حصل “كاتب” على بيان دار الخدمات النقابية والعمالية، والذي كشف عن ما أسماه بـ”مصادرة حق العمال في إنشاء النقابات لتعليمات مجهولة المصدر”، وهو ما قالت الدار أنه “جرى مع 40 نقابة مستقلة”.
وقال البيان، أن ما يحدث “يجعلنا أمام مؤامرة مكتملة الأبعاد والأركان لإعادة الحال إلى ما كان عليه، وتحويل نصوص قانون المنظمات النقابية العمالية -التى كفلت للعمال حقهم فى تكوين نقاباتهم – إلى مجرد “حبر على ورق”.
وأضاف البيان: “ليس فقط بإفراغها من مضمونها، وإنما أيضاً بالقضاء على المنظمات النقابية المستقلة عن الاتحاد الحكومي الذى يحتكر وحده العمل النقابى”.
وأدان البيان كافة صور التعنت والتعسف التى تتم ممارستها مع المنظمات النقابية المستقلة عن الاتحاد الحكومي، والعمال الراغبين فى تأسيس نقاباتهم بحرية.
فيما طالبت الدار، الحكومة بوقف كافة هذه الممارسات، وعلى الأقل- باحترام القانون، وتطبيقه- دون التعليمات مجهولة المصدر.
ونص البيان:
بتاريخ الأحد الموافق 5/8 /2018 رفعت أربعون لجنة نقابية مذكرة إلى وزارة القوى العاملة متظلمةً من التعنت معها ، وتعليق أوضاعها بما يحول بينها وبين ممارسة أنشطتها وفاعلياتها، مؤكدة تعرضها للكثير من الضغوط لحملها قسراً على الانضمام “للاتحاد العام لنقابات عمال مصر”..وطالبت النقابات بتحقيق شكاواها ، وتمكينها من استيفاء أوضاعها الشكلية، والإقرار بشخصيتها الاعتبارية ، وحقوقها المترتبة عليها.
ورغم أن مسئولي الوزارة قد تسلموا مذكرة النقابات ، وأبدوا استعدادهم لتنظيم لقاء معها لبحث تظلماتها، وتحقيق شكواها.. إلا أن الخمسين يوماً اللاحقة لم تشهد سوى التجاهل والتسويف الواضح من قبل الوزارة.. حيث يستمر الوضع على ما هو عليه.. أوضاع العديد من المنظمات النقابية معلقة دون إتمام إجراءات توفيق أوضاعها.. بل أن بعض المنظمات النقابية التى كانت قد نجحت فى توفيق أوضاعها رفضت الجهات الإدارية إجراءها الانتخابات ، وبعض المنظمات الأخرى تعرضت لانتهاكٍ فظ أثناء العملية الانتخابية حيث تم استبعاد بعض المرشحين لعضوية مجالسها التنفيذية وأحياناً المرشح الوحيد لمنصب الرئيس مما أدى إلى عدم اكتمال قوام هذه المجالس وتعطيل أعمالها.
ويستمر التعسف ، وتتوالى الانتهاكات… العمال الراغبون فى تأسيس لجان نقابية جديدة وفقاً للقانون لا يتمكنون من إيداع أوراق منظماتهم، والحصول على الخطابات اللازمة لإتمام إجراءات التأسيس..واللجان النقابية التى كان العمال قد نجحوا فى تأسيسها قبل إجراء الانتخابات لم تحصل حتى الآن على مكاتبات الوزارة، ولم تتمكن من فتح حسابات بنكية أو تحصيل الاشتراكات.
ومرة أخرى نفاجئ بتعليمات شفهية جديدة..الوزارة تضع مزيداً من العراقيل ، وتشترط ما لم ينص عليه القانون ولائحته التنفيذية.. تشترط أن يكون للجنة النقابية- التى لم تتأسس بعد- مقراً موثقاً سند ملكيته أو عقد إيجاره.. وتُغالي إلى حد اشتراط حضور أحد موظفي الوزارة أعمال الجمعية العمومية التأسيسية فيما يعد تدخلاً مباشراً فى أعمال النقابات، ويتصادم مع مبادئ الحريات النقابية الأساسية، بل ويخالف قانون المنظمات النقابية ذاته.
وإزاء تعسف الوزارة ورفضها التحاور مع المنظمات النقابية المعلقة أوضاعها، يهمنا توضيح مايلى:
* أن السيد /وزير القوى العاملة كان قد صرح· “أن الوزارة بصدد إرسال تنبيه خلال هذه الأيام، لجميع المنظمات النقابية والتى لم تستطع أن توفق أوضاعها، بأن تبدأ فوراً فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفيق أوضاعها أو الشروع فى عمليات تأسيس المنظمة النقابية من جديد، وفقًا لما نص عليه قانون المنظمات النقابية الجديد رقم 213 لسنة 2017 ولائحته التنفيذية”.. حيث أثار هذا التصريح ما يلى من الملاحظات:
* إن المنظمات النقابية المعلقة أوضاعها دون إتمام إجراءات توفيق أوضاعها ، قد سبق لها التقدم بطلباتها موضحةً بها كافة البيانات ، ومرفقاً بها كافة المستندات المطلوبة التى انتهت منظمات نقابية مماثلةً لها من توفيق أوضاعها استناداً إليها، وحتى تاريخه، لم تقدم الوزارة مبرراً مفهوماً ، أو سنداً من الواقع أو القانون لعدم توفيق أوضاع هذه المنظمات النقابية.
* إن المنظمات النقابية المعلقة أوضاعها لم تنتظر تنبيه الوزارة بل بادرت إلى تقديم مذكرتها إلى وزارة القوى العاملة عارضةً شكواها، غير أن الوزارة تجاهلتها وأدارت الظهر لها مستنكفةً عن الاجتماع بها والاستماع إليها وتحقيق مظلمتها.
* إن دعوة السيد/ وزير القوى العاملة هذه المنظمات النقابية إلى الشروع فى عمليات تأسيس من جديد، يصعب الاطمئنان إليها والاستجابة لها للأسباب الآتية:
– أن المنظمات النقابية المعلقة أوضاعها دون إتمام إجراءات توفيق أوضاعها منظمات قائمة منذ سنوات ، انتظم فيها آلاف العمال، ومارست أنشطتها، وأدارت أموالها من خلال حسابات بنكية.. إن التنكر لهذه الحقائق، وإهدار المراكز القانونية التى اكتسبتها هذه المنظمات لا يعد فقط تعسفاً، وإنما عبثٌ بالحقوق التى ينبغى احترامها حفاظاً على استقرار المجتمع.
– أن هذه المنظمات النقابية ليس لديها مانع من إعادة التأسيس إذا كانت هناك ضمانات كافية لاحتفاظها بحقوقها المتكسبة وأموالها.. غير أن مثل هذه الضمانات لا تتوفر لأحد.. فحتى المنظمات التى استطاعت توفيق أوضاعها، والحصول على شهادة بذلك من الجهة الإدارية صادفت صعوبة بالغة فى استعادة حساباتها البنكية وأموالها.
– أن دعوة المنظمات النقابية إلى إعادة التأسيس لا يمكن الاطمئنان إليها.. بينما تضع وزارة القوى العاملة ومديرياتها الكثير من العراقيل أمام العمال الراغبون فى تأسيس منظماتهم النقابية.. متنكرةً فى ذلك للقانون، ومُغالية فى وضع شروط تعجيزية.
* إن التصريحات الوزارية فى شأن المنظمات النقابية التى لم تتم انتخاباتها- والتى تتجه الوزارة إلى تشكيل لجان إدارية بها للقيام بأعمالها التنفيذية- تبدو مثيرةً للدهشة حقاً.. فمن أين جاءت وزارة القوى العاملة بهذا الإجراء الذى لا وجود له فى القانون أو لائحته التنفيذية.. ما هى هذه اللجان الإدارية التى تحل محل المجالس التنفيذية للنقابات (مجالس إداراتها).. من يقوم باختيارهم ؟.. وما هى صلاحياتها؟.. هل تتمتع بصلاحيات مجالس الإدارات أم أنها منقوصة الاختصاصات؟.. ما هو شأن وزارة القوى العاملة (الجهة الإدارية) باختيار هذه أعضاء هذه اللجان المسماة بالإدارية؟
أن العمال أعضاء المنظمة النقابية (جمعيتها العمومية) هم وحدهم أصحاب الحق فى وضع لوائحهم ونظامهم الانتخابي ، غير أن وزارة القوى العاملة تصر مجدداً على استدعاء التراث سيئ الذكر للعمل النقابى تحت مظلة قانون النقابات العمالية السابق بكل ما كان يكرسه من احتكار نقابى، وتدخلات إدارية، وانتهاك لحق العمال فى وضع لوائحهم واختيار ممثليهم بحرية.
إذا كان القانون رقم 213 لسنة 2017 قد حدد مدة الدورة النقابية بأربع سنوات، وفرض آلية لتنظيم الانتخابات النقابية-وهى أحد مثالب القانون وأبرز عيوبه التى أبدينا اعتراضنا عليها لدى مناقشته وحذرنا مما تنطوي عليه من تناقضات، وما تؤدى إليه من مشاكل فى التطبيق- فإن القانون لم يحدد تاريخاً لإجراء الانتخابات لا تجوز فى غيره، كما أنه لم يفرض على المنظمات النقابية أن تظل دون مجالس إدارات، وتدار من خلال لجان إدارية لحين إجراء انتخابات نقابية عامة.
المفترض- وفقاً للقانون- أن تتأسس منظمات نقابية جديدة فى أى وقت، تنتخب جمعياتها العمومية بكل حرية مجالس إدارة كاملة الصلاحيات ، والمفترض- وفقاً للقانون- أن المنظمات النقابية لها الحق “فى وضع أنظمتها الأساسية، ولوائحها الإدارية والمالية، وفى انتخاب ممثليها بحرية كاملة …… وتمتنع السلطات العامة عن أى تدخل من شأنه أن يقيد هذا الحق، أو يعوق ممارسته المشروعة” [المادة 64 من القانون].. والجمعية العمومية لها على الأخص (هـ. انتخاب أعضاء مجلس إدارة المنظمة النقابية بطريق الاقتراع السرى المباشر….و. سحب الثقة من كل أو بعض أعضاء مجلس إدارة المنظمة النقابية أو هيئة مكتبها) [المادة 30 من القانون).. كما أنه “إذا قل عدد أعضاء مجلس إدارة المنظمة النقابية العمالية لأى سبب عن النصف، يجب على مجلس الإدارة دعوة الجمعية العمومية لإجراء انتخابات تكميلية خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر، على أن يستكمل الأعضاء الجدد المدة المتبقية للمجلس القائم” [المادة 44 من القانون]
لا مجال للحديث إذن عن لجان إدارية ، وإنما جمعيات عمومية تنتخب مجالسها بكل حرية.
* يواجه العمال الراغبون فى تأسيس نقاباتهم امتناعاً واضحاً من وزارة القوى العاملة ومديرياتها عن قبول إيداع أوراق المنظمات النقابية المستقلة عن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر”الحكومي”.. من ذلك مطالبة المؤسسين بتوفير مقر ، واثبات سند ملكيته ، أو عقد إيجاره فى مكتب التوثيق العقارى.. كيف يتفق لمنظمة نقابية لم تتأسس بعد ، ولم تكتسب شخصيتها الاعتبارية القانونية أن توفر مقراً وأن توثق عقد إيجاره؟.. ولعله غنىٌ عن الذكر أن القانون رقم 213 لسنة 2017 قد حدد فى المادة 18 منه أوراق التأسيس التى تودع ثلاث نسخ منها فى الجهة الإدارية المختصة ، وليس من بينهما بطبيعة الحال إثبات سند ملكية أو إيجار مقر للمنظمة النقابية.. ربما يبدو منطقياً أن اللائحة التنفيذية للقانون قد اشترطت وجود مقر للمنظمة النقابية وتقديم سند ملكيته أو عقد إيجاره الموثق عند توفيق أوضاع المنظمات النقابية.. ذلك أن المنظمة النقابية التى توفق أوضاعها يفترض أنها منظمة قائمة تعمل وتمارس أنشطتها منذ سنوات.. لكن اشتراط ذلك لدى تأسيس نقابة حديثة لم يسبق وجودها يبدو عارياً من كل منطق.
بلغ الأمر بالوزارة ومديرياتها حد اشتراط حضور أحد موظفيها أعمال الجمعية العمومية التأسيسية للمنظمة النقابية.. لنعود مجدداً إلى التدخلات المباشرة فى الشأن النقابى، وفرض الوصاية الإدارية عليها.
والمدهش فى الأمر أن الوزارة ومديرياتها لا تجيب على التساؤل البديهي : من أين جاءت هذه الاشتراطات، والقانون خال منها؟.. أو أن تأتى الإجابة الحاضرة دوماً : تعليمات؟!..
..هكذا تبدو الصورة الآن: تتعسف وزارة القوى العاملة مع العمال الراغبين فى تأسيس نقاباتهم ، تتعرض اللجان النقابية التى وفقت أوضاعها أو التى أتمت إجراءات تأسيسها جميعها لضغوط شديدة لحملها قسراً على الانضمام “للاتحاد العام لنقابات عمال مصر”..
نعم.. إن الغالبية العظمى من اللجان النقابية المستقلة عن “الاتحاد العام لنقابات عمال مصر” الحكومى غير قادرة على ممارسة أنشطتها.. يعتصرها التعسف والتعنت .. تعسف وزارة القوى العاملة التى تتقاعس عن تطبيق القانون، وتمتنع عن إعطاء الخطابات اللازمة.. وتعنت الإدارات التى يمتنع البعض منها عن إجابة النقابات المستقلة إلى طلباتها وحقوقها التى اقرها القانون.
إن ما يحدث الآن يجعلنا أمام مؤامرة مكتملة الأبعاد والأركان لإعادة الحال إلى ما كان عليه ، وتحويل نصوص قانون المنظمات النقابية العمالية -التى كفلت للعمال حقهم فى تكوين نقاباتهم – إلى مجرد “حبر على ورق”.. ليس فقط بإفراغها من مضمونها، وإنما أيضاً بالقضاء على المنظمات النقابية المستقلة عن الاتحاد الحكومي الذى يحتكر وحده العمل النقابى.
إننا إذ ندين كافة صور التعنت والتعسف التى تتم ممارستها مع المنظمات النقابية المستقلة عن الاتحاد الحكومي، والعمال الراغبين فى تأسيس نقاباتهم بحرية.. نطالب الحكومة بوقف كافة هذه الممارسات، وعلى الأقل- باحترام القانون، وتطبيقه- دون التعليمات مجهولة المصدر!!