وزير القوى العاملة: أسلوبنا يعتمد على الشفافية ولا نقصي أحدا.. ونقابي يرد: أتوقع دخول مصر القائمة السوداء مرة أخرى
سعفان: كانوا يقولون أن لديهم اتحادات قوية عضويتها لملايين ولجان نقابية كثيرة متعددة إلا أن كلامهم في الهوا
الأنصاري: الوزارة تعنتت في تطبيق القانون استبعدت المرشحين بدون أي وجه حق ورفضت التظلمات
بعد اتهامات عدة لوزارة القوى العاملة بالتلاعب في الانتخابات النقابية التي جرت في مايو الماضي، قال محمد سعفان وزير القوى العاملة، أول أمس الإثنين، إن أسلوب الوزارة في التعامل يعتمدُ أساسًا على الشفافية والوضوح، فهي لا تُقصي أحدًا، غير أن هذه التصريحات أثارت جدلا في الوسط العمالي.
وأضاف سعفان خلال لقائه بـ”إريك أوشلان” ممثل منظمة العمل الدولية لتقييم ومتابعة الملفات المشتركة: “إن هؤلاء الذين يطلقونَ كلامًا في الهواء هم سبب التطبيق الفعلي لهذا القانون، نظرًا لما كانوا يُطلقونه من كلمات رنانة أن لديهم اتحادات قوية تصلُ عضويتها لملايين ولجان نقابية كثيرة متعددة إلا أن كلامهم لم يعدو أن يكون كلامًا في الهواء”.
وتابع: “ذلك حينما تم فتح الباب لتوفيق الأوضاع لمدة 60 يومًا، وفؤجئنا بأننا لم نرَ واحدًا منهم تقدم لتوفيق أوضاعه، مما يؤكد ما نكرره مرارًا وتكرارًا، من أن هذه التصريحات لم تكن سوى كلامًا في الهواء دون أدنى سندٍ أو دليل”.
وجرت الانتخابات النقابية في شهر مايو الماضي بعدما صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون بعد إقراره من مجلس النواب في منتصف مارس الماضى.
في المقابل، قالت دار الخدمات النقابية والعمالية، قبل أيام، إن وزارة القوى العاملة ومديرياتها يمتنعون عن قبول إيداع أوراق المنظمات النقابية المستقلة عن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر (الحكومي).
وبحسب الدار فأن الوزارة تشترط حضور أحد موظفي الوزارة أعمال الجمعية العمومية التأسيسية فيما يعد تدخلاً مباشراً فى أعمال النقابات، ويتصادم مع مبادئ الحريات النقابية الأساسية، بل ويخالف قانون المنظمات النقابية ذاته.
كما أن اللجان النقابية التى نجح العمال فى تأسيسها قبل إجراء الانتخابات لم تحصل حتى الآن على مكاتبات الوزارة، ولم تتمكن من فتح حسابات بنكية أو تحصيل الاشتراكات، بينما تقدمت أربعين لجنة نقابية تقدمت في 5 أغسطس الماضي بمذكرة إلى وزارة القوى العاملة متظلمةً من التعنت معها، وتعليق أوضاعها بما يحول بينها وبين ممارسة أنشطتها، لكن لم يصلهم رد حتى الآن.
المذكرة التي قدمتها هذه المنظمات تتضمن تعرضها للضغوط لحملها قسراً على الانضمام “للاتحاد العام لنقابات عمال مصر”، وطالبت النقابات بتحقيق في شكواها وتمكينها من استيفاء أوضاعها الشكلية، والإقرار بشخصيتها الاعتبارية، وحقوقها المترتبة عليها.
في السياق ذاته، قال صلاح الأنصاري عضو حملة الحريات النقابية إن حديث وزير القوى القوى العاملة محمد سعفان مع إريك أوشلان مندوب منظمة العمل، لتقييم ومتابعة الملفات المشتركة عن تسهيل توفيق أوضاع النقابات المستقلة عار عن الصحة.
أضاف الأنصاري في تصريحات لـ”كاتب” أن موظفي القوى العاملة أعاقوا توفيق أوضاع بعض النقابات المستقلة بإيعاز من الوزارة رغم استيفاء أوراقهم وفقا للقانون 213 لسنة 2017 ولائحته التنفيذية مثل نقابة الشركة المصرية للاتصالات.
الأنصاري يوضح أن الوزارة استبعدت مرشحين كثيرين من الانتخابات العمالية بدون أية أسباب قانونية، كما أن الوزارة شكلت لجان إدارية في المنشآت التي لم تجر فيها انتخابات عمالية بدون وجه حق فضلا.
وتابع الأنصاري أن القانون اشترط قواعد عرقلت توفيق أوضاع النقابات المستقلة، إذ يوجد نقابات لا يتجاوز أعضائها 12 ألف مثل نقابة الإنتاج الحربي، بينما القانون يشترط 20 ألف عضو للنقابة العامة، مشيرا إلى أن نقابات العلوم الصحية والمحاكم والنيابات وفقوا أوضاعهم لكنهم انضموا للاتحاد العام لنقابات عمال مصر( الحكومي).
واشترط القانون الجديد 150 عضوا لتأسيس لجنة نقابية و 20 ألف عضو و 15 لجنة نقابية لتأسيس نقابة عامة، و 200 ألف عضو و 10 نقابات عامة على الأقل لإنشاء الاتحاد النقابي.
فيما أوضح الأنصاري أنه رغم اعتراضهم على القانون إلا أن الوزارة تعنتت في التطبيق واشترطت طلبات جديدة ليست موجودة في اللائحة التنفيذية أو القانون، ولم تتعاون الجهات الأخرى مثل الشهر العقاري مع النقابات في توثيق عقود الإيجار تحت ذريعة: (مجلناش تعليمات).
وبحسب الأنصاري فأن وزارة القوى العاملة وعدت في وقت سابق المستبعدين من الانتخابات الذين تظلموا والنقابات التي لم تستطع توفيق أوضاعها ببحث أوضاعهم، لكن هذا لم يحدث حتى الآن.
وأكد الأنصاري أن منظمة العمل الدولية لا تعتد بحديث الوزير وحده لكنها عقدت منذ نحو شهرين اجتماعات مع كل أطراف مجتمع العمل واستمعت إلى شكاوى المستبعدين والنقابات التي لم تستطع توفيق أوضاعها مثل اللجنة النقابية لمكتبة الإسكندرية ونقابة العاملين بهيئة أندية قناة السويس ونقابة المعلمين.
ويرى الأنصاري أن تقرير منظمة العمل الدولية بشأن أوضاع النقابات العمالية ربما يجعل مصر تعود مرة أخرى على قائمة القصيرة للدول التي تنتهك حقوق العمال المعروفة إعلاميا بـ”القائمة السوداء” في مؤتمر العمل الدولي القادم في يونيو القادم.
وكانت منظمة العمل الدولية وضعت مصر على “القائمة السوداء” في يونيو 2017 بسبب عدم إصدار قانون المنظمات النقابية بما يتوافق مع الاتفاقية 87 الخاصة بالحريات النقابية، لكنها رفعت اسم مصر في يونيو الماضي بعد إصدار القانون و إجراء الانتخابات النقابية لأول مرة منذ 12 عاما.
وفي دراسة حديثة أعدها باحثون متخصصون في الشأن العمالي: فاطمة رمضان ومحب عبود وهدى كامل، أكدوا أن وزارة القوى العاملة كان لها اليد العليا في رفض أوراق النقابات المستقلة بدون أسباب أو بأسباب واهية، كما وضعت بالمخالفة للاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 شروط “تعجيزية” لإكساب النقابات والاتحادات شخصيتهم القانونية.
الدراسة أوضحت أن اللوائح والقرارات التي أصدرتها وزارة القوى العاملة تدخلت لصالح اتحادات ونقابات بعينها ضد أخرى بالمخالفة للدستور وكافة الاتفاقيات الدولية، موضحة أن محكمة القضاء الإداري نظرت في يوم واحد عدد كبير من دعاوى استبعاد المرشحين في المرحلة الأولى.
كما أشارت الدراسة إلى أن القانون نفسه فتح بابا للتلاعب بالانتخابات من خلال وجود منظمات نقابية على الرغم من خوضها الانتخابات كجزء من إدارة العملية الانتخابية فقد تم تحويل التقاضي من مجلس الدولة الذي كان يمثل انصافا للنقابيين للمحاكم العمالية مع وضع شروط تجعل التقاضي بعد انتهاء العملية عكس ما كان يحدث في السابق بالمخالفة للمادة الثالثة من الاتفاقية 87.
وكانت قيادات عمالية بالاشتراك مع دار الخدمات النقابية رفعوا دعوى قضائية للطعن على لائحة قانون المنظمات النقابية وحماية حق التنظيم النقابي 213 لسنة 2017 ، لكن تم تأجيلها إلى 7 أكتوبر المقبل بناء على طلب محاميي الدار.
واعترض رافعو الدعوى على المادتين 20 و43 من تلك اللائحة ، إذ تنظم المادة 20 الأوراق المطلوبة عند التقدم للترشح للانتخابات النقابية ومنها تقديم شهادة إدارية من جهة العمل وهو ما يعطي لجهة العمل الحق في منع أو منح المرشحين الذين ترغب في ترشحهم أو تمنع عن المرشحين الذين ترغب في إقصائهم وهو ما يعطيها تدخلا بنص اللائحة.
أما المادة 43 من اللائحة التنفيذية تحدد إجراءات توفيق الأوضاع للمنظمات النقابية التى تم تسجيلها لدى القوى العاملة قبل صدور القانون 213 لسنة 2017 والتي تعطي أيضا للعديد من الجهات الإدارية التدخل في عملية توفيق الاوضاع (التأمينات الاجتماعية ـ مصلحة الشهر العقارى والتوثيق) بالنص على الحصول على أختامها، ما أدى إلى عرقلة توفيق أوضاع كثير من النقابات.