التقرير: الاجتياح الخارجي السياسي العنيف والمسلح في أخر 7 سنوات لم تعرفه المنطقة منذ حصول دولها علي الاستقلال
الاجتياح تم سياسيًا علي أيدي السعودية والامارات.. وعسكريًا بالتدخل المباشر أو من خلال وكلاء في سوريا واليمن وليبيا
بهي الدين حسن: العالم العربي تجتاحه دوامات سياسية عميقة نتيجة وصول نظامه الإقليمي والعقد الاجتماعي نهاية عمرها الافتراضي
العالم العربي كنظام إقليمي ودول ونظم حكم ونخب سياسية حاكمة ومعارضة علمانية وإسلامية وأغلبيات وأقليات دينية وعرقية يعاني أزمة حادة
أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، تقريره السنوي الثامن حول حالة حقوق الإنسان في 11 بلد عربي، والذي قال أن “استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية وحالة حقوق الإنسان في معظم بلدان المنطقة العربية هو نتيجة طبيعية لتوسع عسكرة السياسة، والفشل في إيجاد حلول سلمية وجذرية لنزاعات المنطقة الداخلية والدولية، وتجدد مشروعات الحكم السلطوي منذ تأزم ثورات الربيع العربي”.
يرصد ويحلل التقرير تطورات حقوق الإنسان في كل من مصر، والسعودية، والبحرين، واليمن، وسوريا، والجزائر، والسودان، والمغرب، وتونس، وليبيا. كما يضم قسمًا حول سياسات الاتحاد الأوروبي إزاء حقوق الإنسان في مصر، والأولويات الجديدة لسياسة الجوار الأوروبي بين مصر والاتحاد الأوروبي، والمبرمة في يوليو 2017.
وقال بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة في مقدمة التقرير: “أن العالم العربي تجتاحه دوامات سياسية عميقة نتيجة وصول كل من النظام الإقليمي العربي ككل والعقد الاجتماعي في عدد من الدول الرئيسية في العالم العربي إلي نهاية عمرها الافتراضي دون أن تبلور نظامًا بديلاً علي النطاق الإقليمي أو عقدًا اجتماعيًا بديلًا في الدول المتداعية، أو تتوافر آليات لحوار حول البدائل المحتملة بين أهم الفاعلين على الصعيدين الوطني والاقليمي”.
وطبقًا للتقرير، فشل النظام الدولي لحقوق الإنسان في مواجهة النزاعات المسلحة في المنطقة، بداية من التدخل المبكر لمنع تصاعدها وتعقدها، أو مواجهة تداعياتها الإنسانية الخطيرة، أو إيجاد حلول سلمية لها وتنفيذها.
وفي هذا الصدد أكد المركز أن الاجتياح الخارجي السياسي العنيف والمسلح الذي جرى في المنطقة خلال السنوات السبع الماضية بشكل واسع النطاق لم تعرفه المنطقة منذ حصول دولها علي الاستقلال، الأمر الذي فاقم من عمق هذه الأزمات.
وبحسب التقرير، فإن هذا الاجتياح تم سياسيًا علي أيدي دول من المنطقة كالمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، وعسكريًا بالتدخل العسكري المباشر أو من خلال وكلاء في سوريا واليمن وليبيا. ومن خارج العالم العربي مارست بالتوازي دولتي الجوار إيران وتركيا أعمال التدخل السياسي الكثيف والعسكري المباشر وغير المباشر في دول اليمن والعراق وسوريا ولبنان وليبيا.
ويشير التقرير أيضًا إلى أن العالم العربي كنظام إقليمي ودول ونظم حكم، ونخب سياسية حاكمة ومعارضة، علمانية وإسلامية، وأغلبيات وأقليات دينية وعرقية، يعاني أزمة أكثر حدة وعمقا بما لا يقاس بما كان عليه الحال عند بدء انتفاضات الربيع العربي منذ سبع سنوات. إذ أكد التقرير على تصاعد السلطوية في المنطقة العربية، لكن هذا لم يمنع تصاعد المطالب الاحتجاجية ذات البعدين الاقتصادي والاجتماعي، أو منعها من التعبير العلني عن نفسها.
فخلال عام 2017، استمرت هذه الاحتجاجات في مناطق الريف والحسيمة وجرادة في المغرب، وبعض المناطق في الجزائر خاصة المأهولة بالجماعات الأمازيغية، والسودان، والعراق، والأردن، والمناطق الشرقية في السعودية، وفي شبه جزيرة سيناء شرق مصر والنوبة جنوب مصر، مفرزة قيادات مدنية وحقوقية وسياسية جديدة استخدمت تقنيات التكنولوجيا الحديثة في الحشد والحملات. وواجهت حكومات هذه الدول قيادات وأفراد هذه الاحتجاجات، خاصة الشباب، بالعنف والاعتقال والاتهامات المفبركة والمحاكمات ذات الطابع السياسي.
تعكس هذه الاحتجاجات فشل بنيوي في إدارة اقتصاديات هذه الدول، وفي تلبية نخبها الحاكمة للاحتياجات الرئيسية للشعوب، واختلال توزيع وإدارة الثروات، فضلاً عن تهميش مناطق وأقاليم بأكملها في كثير من البلدان العربية، علي الرغم من توافر ثروات طبيعية في بعض هذه الأقاليم، لكن يحرم أهلها من عائداتها.