ليست المرة الأولى التي تشهد فيها قرية “دمشاو هاشم” شرق محافظة المنيا أحداث عنف طائفية، فالقرية التي يعاني أغلب سكانها من البطالة والفقر كأغلب قرى محافظة الصعيد شهدت 3 أحداث عنف طائفي كبرى.
فقد شهدت القرية التي لم يتخطي تعداد سكانها الـ20 ألف مواطن، وأغلب شبابها يعملون في محافظة القليوبية بمنطقة العكرشة، أو ببورسعيد والسويس وغيرها من المحافظات اشتباكات طائفية عام 2005 .
بدأت أحداث 2005 بانتشار شائعة كاذبة عندما بدأت إحدى الأسر القبطية ببناء منزل بالحجر الجيري، يتميز بمساحته الواسعة وحصلت على الترخيص.
لكن بسرعة انطلقت شائعة إقامة المنزل تمهيدًا لبناء كنيسة يصلي فيها مسيحيو القرية (الذين لا يتجاوزون 300 قبطي في 49 أسرة جميعهم أرثوذوكس) بدلاً من قطع مشوار أسبوعي إلى كنيسة قرية صفط الخمار التي تبعد حوالي كيلومترين من دمشاو.
الشائعة لم تستغرق دقائق حتى أتت ثمارها في القرية التي يبلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة، فقد تجمع أمام المنزل عدد كبير من الشباب المسلمين من دمشاو وقرية بني قمجر التي يفصل بينها وبين دمشاو شارع لا يزيد عرضه على 4 أمتار وتتلاصق منازل القريتين، ولأن الأمور كانت تنذر بالخطر اضطر الأمن إلى التدخل ووقف البناء الذي جزم أصحابه الأربعة بأن فكرة الكنيسة لم تطرأ على بالهم على وجه الإطلاق.
الرباعي أصحاب المنزل عادل سعيد وشفيق عزت وأبناء عمهما رضا وفضل عبد السيد استجابوا لنصيحة الأمن، وانتهت الأزمة وظل المنزل حوائط بلا سقف ولا أبواب.
في 2007 عاد أصحابه يفكرون في الاستفادة منه وإعداده للإقامة فيه خاصة وأن أحدهما (عادل) كما يقول يقيم في إحدى غرفه.
وبدءوا في إعداد التجهيزات للسكن لكن الشائعة كانت أسرع وانتشرت في القرية مع تأكيدات بأن محاولات بناء الكنيسة قد عادت.
ساعد على سرعة استجابة الشباب المسلم أمران: الأول أن أصحاب المنزل كانوا قد انتهوا منذ شهور من تجديد منزلهم القديم وتوسعته بشكل يوحي أنه لم تعد لهم حاجة للمنزل الجديد كمسكن.
الثاني: ظهور شخصية قبطية من أهالي القرية ويزعم البعض أنها تتلقى دعماً مالياً من الخارج لإقامة مشروعات قبطية رغم أنها تقيم خارج دمشاو وتزورها كل فترة .
قام بعض المتطرفين الإسلاميين والمتعاطفين معهم بالهجوم على مبني الأقباط وقاموا بالتعدي عليهم ونهب وسرقة كل ما في المنزل من أشياء ثمينة وصلت لسرقة عروق الخشب التي كان يعتزم الأقباط استخدامها في بناء المنزل .
اشتعل الموقف وحاول عمدة القرية تهدئة الأمور إلا أن غضب المتطرفين كان اقوي فقاموا بإطلاق أعيرة نارية في اتجاه الأقباط فتبادل الغفر وبعض أفراد الأمن إطلاق النار على الشباب ما أدى إلى مقتل طالب لم يتجاوز عمره 18 عام يدعي حسين قاسم، وعند انطلاق الجنازة ردد عدد من المشيعين هتافات ضد الأقباط وتعدى بعضهم على منازل ومحلات للأقباط بالطوب.
يذكر أن قرية دمشاو هاشم، بمحافظة المنيا، شهدت اشتباكات طائفية أمس الجمعة، على خلفية رفض مسلمي القرية بناء كنيسة.
ونشرت صحف على لسان مصادر أمنية، إنه عقب صلاة الجمعة، تجمع العشرات من شباب القرية أمام منزل مملوك لأحد المسيحيين هناك، بعد أن تواترت أنباء عن تحويله إلى كنيسة.
وأكد عدد من أهالي القرية، إلقاء أجهزة الأمن القبض على عددٍ من الذين شاركوا في المشادات من الطرفين واقتيادهم إلى مركز الشرطة.
فيما أصدر الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا وأبو قرقاص، بيانا كشف فيه التفاصيل الكاملة للحادث الذي وقع أمس وأدى إلى اقتحام منازل العديد من مسيحيي القرية.
وجاء في البيان: “بعد أن انتشر الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي لزم أن ننشر هنا حقيقة ما حدث، فقد تعرض اليوم أقباط قرية دمشاو هاشم، ظهر اليوم، لهجوم من المتطرفين وتم الاعتداء على منازل كل من: عادل سعيد رزق، ورضا عبد السيد رزق، وكامل فوزي شحاتة، وفوزي شحاتة بطرس، ونهب كمية من المشغولات الذهبية والأموال وتحطيم الأجهزة المنزلية والكهربائية، وإضرام النيران في بعض ممتلكاتهم”.
وأكمل البيان، كما أصيب كلًا من: “عادل سيد رزق 54 عاما ، مدرس، بجرح قطعي في فروة الرأس، وفضل عطية نجيب 45 عاما، بجرح قطعي في الشفة العليا، وأصيب كذلك أحد رجال الإطفاء، وتمت معالجتهم داخل مستشفى المنيا العام”.
وتابع، “فقد تواردت أنباء منذ عدة أيام عن عزم المتطرفين القيام بالهجوم وتم إبلاغ الجهات المعنية، ولكن قوات الأمن وصلت القرية بعد قيام المتطرفين بإطلاق الهتافات التحريضية ثم التعديات المذكورة”.
وذكر البيان، “كان المتطرفون في قرية مجاورة تُدعى عزبة سلطان، قد فعلوا نفس الشيء منذ أسابيع، وبسبب عدم الردع انتقلت العدوى إلى هذه القرية، ومن بين ما تردد من هتافات أنه إنما يفعلون ذلك أسوة برجال قرية سلطان ومن ثم فاحتمال امتداد ذلك إلى قرى أخرى وارد، ما لم يتم عقاب المحرضين وردع المعتدين.