جودة عبد الخالق في حوار عن الأزمة الاقتصادية وزيادة الأسعار: زيادة الكهرباء “جباية” والبنزين ضد العدالة الاجتماعية  

قضايا ساخنة ملفات

تعويم الجنيه كارثة.. وسعر أنبوبة البوتاجاز الحالي خمسون جنيها ليس عادلا لأنه يحمّل الأسر الفقيرة ميزانية كبيرة

التعليم والصحة ليسا من أولويات السيسى أو الحكومة.. ولا أهمية للعاصمة الإدارية الجديدة

سياسات الاقتراض تعبر عن جهل بالتاريخ الاقتصادي والسياسي.. ودخول الجيش في مجالات مدنية ليس أمرا مطلوبا ولا يمكن تبريره 

زيادة الكهرباء جباية لأن الدولة تتلقي أموال دون خدمة جيدة.. والصراع الآن بين قوى الثورة وقوى الثورة المضادة

الثورة سرقت من الإخوان أول مرة ثم عناصر من نظام مبارك بدعم من الجيش لكنها ليست نهاية المطاف

وصف قرار تعويم الجنيه المصري بالكارثة التي ندفع ثمنها الآن، وطالب بالبطء في تنفيذ بعض المشروعات القومية الحالية لأنها تمثل عبء لا حاجة لنا به الآن ومنها العاصمة الإدارية الجديدة ووضع عدة بدائل للنهوض بالاقتصاد القومي للبلاد منها فرض ضرائب تصاعدية على الأرباح وخاصة البورصة والاهتمام بالإنتاج وتقليل واردات السلع الاستفزازية.

د. جودة عبد الخالق مواليد قرية ميت العز التابعة لمركز ميت غمر بالدقهلية والذي شغل الكثير من المناصب العلمية من بعد حصوله على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة مكماستر بكندا ثم اتجه للعمل كأستاذ دائم للاقتصاد بجامعة القاهرة، خريج مدرسة اليسار المصري كان وزيرًا للتضامن الاجتماعي حذر من سياسات الحكومة المصرية التي تطحن المواطن المصري، وطالب في 2016 الرئيس السيسي بإعلان أن مصر تدخل في إطار اقتصاد حرب.

في حواره معنا ألقى د.جودة الضوء على أزمة الموازنة الجديدة التي تنكمش فيها حرية الحركة في الإنفاق على الخدمات والأجور.. وإلى نص الحوار

-كيف ترى توزيع بنود الإنفاق على التعليم والصحة في الموازنة الجديدة ؟..

الموازنة هي مجموعة بنود عبارة عن دعم وفوائد دين وإنفاق على تعليم وصحة وأجور وغيرها، كله يساوى 100% وبالتالي كلما تمددت بنود منه انكمشت بنود غيرها، نلاحظ أن 40% من الإنفاق مخصص لفوائد الدين وهو ما يعنى أن باقي البنود تتوارى خلف البند الأول .

من ناحية أخرى حتى الآن لا أرى أن التعليم والصحة من أولويات السيسى أو الحكومة، والشواهد على ذلك  متعددة، التعليم ينظر إليه من منطلق تكنولوجي فقط في تحسينه فاستخدام “التابليت” أو “البوكليت” أدوات تكنولوجية تستخدم في إطار أى سياسة، ويجب أن يطرح إصلاح التعليم كقضية قومية يتم فيها التوصل إلى تواصل مجتمعي يشارك فيه الخبراء فهو ليس شأنا حكوميا فقط، وحتى يحدث ذلك أتوقع أن يظل المخصص للتعليم قليل حتى وان زاد.

أما الصحة فمشروع قانون التأمين الصحي حوله جدل كبير وكثير من الأطباء الذين اعتد برأيهم يؤكدون أنه سينتج عنه مشكلات صحية في التطبيق ما يعنى أيضا عدم وجود إصلاح جوهري في النظام الصحي.

وحتى الآن لم نجد حماس لتطوير الصحة والتعليم مثل الحماس تجاه الاستثمارات الأجنبية وجذبها.

والنهوض بالصحة والتعليم يحتاج إلى إصلاح حقيقي مرتبط بتدبير مخصصات لهما وهو ما يحكم بسقفين الأول نسبة ما يخصص إلى فوائد الدين في الإنفاق وإضافة إقساط الدين التي تظهر في الأسفل بالميزانية تحت بند وسائل تسديد العجز، وحسب الموازنة تذهب 50% من الإنفاق إلى خدمة الدين وهو التزام قانوني لا “هزار” فيه وما بقى هو نصف الإنفاق في الموازنة العامة.

وتداعيات هذا التقسيم خطيرة جدا ففي هذه الحالة ما نسميه “البراح المالي” ينكمش لأن خدمة الدين شاملة الفوائد والأقساط ولابد أن تدفع، لأن بند خدمة الدين لا مرونة فيه وعند وصوله لأكتر من 50% من حجم الموازنة إذن نحن نعانى من قيود صارمة جدا فيما يتعلق برعاية أوجه الإنفاق الأخرى.

ما رأيك بسياسات الاقتراض والتوسع فيها حتى وصل حجم الدين الخارجي إلى 90 مليار دولار والدين الداخلي تجاوز ال3 تريليون جنيه ؟ 

سياسات الاقتراض تعبر عن جهل بالتاريخ الاقتصادي والسياسي المصري الذي يؤكد أن إغراق مصر بالديون في عهد إسماعيل وسعيد في أواخر القرن التاسع عشر وتهافت البنوك الأجنبية على مصر وقتها كان مقدمة لنزول قوات الاحتلال البريطاني في مصر 1882.

وبسببها وضع صندوق الدين مراقبين انجليزي وفرنساوي والحكومة لا تتخذ أى قرارات إلا بالمرور عليهم ثم الخطوة التالية كانت الاحتلال .

الديون تنطوي على مخاطر سياسية تزداد وفقا لموقع مصر الجغرافي والتوسع في الاستدانة جهل، والدكتورة سحر نصر لا تعرف شيء عن التاريخ المصري على الإطلاق لأنه لا يدرس في الجامعة الأمريكية التي تخرجت منها، وهى انفردت بملف الديون وألقى في روع الرئيس أن الحصول على القروض هام لأنه استثمار والرئيس صدقها باعتباره خلفيته محدودة في هذه المنطقة، والوزراء لا يستطيعون أن يخططوا خارج حدود صندوق النقد الدولي، فمجموع الدين الخارجي والداخلي يتجاوز حجم الناتج المحلى وهذه مسألة خطيرة.

النظام يروج لسياسته الاقتصادية التي يستحسنها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي باعتبارها الحل الأمثل والوحيد فما رأيك وما هو البديل؟

النسخة الرسمية من الحكاية أن مصر تمضى على طريق الإصلاح والإدارة الأمريكية تستحسن والاتحاد الأوروبي يستحسن ولكن هل الشعب المصري يستحسن هو الآخر؟ الشعب هو المعيار، هناك عبء ارتفاع أسعار وهى محاولة متكررة من الحكومة لتقليص الخدمات والدعم ورفع المقابل لها، هناك سوء في إدارة الملف الاقتصادي في مصر ونحن عبرنا أكثر من مرة وقت الإعلان عن قرض البنك الدولي وطرحنا بديل.

وما هي البدائل في رأيك؟

الاقتراض سببه العجز في ميزان المدفوعات والعجز في الموازنة العامة للدولة وهناك عجز خارجي مدفوعات إقساط الدين، لكن حين أبحث عن التفاصيل نجد مضحكات ومبكيات أتذكر إننا نستورد تفاح بقيمة 650 مليون دولار، هل المصريين لا يمكنهم العيش بدون التفاح؟.

نحن نحتاج إلى وضع الأولويات ومراجعة بنود الإنفاق فيما يتعلق بالواردات، هناك سلع أخرى، مثلا السيارات لا نحتاج إلى هذا السيل العارم من السيارات المستوردة التي تؤدى إلى حرق بنزين وأزمة مرورية لا حاجة لنا بها، إذن هناك بدائل خاصة في بلد عضو في منظمة التجارة العالمية ولديه ضائقة اقتصادية بعد 25 يناير من حقه أن يتخذ تدابير من أجل وضع قيود على الواردات وخفضها بنسبة 20% وهذا سيوفر مبلغ مناسب جدا 14 مليار دولار وهى قيمة أكثر من قيمة القرض الذي حصلنا عليه من البنك الدولي.

والحل في نص اتفاقية الجات الذي يقول: الدولة التي تعانى من ضائقة تتقدم بطلب ودلائل، وأتفاوض مع الدول التي ستتضرر من خفض الواردات، لكن المشكلة أن الوزير التجارة والصناعة الذي يدير الملف لا يعلم إمكانية هذا البديل.

وهناك واردات أيضا عبارة عن خدمات تحتاج إلي الحظر لفترة منها سياحة المصريين بالخارج ويشمل ذلك السياحة الدينية فهناك حالة هوس بين الناس، المواطن يحتاج إلى استشعار الصدق من المسئول حتى يتجاوب هذا هو ما يعنى إدارة الشأن العام حتى لا أتخذ قرارات وأندم عليها.

والحكومة تتجاهل وسائل زيادة الإنتاج وتركز على وسائل زيادة الإيرادات، ويجب فرض ضرائب على الأرباح التي تتحقق في البورصة، وفرض ضريبة تصاعدية من يكسب مليون أو أتنين يدفع ضريبة بشريحة أعلى وليس مثل المواطن العادي.

وأشك أن العاملين في المجال العقاري يدفعون ضرائب على الإطلاق، وهو ناتج عن خلل في السياسة الاقتصادية، وأدي إلى تراجع قيمة العملة باستمرار الناس لجأت ملاذان آمنة للادخار بدلا من البنوك، وهى مسؤولية السياسة العامة.

وما رأيك في أزمة تعويم الجنيه؟

سعر الصرف ” سره “الاقتصاد اللعب فيه يدمر كل شيء، عومت لحل مشكلة العجز الخارجي وخفضت فزاد الدولار بنسبة 100%.

النشاط الاقتصادي سواء كان إنتاج أو استهلاك واستثمار يعتمد على الخارج بدرجة مرعبة، فنحن نستورد أكثر من 50% من احتياجات القمح الإنتاج يعتمد على مكونات أجنبية بنسبة 60% وبعضها تصل إلى 80% وبالتالي ينتج عنه مع التعويم ارتفاع تكلفة الإنتاج كنت أتصور أن الصناعات الغذائية لا تتأثر فالطماطم لدينا مثلا ولكن هذا غير صحيح لأنني أحتاج إلى مواد كيماوية معينة مستوردة وهى معادل التفاعل، حتى إنتاج الألبان يحتاج إلى أعلاف نستوردها من الخارج، وهذا بسبب أن التصنيع لدينا ضحل.

و البنك المركزي فشل في إدارة الأزمة،  وقرار التعويم كارثة بالنسبة لكل المتغيرات الاقتصادية في مصر باستثناء أن مصر في عيون الأجانب أصبحت مصر تمثل مجال خصب للاستثمار، حتى أن مصر وضعت في التصنيف الجيد ولكنه استثمار لا يصب في شرايين الاقتصاد المصري خاصة تعاملات البورصة وقد طالبنا بفرض ضرائب على هذه الأرباح وأيام هاني قدري الـ”مسكين” حين  فرض ضريبة أرباح 10% هاجوا عليه وبعدين جمدوا القرار 3 سنين.

ما رأيك في المشروعات القومية الحالية وعلاقتها بالضغط على الجنيه؟

كلها مشروعات تتضمن إنفاق لعدة سنوات ولن يكون بها أي إنتاج خلال تلك السنوات فأنا أزيد جانب الطلب ولا تحدث زيادة مقابلها في اتجاه العرض وبالتالي النتيجة ضغط على العرض وزيادة الأسعار، ولم يأت شيء بعد من قناة السويس أو العاصمة الإدارية الجديدة وكلاهما مشروعات ما نسميه “فترة التفريخ” أي لن يفيدني الآن لتخفيف الضغط على الجنيه.

ومطلوب مراجعة قائمة المشروعات القومية ونقلل معدل التنفيذ لها بما نسميه بطاقة الحمل الطاقة الاستيعابية للاقتصاد، وأنظر إلى أمور أخرى بجانب الإنفاق في نظام المدفوعات.

سبق وأن صرحت أن مشروع قانون السويس عظيم هل مازلت عند رأيك ؟

نعم، مالا يفهمه الناس أن قناة السويس بكل ما تعنيه لمصر تتعرض لمخاطر في الأفق، وإذا كنا نريد أن نحافظ على تنافسية القناة كمرفق للتجارة الدولية وما يرتبط به من مكانة مصر التي تحتضن هذا المرفق وهى مخاطر القيادة السياسية لم توضحه للناس.

ولكن رغم دفاعي عن المشروع من زاوية الحساب الإستراتيجي إلا أن التكلفة كانت أكثر مما يلزم وهو ما لم يتحدث عنه أحد فلم نكن في حاجة إلى الانتهاء من المشروع في عام واحد وكان من الممكن أن ينتهي خلال 3 سنوات على سبيل المثال، والسبب في ذلك زيادة تكاليف ما يسمى ” بالتكريك” أى تجريف الأرض والصخور حيث أن سعر متر التكريك ارتفع من 8 دولارات في المكعب إلى 25 دولارًا وفقا لمصادري وبالتالي كان من الممكن تحاشى تلك التكلفة.

تحدثت عن مخاطر لقناة السويس ما هي؟

إسرائيل كان لديها مشروع واتفقت مع البنك الدولي والسلطة الفلسطينية والأردن والصين على إنشاء خط نقل سكة حديد من إيلات على خليج العقبة إلى اشدود وهو نقل سريع، والحاويات هي النقل الأساسي  لقناة السويس وسهل حملها على عربة قطارات، وبالتالي ما لم يتم إعادة تأهيل قناة السويس سنخسر، خاصة مع منظمة نقل بطيئة ولكن تكلفة النقل إذا تجاوزنا عن المدة هي اقل كثيرا من النقل البرى، وعلينا تقليل زمن العبور وتقليل زمن الانتظار وهو ما كان مقصودا من المشروع الجديد لقناة السويس.

الخطر الثاني التغير المناخي وارتفاع درجة الحرارة سهل مرور السفن من شمال شرق آسيا خاصة في شهور الصيف، وبالتالي التجارة تستطيع الوصول إلى غرب أوروبا بدلا من اللف من قناة السويس .

الخطر الثالث قناة بنما لديها مشروع لتطويرها حيث أن مشكلتها الأساسية اختلاف جزء من منسوب القناة وقت لآخر وبالتالي يطورون القناة بوضع سفينتين بدلا من واحدة في الهويس وقد انتهوا فعليا من التطوير بجانب السفن الكبرى التي تسمى الجيل الرابع .

في ظل الأزمة الاقتصادية ماذا عن حلول موعد تسديد ودائع قناة السويس؟

لن يكون هناك أزمة لأنها مجرد معاملات داخلية بالجنيه المصري، وسيسمى بالدين الدوار وهو يعنى الدين الذي أتسلمه لتسديد دين قائم بالفعل والمواطن سيحصل على العائد

البعض رأى أن أمريكا عومت الدولار ولم تحدث مشكلة  كيف ترى ذلك؟

ليست فقط أمريكا التي عومت الدولار، بريطانيا عومت الاسترلينى ولن تحدث مشكلة لان تلك البلاد تضبط اقتصادها جيدا والعرض والطلب الخارج يعتمد عليها وليس العكس، أما أمريكا فالدولار الأمريكي هو عملة الارتكاز في نظام النقد الدولي وبالتالي كله يطلب الدولار الأمريكي، وهناك سلع تعلن في العالم عن سعرها بالدولار وكل هذا يعنى أن هناك مقومات للدولار الأمريكي ويسمح بأن يكون معوم.

كيف ترى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة؟

رأيي معلن من قبل وكتبت في ” الأهالي” وفى إحدى المرات  قلت “سيادة  الرئيس العاصمة الإدارية إهدار للمال العام فاجتنبوه”.

لا أرى أي أهمية له ضمن الأولويات الوطنية على الإطلاق، إضافة أنه ليس له دراسة جدوى، وتفاصيل فائدته وأولويته وهذا لم يطرح على الإطلاق، وحجة الرد بأنه لم يكلف الدولة شيئا “ده كلام أهبل “، كيف ذلك؟ والأرض ملك الشعب في الأساس، هناك جزء سياسي في الموضوع مغيب، وهو مورد يملكه الشعب وفقا للدستور ولا يحل للحكومة التصرف فيه خاصة أنك تُملك الأرض لأسماء عربية ومستثمرين غير مصريين، وبالتالي المصريين أصبحوا يتامى في هذا البلد.

وحتى إعلاناتها تمتهن المصريين وتكتب بالإنجليزية، لو كنت رئيس مجمع اللغة العربية أقسم بالله” أعمل أزعرينا” عن الإعلانات الإنجليزية أو مسئول يطلع يقولك “problem”، نحتاج سياسة لاحترام لغتنا والدفاع عنها بالمناسبة فرنسا تصرف مليارات للدفاع عن اللغة الفرنسية.

كنت صاحب فكرة منظومة الخبز، كيف تراها بعد التنفيذ؟

الدعم له ما يبرره، طالما وجدت فئات تستحق الدعم، على اختلاف صوره، وما يحدث أنه كان يتم شراء القمح من الفلاح وإعطائه للمطاحن كأمانة – تصوري- ودفع تكلفة طحنه وتعهد المطحن تسليم 82% قمح مطحون و18% ردة، ولكن الكثير من تستيف الأوراق كما نسميه يحدث فلم يتم تسليم الدقيق كاملا أو الردة، بجانب أن الدقيق يباع للمخابز بـ16 جنيه للشوال 100 كيلوجرام اى بما يعادل 1600 جنيه للطن في حين تكلفة الطن 2400 جنيه وبالتالي منطق الإصلاح هنا الموجود من خلال منظومة الخبز الجديدة هو بيع القمح بتكلفته للمطاحن والمخابز تدفع في الدقيق نقدا ونحل أيضا مشكلة تسريبه.

وماذا حدث في الواقع ؟

 لم تغير هيئة السلع التموينية معاملتها مع المطاحن والمخابز مازلنا على الورق شاريين، ومازلنا في آفة تستيف الأوراق، ولذلك أقول أنه رغم إفادته المواطن وأصحاب المخابز وأصحاب المطاحن ولكنه أضر جدا بالمال العام لأنه زاد من اعتمادات دعم الخبز في الموازنة العامة.

وهناك من يتربح من استيراد القمح بمليارات الجنيهات سنويا، وحين استلمت الوزارة طلبت سحب الاحتكار من هؤلاء لصالح هيئة السلع التموينية، والآن عاد مرة أخرى سمح لهم بالاستيراد والتوريد للحكومة.

زيادة أسعار الكهرباء بعض من يرفضها يطلق عليها كلمة “جباية”؟

مفهوم الشارع أنها جباية مشروع في محله، الحكومة تأخذ مبالغ دون خدمة تقابلها، ولكنها تحدث بسبب مشكلة الحوكمة، فتكلفة الكهرباء منتفخة لأسباب كثيرة منها سوء الإدارة وكثرة البيروقراطية، أي تكلفة أخرى تتحدث عنها الحكومة للكهرباء؟ أتحدى أي شخص يمكنه أن يخبرني تكلفة الكهرباء أو حتى الكيلومتر مربع من الماء التي زادت فواتيرها هي الأخرى، نحتاج إلى جهة إشرافية تقوم بدور المستهلك للتأكد من الأرقام وتنظيم حسابها.

من المفترض أن مصر لديها فائض أرز فلماذا تحدث الأزمة ولماذا لا تشترى الدولة من الفلاح بشكل مباشر المحصول ؟

الدولة اشترت الأرز من الفلاح وقت كنت وزير بسبب عِند التجار مع الوزارة النظام الحالة للأرز أن هيئة السلع التموينية تطرح مناقصات والتجار تقدم العروض ويتم التنفيذ بعد الاختيار، الدولة ملتزمة بطرح أرز رغم أنها لا تملك أي أرز، حقيقة الأمر أنهم عصابة يربطون مع بعض، التجار يذهبون لزارعي الأرز هو يعطى عربون فقط ويتركه لدى الفلاح ولا يخسر أي شيء، يأخذ الأرز للمضارب وعند رسوا المناقصة يسحب الأرز من الفلاح ويبيعه.

كيف حدثت الأزمة وقت توليك الوزارة ؟

التجار رفعوا الأسعار وتحججوا “بالعرض والطلب” وضعت آلية أن كل شهر مناقصة وكل شهر عارفين ويتفقوا مع بعض طلبت منهم التفاهم رفضوا قالوا السوق عرض وطلب”

إذن كل شهر يكون فيه سعر جديدة، لماذا لا أملك بديل ؟ طلبت من العاملين في الوزارة شراء كميات من الأرز من الفلاحين وقالوا أنهم يحتاجون مليار ونص للشراء وبالفعل دبرت الفلوس في نهاية الموسم جمعوا 97 ألف طن، وتم تثبيت السعر لمدة 3 أشهر، وحين نجحنا رئيس شعبة الأرز جاء إلى مكتبي وقال إني تسببت في وقف حالهم، فقلت له العقد شريعة المتعاقدين “أنا عملت مناقصة وانتووا دخلتوها “، وحين جاءني خبر أن هناك إضراب في مضارب الأرز تحدثت مع كبيرهم على الهاتف وأخبرته أن عقاب ذلك السجن .

وماذا عن ارتفاع أسعار أنبوبة البوتاجاز؟

لا أعتقد أن سعر أنبوبة البوتاجاز الحالي – خمسون جنيها وقد يزيد الأيام القادمة- عادلا بالنسبة للمواطن لأنه يحمّل الأسر الفقيرة ميزانية كبيرة وحتى الأسر المتوسطة خاصة وأنها سلعة أساسية وبالتالي لابد أن تقدم تلك السلعة بما يناسب دخل الأسر المصرية.

وما حدث عند دخولي الوزارة أنني وجدت الجميع يتساءل عن ملف أنبوبة البوتاجاز فطلبت منهم ملف يشرح لي مسيرة الأنبوبة من البداية، كانت مفاجأة “فوضى عارمة”، نحن نستورد نصف احتياجاتنا، في الصيف والشتاء 60% مستورد و40% محلى، ما يأت من الخارج عن طريق ميناء الدخيلة من ناحية الجزائر ويتم توصيل الخرطوم إلى الشبكة الخاصة بغاز البوتاجاز ومنها إلي مخازن التوزيع، في الشتاء الاستهلاك يزيد، وإذا لم تأت المركب السوق يشتعل، فكرت عمل خزان للبوتاجاز في ميناء الدخيلة لاستهلاك مصر لمدة أسبوع للسحب منه وأرجع مرة أخرى له وبالتالي عندي احتياطي حتى لا تتأزم، وطلبوا 150 مليون لعمل خزان وبالفعل دبرت الفلوس وبعد شهرين وزير البترول لم ينفذ المشروع بسبب البيروقراطية وأصحاب المصالح.

ولماذا لم يتم إنشاء الخزان؟

طلبت من محافظ الوادي الجديد ومحافظ البحر الأحمر تنظيم مؤتمر لإقناع الناس التي ترفض وفقا لكلامه عن قناعتهم في ضررهم من المشروع، ولم ينجح، بعدها في اجتماع رئيس مجلس الوزراء أطالب بألا يسألني أحد على البوتاجاز بسبب رفض المحافظين ووزير البترول الذي لم ينفذ وعده، هنا مجموعات المصالح هي كلمة السر وقت التعامل مع الإجراءات والأوضاع وهو ما يعرقل اى تقدم أو تنظيم، الآن الدولة غائبة عن مشهد البوتاجاز، وفى أيدي المتحكمين.

الكثير من الشباب محبط من نتائج ثورة 25 يناير ما رأيك في مشهد الثورة من البداية ؟

خرجنا إلى الميادين من 7 سنوات من أجل عيش حرية عدالة اجتماعية، نحن نتحدث عن حركة تاريخ، تاريخ الثورات الكبرى يقول أنها تعرضت للسرقة في مراحل مختلفة والأمر استغرق عدة عقود حتى انتصرت قوى الثورة في النهاية مثل الثورة الفرنسية.
الآن صراع بين قوى الثورة وقوى الثورة المضادة، سرقت من الإخوان أول مرة ثم عناصر من نظام مبارك بدعم من الجيش لكنها ليست نهاية المطاف.

كيف ترى احتكار الجيش لتنفيذ المشروعات وأثره اقتصاد؟

بشكل شخصي تعاملت مع الجيش وأسجل له الهمة في انجاز المهمة والإحساس بالمسؤولية والانضباط الشديد، مثلا أزمة الدقيق في الصعيد وفى 8 محافظات بسبب توقف عمال المطاحن عن العمل لمطالب خاصة بهم، اعتقد أنني “رأيت أيام أسود من قرن الخروب في الوزارة” وكانوا سببا في نقل القمح في سرية لوصولها إلى الأقاليم وتأمينها عبر الرحلة.

أما عن دخول الجيش في مجالات مدني هو ليس أمرا مطلوبا كله ولا يمكن تبريره كله لأنه يتمدد في مجالات أبعد من مجاله الأصلي بكثير بحيث أخشي عن قوام الجيش وجاهزيته في الدفاع عن الوطن، أيضا تعامله مع القطاع المدني بشكل مباشر ما يؤدى إلى الاتفاق مع شركات لإدارة مشروعاته ومقاولين من الباطن وهو ما يخلق مساحة من الفساد ويمكن أن يتسرب إلى الجيش، لابد أن ندرك ونضع الحد الفاصل لما يمكن للجيش عمله وما يحسن للجيش عمله.

ما حقيقة الاحتياطي النقدي وهل الاقتراض لزيادة الاحتياطي يساعد في التنمية خصوصا في ظل التوسع في المشروعات العقارية واتجاه الدولة للاستثمار العقاري؟

التنمية تنمية إنسان وتنمية إنتاج، يكفى أن نلاحظ أن الحكومة أعلنت سعر توريد القمح أوائل ابريل 2018 حيث بدأ موسم التوريد في نصف أبريل، السؤال لماذا أعلنوه في هذا التوقيت دون فائدة هو لن يصبح أداة محاسبية نحن نعلن السعر للتحفيز قبل موسم الزراعة لتشجيع الإنتاج المحلي.

وأي اقتصاد يقوم على ساقين (صناعة وزراعة)، أنا قاعدتي الأساسية الفلاحين، ماذا سأفعل بهم، حتى لا يهاجروا إلى المدن وتتضخم مشكلة أخرى.

والصناعة نفس الشيء لدينا 20 ألف مصنع معطل والحكومة لم تتخذ أية خطوة إذن، لا توجد رؤية نحن نعتمد على نشاط المستثمرين وهو ليس بكاف، على الدولة أن تقوم بدورها حتى في مجال الاستثمار الحقيقي.

وكيف ترى رفع أسعار الوقود الأخيرة ؟

الزيادة الأخيرة لأسعار البنزين ضد العدالة الاجتماعية خاصة في هذا التوقيت، وكان من المنتظر زيادة الدعم المخصص للمواطنين المقيدين بمنظومة الدعم السلعي عقب إعلان وزارة البترول زيادة أسعار الوقود لأنه سيترتب عليه زيادة في أسعار السلع الأخرى.

أما عن الزيادة نفسها والتي جاءت نسبتها أعلى للسولار وبنزين 80 و92 فهي قائمة على تكاليف البنزين بالنسبة للدولة والتي ترتفع في أنواع البنزين الأدنى مثل بنزين 80.

Leave a Reply