شهادات لـ 15 أسرة للمبادرة المصرية عن تفاصيل معاناتهم: “هذه حكاية الكانتين” أهلا بك في سجن يقهر ويحقق أرباح
الأهالي في تقرير “للبيع في الكانتين”: زيادات الأسعار تصل لـ300%.. وما يتم منعه في الزيارات يوفره الكانتين بأسعار خرافية
التقرير: البرتقالة بـ3 جنيهات والتفاحة بـ5 والبلحة بـ2 جنيه.. وزيادات أسعار السلع: السكر 281%.. والدجاج 248%.. والحبوب 244%
منار الطنطاوي زوجة الصحفي المعتقل هشام جعفر: قالي أن أكل الكانتين وحش والتعيين سيء وقليل.. ومضطرة أجيب أكل معايا
آية: بيمنعوا دخول الحاجات للي إحنا جايبينها ويقولوا موجودة في الكانتين .. وبعدين يبيعوها بأضعاف أسعارها
سارة الألفي: مش مضامنة أكل الكانتين ولا المطبخ.. حتى الحاجات اللي بندفع فيها فلوس مش مضمونة وبرضو سيئة
زوجة المعتقل أحمد سليمان: ليس هناك مخرج من التعسف في قوانين الزيارات ولا التخلص من العبء الاقتصادي الذي يتسبب فيه
“بعد حبس زوج سارة، أصبح الكروشيه أكثر من مجرد هواية. تحول الي مصدر لإعاشة أسرتها، وطريقة لتدبير أموال كافية تدفع لحساب زوجها في الكانتين، ومصاريف أبنائها الثلاثة الدراسية”. نعم مصاريف الكانتين داخل السجن وفقا للشهادة السابقة وهي لإحدى الزوجات، والتي تعتبر السجن “بيت إضافي تصرف عليه”.
إحدى الزوجات، سارة، التي كانت تذهب في بعض الأحيان الي سجن العقرب مرتين مرة للحصول علي اذن بالزيارة وأخري للزيارة نفسها التي لا تتأكد فيها أن ما تحضره لزوجها سيدخل أم يتم رفضه وتعود به فاسدا نتيجة الجو السيىء وطول المسافة أو أنهم سيأخذونه ويتم بيعه داخل الكانتين وفقا لطبيعة ربحية خاصة بسجن الكانتين.
هذه إحدى حكايات الظلم الذي يتعرض له السجناء وأهاليهم أيضا، ضمن تقرير كبير أصدرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، عن الحياة الاقتصادية للمساجين داخل السجون، وتأثير الأزمة الاقتصادية عليهم مع ارتفاع الأسعار المبالغ فيه، وخاصة بعد تعويم الجنيه.
الأسر في شهاداتهم رووا المعاناة التي تقابلهم في الزيارات وأثناء محاولتهم إدخال إعاشات لذويهم، الأمر الذي يحصل في بعض الأحيان إلى منع الزيارات وإجبار الأسر على العودة بها فاسدة، وأيضا لإجبار المساجين على الشراء من الكانتين الذي شهدت أسعاره ارتفاعا مبالغا فيه.
وتقول سارة الألفي، من عائلة أحد المحتجزين في سجن طرة شديد الحراسة “العقرب”: “فاتحينه سوق وبيستفيدوا منه، عاملينها عملية تجارة، هو نظام إللي هُوه إحنا بنخدمك، بس بنخدمك بإيه؟ بزيادة، يعني بناخد منك زيادة، أنا مثلا ممكن أروح أجيبله ثلاثة وأربعة كيلو تفاح، بس لأ مفيش الكلام ده، هما يمنعوك إنك تدخل الحاجة في الزيارة ويقولوا عشان بتتباع في الكانتين”.
وتضيف سارة: “بس هما هناك بقا بيبيعوها إزاي. التفاحة لوحدها تعمل 5 جنيه. البرتقانة الواحدة تعمل 3 جنيه، إللي كان سعر الكيلو وقتها 5 جنيه. لما كان وقت رمضان، بعد ما منعوا إن إحنا ندخل البلح، البلحاية لوحدها إللي هوه التمر إللي كانوا بيفطروا عليه، الواحدة بس بـ 2 جنيه. يعني حتى البلح إللي كنتي بتجيبيه بالكيلو، لأ، بقى بيتباع بالواحدة والأهالي إللي بتتحمل العبء”.
وتكمل: “يعني كأن بقى عندك بيتين تصرفي عليهم، 1 بيتك الشخصي و2 بيتك اللي هناك، مكان ما جوزك معتقل يعني. وده بيت تاني خالص. ومصاريف تانية بقى ما لهاش حل يعني. تطلع لك من تحت الأرض. وهوه في الآخر مسجون فـإنتي لازم توفريها له”.
لا يتوقف مشهد العقاب للسجين السياسي عند حد الحكم أو التجديد للحبس الاحتياطي، فهناك مشاهد لا يعلمها الكثيرون، تفاصيل إنسانية عن طبيعة الحياة داخل السجن من منطلق “أساسيات الحياة” من طعام وشراب ليس الا، ورصد كيفية التحول إلي نمط سجن يحقق أرباحا؟ واستغلال حاجة المساجين وسوء حالة الظروف داخل السجن، عبر بيع الحاجات الأساسية.
أتصمم للسياسيين
داخل سجن العقرب الذي وصفه في لقاء تليفزيوني اللواء إبراهيم عبد الغفار مأمور السجن سابقا عام 2012 “متصمم علي إن اللي يخشه مايرجعش منه إلا ميت، إتصمم للسياسيين” والذي أنشأ بموجب قرار وزير الداخلية رقم 4291 عام 1993 كسجن شديد الحراسة ويحدد القرار أن يودع به “المسجونين الخطرين”.
حكايات كثيرة تروى علي لسان أقارب المساجين والمعاناة التي يعيشونها –في الغالب السيدات منهم- أثناء الزيارات وكيف أن وجود سجين هو تكلفة كبيرة للأسرة البسيطة كما جاء علي لسان آية حسني أحد أفراد عائلة مسجون في العقرب”.
وتقول آية في شهادتها: “كانوا بيمنعونا من الحاجات إللي إحنا جايبينها، ويقولوا لنا إنها موجودة في الكانتين، إحنا كنا طبعا ما عندناش مانع نحط فلوس بس همه كانو إيه، يغلو في الأسعار جدا، يمنعلك المشروبات أو العصائر أو كده و يوفرها في الكانتين بفلوس مضاعفة، الفترة إللي الزيارة بتتقطع فيها خالص همه كانوا بيبقوا معتمدين على العسل والتمر إللي إحنا بنكون مدخلينها لهم قبليها، مثلا كل يوم معلقة عسل، وثمرتين فيقعدوا معاهم”.
فيما سألت أية “الناس مفروض تجيب الفلوس دي كلها منين؟”. سؤال آية يفتح الباب للمزيد من الشهادات التي تؤكد داخل الدراسة “ممارسات الكانتين” وهو مصطلح جديد شديد الأهمية لأنه من ناحية الأدبيات والخطاب العام للانتهاكات الطبية والتعذيب في العقرب لا يشمل ذلك تفحص الاستغلال الاقتصادي للمساجين كأحد هذه الانتهاكات، ومع التأكيد أن وزارة الداخلية وسلطات السجن لا تكشف عن أي معلومات حول ميزانية تشغيل الكانتين داخل السجون وعائداته وهي كانت من الصعوبات التي وقفت أمام الدراسة محل السرد هنا.
فيما تقول شهادة أخرى، أن الزيارة الواحدة تكلف حوالي 2000 جنيها، وأحيانا يتم رمي ذلك كله عندما يتم رفض دخوله إلى المساجين، أي أن التكلفة تصل شهريا إلى 4 آلاف جنيها إذا أن الزيارة مرتين شهريا، خاصة وأن الزيارة تكون لتكفي عدد كبير من المساجين.
ويشير التقرير إلى أن الكانتين هنا هو دلالة مختصرة لأي معاملات مالية بخصوص الطعام أو أي موارد أخرى للاحتياجات المعيشية بين المساجين ومؤسسة السجن الرسمية سواء كانت الكانتين أو الكافيتريا وعبر شهادات من سجن العقرب تعكس الدراسة الحالة الاستثنائية سيئة السمعة التي تتبع السجن شديد الحراسة.
ورصدت الدراسة نسبة الزيادة في الأسعار خلال الفترة من يوليو 2016 إلى يوليو 2017، وهي الفترة التي شهدت الارتفاعات الكبيرة في أسعار كل شيء، سواء قبل شهر نوفمبر مع اختفاء الدولار من الأسواق، أو بعد نوفمبر الذي شهد قرار تحرير سعر صرف الجنيه وارتفاع أسعار العملات الأجنبية.
وفي الأسواق وخارج السجن، ارتفع سعر السكر والحلويات بنسبة 56%، بينما زاد السعر في السجن بنسبة 281%، مع مراعاة أن الأسعار قبل الزيادة هي في كل الحالات أعلى من سعرها بالخارج، وزادة أسعار الدجاج خارج السجن بنسبة 23%، بينما سجلت الزيادة بالسجن 248%، كما زادت أسعار الحبوب (الأرز وخلافه) خارج السجن بنسبة 19%، أما بالداخل سجلت الزيادة 244%، والبرتقال مثلا، زاد سعره بالخارج 89%، بينما في السجن جاءت الزيادة حوالي 314%.
وأشارت الدراسة، إلى أن هذه النسب، تقديرية في ظل غياب أسعار رسمية للكانتين، والتي لا تتوفر علنا، اعتمادًا على شهادات المساجين بأن الأسعار العامة كانت على الأقل ضعف أو في بعض الأحيان ثلاثة أضعاف الأسعار في السوق قبل تعويم الجنيه
وعلى سبيل المثال، من ضمن الأسعار التي أخبر عنها في المقابلات، كان أن سعر ثمرة واحدة من البرتقال، تباع بسعر كيلو جرام كامل (ثلاثة جنيهات قبل التعويم)، إذا كان كيلو جرام البرتقال يحتوي على ثلاث أو أربع ثمرات متوسطة الحجم، يعني هذا أن نسبة التضخم الموجود في الكانتين داخل السجن قبل التعويم تبلغ %350.
سعر آخر لوجبة غداء تحتوي على ربع دجاجة مع بعض الأرز والخضار يبلغ 60 جنيها في وقت بين 2015 و2016، بينما كان يمكنك شراء وجبة مماثلة في مطعم معقول بسعر 30 جنيها أو أقل من نصف السعر، بنسبة تضخم 100%.
وتؤكد الشهادات أن المساجين يعيشون في حالة تضخم اقتصادي منذ وقت طويل حتى من قبل قرض صندوق النقد الدولي، والذي تسبب في سوء حالة عدم اليقين الاقتصادية، لكن هذا ليس جديدًا. وعانى المساجين منذ نوفمبر 2016 وما تلاها كلحظة زمنية تكشف فيها التضخم المزدوج.
واعتمدت الدراسة على 15 مقابلة مطولة ما بين مايو وأكتوبر 2017 منها 3 مقابلات لأقارب محبوسين من العقربـ 4 أشخاص ساعدوا في تنظيم الاعاشة في سجون القاهرة، و5 من أقارب مساجين حاليين في سجن المنيا شديد الحراسة وسجن دمنهور العام.. ومسجونان سابقين بسجن القناطر والمزرعة في الفترة من يونيو 2015 -2016 وبين فبراير –ديسمبر 2016 بالترتيب.
علي الرغم من الظروف شديدة التنوع التي تفصل خبرة المساجين من سجن إلى آخر، فإن كانتين السجن جزء من خبرة المساجين اليومية في جميع السجون. والوقوف أمام البوابة الرئيسية لمجمع سجون طرة يبرز هذه النقطة، وعلى الرغم من المسافة التي تفصل بينهم وتصل إلى عدة كيلومترات.
وتتذكر إحدى أفراد عائلة مسجون في سجن المنيا شديد الحراسة كيف أودعت أموال لأخيها لشراء حاجات معينة من الكانتين بعدما منعتها سلطات السجن من إحضارها إليه أثناء الزيارات ومن بينها الزيت والسكر، وأكدت شهادات أخرى من مسؤولي الإعاشة في كلا السجون العامة وشديدة الحراسة في القاهرة أن منع إدخال أشياء معينة تباع في الكانتين في الزيارة تعد ممارسة منهجية.
وتؤكد المقابلات مع عائلات مساجين حاليين أن الطريق الوحيد للمساجين كي يحصلوا على طعام لائق وملابس هو تمويل المدة التي يقضونها داخل السجن بأنفسهم. أحد الطرق الشائعة التي يتم بها هذا عبر الأقارب الذين يحضرون وجبات ساخنة، وملابس، ومستلزمات صحية لذويهم أثناء الزيارة مرة كل أسبوع للمحبوسين احتياطيّا، ومرة كل 15 يومًا للمحكوم عليهم.
وبحسب المادتين 60 من لائحة تنظيم السجون و38 من قانون تنظيم السجون بالترتيب. تسمح بعض إدارات السجون لعائلات المساجين بزيارة “طبلية” مرة كل أسبوع، حيث يسمح لهم بترك طعام وملابس وأدوية مع حراس السجن لتوصيلها إلى ذويهم
مع هذا، يستحيل على فرد واحد من العائلة حمل كل شيء قد يحتاجه المسجون لمدة أسبوع أو أسبوعين في زيارة واحدة. لهذا السبب، وعبر عقود، تطوّرت الشبكات من أقارب المحبوسين السياسيين والنشطاء المهتمين لخلق نظام زيارات “إعاشة” دوّارة للتأكد من أن العدد الأكبر من الأقارب يزور المساجين في زنزانة معينة أو عنبر معين كل أسبوع لتوفير وجبات مطبوخة للجميع.
بينما أشار التقرير، إلى أنه حتى داخل هذا النظام، يعتمد المساجين على الكانتين لعدد من الأسباب، أولها حين ينفد الطعام الذي يحضره الأقارب، أو بسبب ممارسات التغريب، أو للسبب الأهم وهو أن بعض العائلات لا تستطيع تحمل زيارة ذويهم المحبوسين بدنيّا أو اقتصاديّا. وبعض المساجين ليس لديه أقارب على الإطلاق.
ويُجبر هؤلاء على تناول أي طعام يمنح لهم من زيارات الآخرين وطعام الكانتين حين يقدرون على دفع ثمنه، وكلاهما بديل عن الطعام غير الكافي والفاسد والمثير للمرض في بعض الأحيان طبقًا لشهادات عدد من أقارب المساجين في “العقرب” وسجن المنيا شديد الحراسة والأبعدية والذي توفره إدارة السجن مجانًا. أو حين تمنع إدارة السجن أفراد العائلات من إحضار طعام أثناء الزيارات وهو ما يجبر المساجين على الشراء من الكانتين.
منع الزيارات
هذه كله خلاف فكرة منع الزيارة التي تكررت في أوقات مختلفة وفقا للرصد الخاص بالدراسة، حيث شوهد أقارب المساجين في تواريخ مختلفة منها شهور يناير ومارس 2016 وأبريل ويوليو 2017 فتقول سارة الألفي: كنت بزور مرة في 2016 بعد فترات المنع في 2015 . ً نظام الحجز متعب جدّا. هو المفروض ينظم الزيارات عشان نقلل العدد ونطول في مدة الزيارة بدل ما هي دقيقتين ثلاثة. خصوصًا إن إللي كان بيحاول يزور بعد فترة المنع دي. والعقرب فيه ييجي ألف سجين فكان بيبقى زحمة في الأوقات ديه. بس الحجز خلا الموضوع أصعب”.
هي الحاجات موجودة في الكانتين؟
فكرة المنع بحجة أن ما يدخل للسجين في الزيارة من طعام أو مكنة حلاقة أو أدوات للاستعمال الشخصي لم تكن حقيقية بالشكل الكافي فوفقا للشهادات كانت بالفعل تكون موجودة ولكنها فاسدة أو غير صالحة للاستخدام أو غالية جدا كما قالت في حديثها عن العشوائية في قوانين الزيارة.
وتحدثت منار طنطاوي، زوجة هشام جعفر، عن كيف بدأت الاعتماد على الكانتين كبديل، ولكن بسبب سوء طعام الكانتين، اضطرت للعودة مرة أخرى إلى إحضار الطعام: أنا كنت بحط فلوس في الأمانات بس عشان اللي سمعته عن نظام المنع ده ممنوع وده ممنوع. ماهو أنا مش هقعد أكلف وأرمي في الأرض في الآخر. أنا سامعة عن الموضوع ده ومبحبش أدخل في مغامرة. والمرة الوحيدة اللي دخلت في مغامرة، دخله صباعين الموز بس في مارس 2016 .عشان كده قررت أعتمد على الكانتين وهشام في العقرب. بس الوجبات بتاعة الكانتين، هشام اشتكالي منها في زيارتين. قال لي لأ مش كويسة باللفظ كده قالي إن الحاجة بايظة. وأكل التعيين سيئ وقليل جدا. عشان كده بقيت مضطرة أجيب معايا أكل برضو”.
وتقول سارة الألفي، زوجة أحمد سليمان: “أيوه إنتي مش ضامنة أكل الكانتين. مش ضامنة المطبخ. حتى الحاجات إللي أحمد بيبقى دافع فيها فلوس وشاري وجبة من المطبخ، مش مضمونة. ساعات الأكل برضو بيبقى سيئ “بتعبير آخر”، ليس هناك مخرج من التعسف في قوانين الزيارات، ولا العبء الاقتصادي الذي يتسبب فيه.
كلام علي الورق
يحدد قرار وزير الداخلية رقم 468 لسنة 2017 معايير الحد الأدنى لما توفره إدارة السجن: ثلاث وجبات يومية “إفطار وغداء وعشاء” لكل مسجون مع مراعاة المتطلبات الغذائية الخاصة لمن يعاني من أمراض مزمنة ومن بينها أمراض القلب وتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى الرضع في عمر بين ستة شهور إلى سنة، بالإضافة إلى ملابس المساجين، مع مواصفات خاصة للرضع، والمساجين داخل مصحة السجن، بالإضافة إلى السجينات والمحبوسين احتياطيّا. بتعبير آخر، يتطلب القانون المصري من إدارة السجن توفير حاجات المساجين الأساسية دون استثناء وبلا مقابل.
لكن الواقع يختلف تماما عن كلام الورق، شهادات العقرب التي جمعتها المبادرة تؤكد أن الطعام المقدم في السجن بائس الي حد كبير وكثيرا مايكون فاسدا وملىء بالشوائب والسوس وبسبب منع الزيارات غير المجدد والمفاجىء كثيرا كما سبق في السطور الأعلي والفشل في الالتزام بمعايير الحد الأدني لطعام المساجين الذي قرره القانون المصري يجبر السجين علي الاعتماد علي الكانتين ومنتجاته لتغطية حاجاته الأساسية.
كل ذلك يجعل تعامل الأسر مع عبء الأموال المطلوبة من أجل الكانتين – بطل حياتهم الجديدة البائسة- وتوفير احتياجات ذويها وراء المآساة وتزيد من أعباء عائلات المساجين الاقتصادية وهو عبء مختلف كما وكيفا، ووصل الظأمر بهم الي تبادل بعض العائلات المساجيين السايسيين واجبات الطبخ للزيارات الي تقسيم أدوار لإطعام فطاع معين في السجن.
التجريدات.. “ماحدش هاياخد حاجة”
يتذكر الأقارب الذين تحدثوا إلى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن التجريدات الكبيرة بدأت أثناء حظر الزيارة من مارس إلى مايو 2015 بالإضافة إلى حظر الزيارا.
تتذكر آية علاء حسني في حديثها عن زوجها المسجون السابق حسن القباني “دي كانت أول تجريدة عظيمة، أخدوا منهم كل حاجة. كنا في عز الشتاء وأخدوا منهم البطاطين. أنا كنت لسه جايباله بطاطين في الشتاء حتى أيامها كنت بقول مش هستخصر فيه”.
وتضيف: “قالولي جيبوا أي بطانية من إللي همه في وكالة البلح أي حاجة ده سجن. قلت لا لا، رحت جبت بطانية بـ 600 جنيه الواحدة عشان حتى هو يحس إن فيه اهتمام. مالحقتش. أنا دخلتله البطانية في أول زيارة. تاني زيارة كانت اتاخدت منه. وده كان بيحصل كثير. فأول تجريدة كانو بيناموا من غير بطاطين على الأرض في الشتاء. التجريدة إللي بعديها خدوا منهم الهدوم كل واحد استلم هدوم السجن: بدلة واحدة و ماكنش حتى تحتيها ملابس داخلية. هي على اللحم كده في الشتاء و من غير بطاطين أو أي حاجة”.
“أحيانا للتكدير يقولوا لنا إن ممنوع تدخلوا ملابس داخلية. طب الناس دي تعيش ازاي؟ لا هو كده. وبعدين جم بعد كده سمحوا بدخول الملابس الداخلية. لو إنتي جايباه سمني يقول لك لا معلش جيبي أبيض. لما في الشتاء سمحوا بدخول طقم واحد داخلي إللي هوه الكالسون إللي هوه الطويل وبكم، برضو نفس النظام يقولوا لا هاتوا قطن. وناس تانية تقول لهم لا هاتوا صوف. تكدير وغلاسة. وإحنا إللي بندفع الثمن”. هكذا قالت آية حسني.