد ما وصلنا”. تتابع أسماء عبد الحميد “خدوها من حضني واحنا بنصوت كلنا، كنا زي الفراخ اللي بيخروجها من القفص عشان يدبحوها”.
تسرد أسماء كيف اندهشت فريدة، عندما دخل أمين شرطة علينا حجز الجمالية وكان معاه طفلة ، قرروا ان يجروا لها فيش، والقي بها في الحجز ، وكيف كانت فريدة حريصة على الطفلة ومتأثرة بالمشهد، وفجأة اخرجت ورقة احتفظت بها وكتبت ما جري وظلت تنظر للطفلة لوقت طويل.
ربما وجدت فريدة من يعبر عنها وقت مظاهرة البنات في مترو التحرير احتجاجا على الغلاء الذي جاء لينال منهم جميعا، لذلك فإنها سارعت للدفاع عنهن وعن حقها، لكن نظرات فريدة بنقطة التحرير انتظارا لمن سيأتي للدفاع عنها مثلما قررت ان تدافع عن حق الجميع في مجتمع أقل قسوة، ربما تلخص جانب من المشهد، هي الآن يتم التجديد لها تلقائيا، ربما طال انتظارها لمساندة لم تكن على القدر الواجب من وجهة نظرها لكنها لم تفقد الأمل في مجتمع يحميها ويدافع عن حقها وحقه في عيش كريم تضمن به الاستمرار حتى على هامش ارتضت به ولو إلى حين.