الحكم صدر من المستشار محمد ماهر أبو العينين.. واستند على المادة 9 والمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
نشر المحامي الحقوقي خالد علي، نص حيثيات حكم المحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار محمد ماهر أبو العينين، نائب رئيس مجلس الدولة، في “أحدث أحكامها”، عن المساس بالحياة الخاصة، والتسجيلات غير المشروعة، وتطور الضمانات الأساسية لحقوق الإنسان.
واستندت الحيثيات، على نص المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يشمل 5 نقاط جميعها تؤكد على عدم المساس بالحياة الخاصة للأشخاص، والتي أكدت أبرز النقاط على أن “لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه، ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً، ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه”.
كما استندت الحيثيات أيضا على المادة 14 من العهد الدولي أيضا، والتي شملت 3 نقاط أكدت جميعها على أن “الناس جميعاً سواء أمام القضاء، وأن من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئاً إلى أن يثبت عليه الجرم قانوناً”.
وإلى نص الحيثيات:
حكم المحكمة الادارية العليا – الدائرة الرابعة – موضوع
برئاسة المستشار / محمد ماهر ابو العينين نائب رئيس مجلس الدولة
في الطعن رقم 37464 لسنة 60 ق.عليا – جلسة 23/6/2018
وجاء في حيثيات الحكم :-
أن الثابت عند البحث في تطور الضمانات الأساسية لحقوق الإنسان منذ أقدم العصور أن مختلف المواثيق وإعلانات حقوق الإنسان قد اهتمت بالحرية الشخصية للإنسان اهتماماً كبيراً منذ الميثاق الكبير أو “الماجنا كارتا” في إنجلترا الذي وضُع في عهد الملك جون في 15/6/1215 وتطور على عدة مراحل فى عام 1225،1227، حيث كان أول وثيقة تقيد حقوق الملك إزاء الأمراء و رعايا الملك فى ضرورة وجود أمر قبض صحيح وموقع، وأن يحاكم الشخص أمام محكمة مشكلة من قرناؤه، ومروراً بقانون مثول المتهم أمام القضاء أو بالمعنى الحرفي للفظ اللاتيني (إحضار جسد المتهم أمام المحكمة) ويعرف باللاتينية بـ “الهابس كوريس Habeas Corpus” وتم المصادقة عليه عام 1679.
وفي العصر القريب صدر إعلان فرجينيا للحقوق عام 1776 وإعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي في 27/8/1789 وإعلان الحقوق الصادر في يونيو 1773، وتم ترجمة هذه الإرهاصات بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة بهيئة الأمم المتحدة وتم نشره في ديسمبر 1948، ويليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12/12/1966 ودخل حيز التنفيذ في 23/3/1976 ونفذ في مصر في 14/4/1982 (أنظر في هذا التطور د. حسن شلبي يوسف، الضمانات الدستورية للحرية الشخصية، رسالة القاهرة 1992، ص35 وما بعدها).
ونصت المادة التاسعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على عدة ضمانات للأفراد في مجال الاتهام الجنائي.
المادة 9:
1- لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه، ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً، ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه.
2- يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعاً بأية تهمة توجه إليه.
3- يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزئية، سريعاً، إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانوناً مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه، ولا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم المحاكمة في أية مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية، ولكفالة تنفيذ الحكم عند الاقتضاء.
4- لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني.
5- لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني حق في الحصول على تعويض.
ونصت المادة 14 من ذات العهد على أن:
1- الناس جميعاً سواء أمام القضاء، ومن حق كل فرد لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون.
2- من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئاً إلى أن يثبت عليه الجرم قانوناً.
3- لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية:
(أ) أن يتم إعلامه سريعاً وبالتفصيل، وفي لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها.
(ب) أن يعطي من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه.
(ج) أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له.
(د) أن يحاكم حضورياً وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة حام من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة حكماً، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك، بمحام يدافع عنه، دون تحميله أجراً على ذلك إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر.
(ه) أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام.
(و) أن يزود مجاناً بترجمان إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة.
(ز) ألا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب.
ومن حيث إنه مفاد ما تقدم أن أي نظام اتهامي يترتب عليه توقيع جزاء جنائي أو تأديبي يجب أن يتم سؤال المتهم أو استجوابه ومواجهته بالاتهامات المنسوبة إليه، وعلى حد قول أحد الفقهاء يهدف قانون الإجراءات الجنائية كما علمنا، إلى كفالة حق الدولة بالعقاب عن طريق منحه للسلطة القضائية حقاً في البحث والتحري وجمع الأدلة، وأجاز لها مباشرة إجراءات معينة للوصول إلى الحقيقة، وبالمقابل فإنه قد وضع قيوداً على هذه السلطة بوصفها ضمانات للمتهم ليتمكن من معرفة ما له من حقوق، وينظم الوسائل الدفاعية التي سلكها في سبيل حمايته … والاستجواب كإجراء تحقيق يهدف هدفين فهو أولاً وسيلة لكشف الحقيقة بوصفه إجراء من إجراءات جمع الأدلة، وهو ثانياً وسيلة دفاعية بوصفه قيداً على السلطة القضائية يمكن المتهم