قالت “هيومن رايتس ووتش اليوم، إن السلطات المصرية لم تحقق مع أي من أفراد قوات الأمن أو تقاضيهم بعد مرور 5 سنوات على قتل المتظاهرين السلميين بشكل وواسع النطاق في ميدان رابعة في القاهرة. رغم صدور أحكام إدانة شملت مئات المتظاهرين بتهم وصفتها المنظمة، بأنها غير عادلة، في محاكمات جماعية على خلفية الاحتجاجات.
وفيما أكد المجلس القومي لحقوق الإنسان سقوط 600 قتيل يوم الفض، قالت هيومان رايتس، في تقرير لها بمناسبة 5 سنوات على الأحداث إن قوات الأمن قتلت 817 متظاهرا على الأقل في غضون ساعات قليلة يوم 14 أغسطس 2013، أثناء فضها الاعتصام في رابعة العدوية، حيث كان التجمع الرئيسي للمعتصمين الذين يطالبون بإعادة الرئيس المعزول محمد مرسي إلى السلطة.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “بعد 5 سنوات على مذبحة رابعة، كانت الاستجابة الوحيدة من السلطات هي محاولة كف يد العدالة عن المسؤولين عن هذه الجرائم. فيما كان ردّ حلفاء مصر على جرائم رابعة وعدم إنصاف الضحايا هو الصمت المطبق”.
وأصدرت مصر مؤخرا قانونا “لتحصين” كبار الضباط العسكريين من التحقيق معهم بسبب انتهاكات محتملة بعد الإطاحة بمرسي.
كانت هيومن رايتس ووتش قد أصدرت في أغسطس 2014، نتائج التحقيق الذي قالت إنه استمر لمدة عام في مذبحة رابعة، وما أعقبها من حوادث قتل أخرى للمتظاهرين، استنادا إلى مقابلات مع أكثر من 200 شاهد، – طبقا لما أعلنته المنظمة- ، استعراض لساعات من لقطات الفيديو، ، وتصريحات المسؤولين الرسميين.
وأشارت المنظمة إلى عدد من التقارير الرسمية حول فض رايعة قائلة إنه على الرغم من تبرئة قوات الأمن بشكل عام، فقد اتهمت العديد من البيانات والتقارير الرسمية الشرطة باستخدام القوة المفرطة. وقال رئيس الوزراء الذي أشرف على العمليات، حازم الببلاوي، ردا على تقرير هيومن رايتس ووتش في 2014: “يجب تقديم كل من ارتكب خطأ… للمحاكمة والتحقيق معه”.
وفي 13 ديسمبر 2013، أنشأ الرئيس المؤقت عدلي منصور لجنة تقصي حقائق لجمع “المعلومات والأدلة” حول الأحداث التي رافقت الاحتجاجات في 30 يونيو. وأصدرت اللجنة ملخصا تنفيذيا في 26 نوفمبر 2014، ألقت فيه باللوم على قادة الاحتجاجات على وقوع الضحايا في رابعة بسبب السماح بالأسلحة داخل الاعتصام. لكن اللجنة أقرت كذلك بأن قوات الأمن لم تستهدف الأشخاص المسلحين فقط. وجدت اللجنة أيضا أن المتظاهرين العزل أخطأوا، لأنهم بقوا في الاعتصام مع العلم أن بعض المتظاهرين كانوا مسلحين. ولم يُنشر التقرير الكامل بعد.
في 6 مارس 2014، أصدر “المجلس القومي لحقوق الإنسان” في مصر تقريرا عن فضّ اعتصام رابعة قال فيه إن بعض المتظاهرين كانوا مسلحين وقاوموا قوات الأمن، ما اضطرهم إلى استخدام القوة القاتلة. مع ذلك، قال التقرير أيضا إن هناك “انعدام التناسبية” واستخدام مفرط للقوة من قبل قوات الأمن، وإن قوات الأمن لم تؤمّن ممرا آمنا لخروج المتظاهرين الراغبين في المغادرة، ولم تسعف الجرحى.
طالبت كل من اللجنة والمجلس القومي لحقوق الإنسان بتعويض الضحايا الذين “لم يثبت تورطهم في أعمال عنف”. كما دعا المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى إجراء تحقيق قضائي مستقل.
يذكر أن دائرة الإرهاب في محكمة جنايات جنوب القاهرة أصدرت يوم 28 يوليو الماضي، أحكاما بالإعدام بحق 75 متهما في قضية فض اعتصام رابعة. وحوكم أكثر من 739 متهما في القضية، نصفهم تقريبا محتجزون، ومن المقرر صدور الحكم النهائي في 8 سبتمبر.
ويواجه المتهمون تهم القتل العمد، مهاجمة المواطنين، مقاومة السلطات، تدمير الممتلكات العامة، وحيازة الأسلحة النارية وقنابل “المولوتوف”. ومن بين المدعى عليهم، معتصمون وقادة من “الإخوان المسلمون” وصحفيون. كما تم استدعاء العديد من أفراد قوات الأمن الذين شاركوا في عملية الفض العنيفة كشهود، لكن النيابة العامة لم تستجوب أيا منهم فيما يتعلق بالاستخدام المفرط للقوة أو القتل المتعمد أو العشوائي للمتظاهرين العزل.
وقالت المنظمة إنه في 9 يناير 2018، حكمت محكمة جنايات الجيزة على 23 متظاهرا بالسجن المؤبد، وعلى 223 بالسجن 15 سنة، وعلى 22 آخرين بالسجن 3 سنوات، في حين تمت تبرئة 109 أشخاص في القضية على خلفية فض اعتصام النهضة. وواجه المتهمون اتهامات مماثلة لتلك في قضية اعتصام رابعة. لم يُستجوب أي عنصر أو ضابط في قوات الأمن المعنية.
في 18 سبتمبر 2017، أصدرت محكمة جنائية انعقدت في سجن وادي النطرون الحكم في قضية تفريق المتظاهرين الموالين لمرسي في مسجد الفتح في القاهرة بعد يومين من اعتصام رابعة. وأصدرت المحكمة أحكاما بالسجن تراوحت بين 3 سنوات والسجن المؤبد ضد 335 متهما، في حين تمت تبرئة 52. من بين الأشخاص الذين تمت تبرئتهم، المواطن الإيرلندي إبراهيم حلاوة، و3 من شقيقاته.
وأشارت المنظمة إلى عدم إصدار قانون العدالة الانتقالية، مشيرة إلى أن السلطات لم تلبِّ متطلبات المادة 241 من الدستور المصري، التي تتطلب إصدار قانون للعدالة الانتقالية خلال الدورة البرلمانية الأولى عام 2016. كما تنص المادة أن على القانون ضمان “كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقاً للمعايير الدولية”.
قالت ويتسن: “دون إحقاق العدالة، ستبقى أحداث رابعة جرحا نازفا. يجب ألا يَأمَن المسؤولون عن عمليات القتل الجماعي بحق المحتجين على أنفسهم من المساءلة إلى الأبد”.