حاول حتى آخر نفس فى حياته ايجاد بدائل لكسر حلقة الاستبداد والاستغلال البشع والمنحط للفقراء
سعى لتقديم البدائل من أجل عالم بدون استغلال الانسان ومن أجل سيطرة الشعوب على مصيرها ضد عدوانية الرأسمالية العالمية
فور اعلان وفاته عن عمر يناهز 80 عام، نعى عشرات الاقتصاديين والسياسيين والأحزاب الراحل الدكتور سمير أمين أستاذ الاقتصاد الماركسي الذي كان أحد أفضل من كتبوا حول الرأسمالية والماركسية.
يساريون من كل الاتجاهات وثقوا تجربة الراحل معهم وفضله على تطور الفكر الاقتصادي، ومناهضة سياسات التبعية باعتباره أحد منظري اقتصاد الجنوب، وحاول حتى آخر نفس فى حياته ايجاد بدائل لكسر حلقة الاستبداد والاستغلال البشع والمنحط للفقراء. فيما لم يخفي عدد منهم اختلافهم مع بعض مواقفه الاخيرة من السلطة الحالية مؤكدين على تقديرهم لتجربته..
من جانبه قال الهامي الميرغني الباحث الاقتصادي والقيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي إن علاقته بفكر سمير أمين بدأت في مطلع الثمانينات من القرن الماضي وخاصة كتابيه ” التطور اللا متكافئ ” و ” التبادل اللا متكافئ ” ، مشيرا إلى خسارة الفكر الاشتراكي كبيرة برحيله، وخسارتنا أيضا في مصر وفي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي الذي كان أحد مستشاريه الاقتصاديين فادحة. وتابع لكن يبقى أن ما تركه لنا الدكتور سمير امين من فكر وكتابات هي زاد كبير نتزود به.
وعاهد الميرغني الراحل على مواصلة الطريق الذي بدأه قائلا “اذا كان سمير امين قد اعطي الكثير من وقته وجهده في السنوات الأخيرة لبناء أممية جديدة للشعوب في مواجهة العولمة الرأسمالية، فإننا مطالبين باستكمال هذا الطريق مسترشدين بفكره وكتاباته ونعاهده علي مواصلة السير علي نفس الطريق الذي اخترناه من اجل شعوب الجنوب”
وقال الخبير الاقتصادي والقيادي بالتيار الشعبي رائد سلامة عن الراحل سمير امين ” ورحل كبيرنا الذي علمنا…….مع السلامة يا دكتور سمير” وأكد رائد سلامة أن التكريم اللائق بسمير أمين هو إعادة إحياء افكاره.
وودع رئيس الحزب الاشتراكي المصري أحمد بهاء الدين شعبان ” بقلب حزين، قائلا “نودع أستاذنا الدكتور سمير أمين. الذي غادر عالمنا بعد أن أدى واجبه على الوجه الأكمل، ورحل كما يرحل الفرسان والنبلاء “
وشدد بهاء شعبان على ضرورة الاعتمام بتراث سمير أمين قائلا” رحل المفكر اليساري والاقتصادي المصري الكبير سمير أمين وترك مادة معرفية كبيرة في الإقتصاد السياسي والأدب الماركسي”.
أما المحامي الحقوقي أحمد فوزي الأمين العام السابق بالحزب الديمقراطي الاجتماعي فقد نعى سمير أمين مشيرا إلى أنه ظل محرضا على التفكيرواستخدام العقل، وحاول حتى اخر نفس فى حياته ايجاد بدائل لكسر حلقة الاستبداد والاستغلال البشع والمنحط للفقراء”
وتابع أحمد فوزي إنه شعوره في السنوات الاخيرة بأنه بعيد نوعآ ما عن ما يطرحه سمير امين، لكن فضله على جيله وعلى قوى اليسار والتقدم فى منطقتنا لا يمكن أن يمر بسهولة ودون احتفاء به وإبراز لدوره ،على روح سمير أمين سلام.
أما الباحث الاقتصادي مصطفى نور الدين فنعى الراحل مشيرا إلى أنه تلقى خبر وفاته بقلب حزين
وأكد نور الدين على أن قراءة كتابات د. سمير أمين ستبقى من القراءات الجوهرية لفهم تطور الاقتصاد العالمي وتقديم البدائل من أجل عالم بدون استغلال الانسان ومن أجل سيطرة الشعوب على مصيرها ضد عدوانية الرأسمالية العالمية منذ وجدت.
وقال رئيس حزب التجمع سيد عبدالعال عاش الراحل الكبير مناضلا في سبيل بناء الاشتراكية والعدل الاجتماعي في مصر والعالم، وباحثاً عن عولمة بديلة للعولمة الرأسمالية السائدة، ومناضلاً على طريق بناء تحالف الجنوب – جنوب، منحازا لشعوب العالم الثالث والدول النامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وقضاياها الوطنية، وقدم للمكتبة الاقتصادية والسياسية عددا كبيراً من الأبحاث والدراسات التي ساهمت في تطوير الفكر الاشتراكي، وارتبطت باسمه قضايا بحثية كثيرة على رأسها المركز والأطراف، و العولمة البديلة، والتحالف الوطني الشعبي، وتحالف الجنوب، ونمط الإنتاج الخراجي، والأمة وقضايا المجتمع العربي، والتجربة الصينية وتطوراتها، وكان في كل أبحاثه ودراساته مجدداً داعياً للتجديد مقدماً النموذج الذي كان يتسم بالجدة والجدية دائماً.
و نعى سيد عبد العال للانسانية مناضلاً صلباً، ومفكراً فذاً، ومجدداً جسورا للفكر الاشتراكي وقضاياه على مستوى العالم، مقدما أعمق التعازي القلبية لزملائه وتلاميذه ومحبيه في مصر والعالم كله، قائلا “عزاؤنا أن الدكتور سمير أمين الذي رحل بجسده، باقٍ معنا بما تركه لنا وللأجيال الشابة من فكر وأبحاث ودراسات ومؤلفات وقضايا من طراز خاص”.
ومن جانبه أعلن حزب التحالف الشعبي الاشتراكى، أن مكتبه السياسي قرر إطلاق اسم الدكتور سمير امين على لجنته المركزية التى ستنعقد خلال الأيام القليلة، وكشف مدحت الزاهد رئيس الحزب، أن هناك محاولات حثيثة لدفن الفقيد الراحل بأرض الوطن.
واصدر الحزب بيانا حول رحيل المفكر الكبير جاء فيه “ينعى حزب التحالف الشعبي الاشتراكي للشعب المصرى وكل القوي الاشتراكية في العالم رحيل المفكر الاقتصادي الدكتور سمير أمين.الذى قدم اسهامات بارزة للفكر الاشتراكى ولليسار العالمى .ان مفكرا فى قامة د سمير امين لا يرحل الا بجسده فروحه وفكره وابداعه يفيض فى المكان ، فى كل قارات العالم وتلامذته ونحن منهم يواصلون المسيرة ، واسهامه فى تاسيسى وقيادة منتدى البدائل العالمى قدم لليسار العالمى اضاءة لمسارات اخرى ورافعة لعولمة الشعوب فى مواجهة عولمة الراسمالية المتوحشة وطريقا لبناء جبهات جديدة بالاعتماد على الديمقراطية الشعبية بعد انهيار البراجوازيات القومية وتحولها الى وكيل تابع للاحتكارات الدولية وذلك بعد اسهامه الكبير بنظرية المركز والاطراف فى مرحلة سابقة .
وقد شرفنا به مستشارا لحزبنا (التحالف الشعبى الاشتراكى) وبكلمته فى افتتاح المؤتمر العام الثانى .. وفى اخر اتصال بيننا منذ ايام نقلنا تمنيات الرفاق من كل التيارات له بالشفاء العاجل .. ونبذل الان جهودا لنقل جثمانه الطاهر لمصر وفى ان ننظم مع كل الرفاق التكريم اللائق لمفكر عظيم ..
لقد قضي الدكتور سمير أمين حياته مضيفاً للاقتصاد السياسي الاشتراكي الكثير من خلال كتبه ومقالاته ومحاضراته ومحاوراته ، عندما كان مسئولا عن جامعة الأمم المتحدة في السنغال ، أو من خلال رئاسته لمجلس إدارة مركز البحوث العربية والأفريقية.
إن حزب التحالف الشعبى الاشتراكى اذ ينعى للشعب المصرى وشعوب العالم فارسا حدد موقعه مع الشعوب ومع الحرية ومع اشتراكية مبدعة متجددة وضد الهيمنة والاستبداد والتبعية فان عزاءنا اننا سنواصل الطريق وان مثله لا يرحلون. بل تبقى اعمالهم منارات تنير للاجيال الطريق.
وقال مركز البحوث العربية الذي كان سمير أمين أحد مؤسسيه إن احتفاؤه بالراحل وتأبينه سيكون بطريقة مختلفة عبر مناقشة جادة لاعماله من خلال ندوة يحضره كل رفاقه وزملائه وتلامذته ومحبيه” ناعيا للانسانية مفكرا من طراز خاص.
ولد سمير أمين في 3 سبتمبر 1931م، وهو مفكر واقتصادي مصري بارز، وأحد أهم أعلام مدرسة التبعية، كما أنه من أهم مؤسسي نظرية المنظومات العالمية.
نشأ سمير أمين، وقضى فترة طفولته في بورسعيد، بين أب مصري وأم فرنسية، وكان كلاهما طبيبًا، قضى أمين طفولته في بورسعيد، وحصل على شهادة الثانوية عام 1947م من إحدى المدارس الفرنسية، وبعدها غادر إلى باريس ليدرس فيها من 1947م إلى 1957م، حيث حصل في عام 1952م على دبلوم في العلوم السياسية، قبل أن يحصل على شهادة التخرج في الإحصاء 1956م، ثم الاقتصاد 1957م، ويعود إلى مصر حاملا شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة السوربون.
خلال العام 1951م، انتسب أمين إلى الحزب الشيوعي الفرنسي، إلا أن الماركسية السوفيتية لم تثر إعجابه، عمل أمين مستشاراً اقتصادياً في مالي وجمهورية الكونغو ومدغشقر وغيرها من الدول الإفريقية، كما عمل مديرا لمعهد الأمم المتحدة للتخطيط الاقتصادىIDEP بداكار لعشر سنوات طوال فترة السبعينيات، حيث تصدى لمقولات عديدة سائدة عن التنمية والتحديث وخطط المؤسسات المالية الدولية، وشارك أثناء عمله هذا في تأسيس منظمات بحثية وعلمية إفريقية، مثل المجلس الإفريقى لتنمية البحوث الاجتماعية والاقتصادية (كوديسريا)، ومنتدى العالم الثالث والذي يترأسه حاليا، وقدم أمين مجموعة من القراءات لعدد من القضايا الأساسية، مثل العلاقة بين المركز والأطراف، والتبيعة والعوالم الأربعة، ومحاولة لتجديد القراءة المادية التاريخية وأنماط الإنتاج.
مؤلفاته بالعربية:
- دراسة في التيارات النقدية والمالية في مصر عام 1957. معهد البحوث والدراسات العربية -الجامعة العربية-القاهرة 1959.
- التراكم على الصعيد العالمي. ترجمة/دار ابن خلدون-بيروت 1973.
- التبادل غير المتكافئ وقانون القيمة. ترجمة عادل عبد المهدى-دار الحقيقة-بيروت 1974.
- التطور اللامتكافئ. (ترجمة برهان غليون-دار الطليعة-بيروت 1974.
- الأمة العربية “القومية وصراع الطبقات”. ترجمة كميل قيصر داغر-دار ابن رشد-بيروت 1978.
- الطبقة والأمة في التاريخ وفي المرحلة الامبريالية. ترجمة هنريت عبودى-دار الطليعة-بيروت 1980.
- قانون القيمة والمادية التاريخية. ترجمة صلاح داغر-دار الحداثة-بيروت 1981.
- المغرب العربي المعاصر. ترجمة كميل قيصر داغر-دار الحداثة -بيروت 1981.
- الاقتصاد العربي المعاصر. ترجمة ناديا الحاج- دار الرواد- بيروت 1982)- دار الحقائق 1984.
- أزمة الامبريالية أزمة بنيوية. دار الحداثة -بيروت 1982.
- الماوية والتحريفية. دار الحداثة- بيروت 1984.
- أزمة المجتمع العربي. دار المستقبل العربي- القاهرة 1985.
- ما بعد الرأسمالية- مركز دراسات الوحدة العربية- بيروت 1988.
- البحر المتوسط في العالم المعاصر (بالاشتراك مع فيصل ياشير. مركز دراسات الوحدة العربية -بيروت 1988.
- نحو نظرية للثقافة- معهد الإنماء العربي (بيروت) 1989؛ سلسلة صاد (الجزائر) 1992.
- بعض قضايا للمستقبل- الفارابى، بيروت 1990؛ مدبولى القاهرة، 1991.
- من نقد الدولة السوفيتية إلى نقد الدولة الوطنية؛ مركز البحوث العربية، القاهرة 1993.
- سيرة ذاتية فكرية- دار الآداب، بيروت 1993.
- حوار الدولة والدين (بالاشتراك مع برهان غليون) المركز الثقافى العربي، 1996.
- في مواجهة أزمة عصرنا، دار سينا، القاهرة 1996.
- نقد روح العصر، الفارابى، بيروت 1998.
- مناخ العصر، رؤية نقدية، دار سينا، القاهرة 1999.
- في نقد الخطاب العربي الراهن, دار العين للنشر ,القاهرة 2009.