أصدرت، اليوم الخميس، المفوضية المصرية للحقوق والحريات تقريرا بعنوان “هجرة السوريين إلى مصر بين محاولة لم الشمل.. والسجن أو الموت”، طالبت فيه الحكومة المصرية بالتوقف عن سياسة منع استقبال الوافدين السوريين بغرض طلب اللجوء وخاصة أسر السوريين الذين يريدون القدوم إلى مصر بهدف لم الشمل.
ويتضمن التقرير خلفية عامة عن مصر ودورها في استقبال اللاجئين في المنطقة العربية وأفريقيا في التاريخ الحديث، إضافة إلى خلفية خاصة تتضمن شرح مفصل للوضع القانوني للاجئين في مصر في إطار الدستور والمعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة باللاجئين التي وقعت وصدقت عليها مصر، موضحا التغير الزمني في السياسات المصرية تجاه لجوء ولم شمل السوريين من الحكومة المصرية منذ بداية الأزمة وحتى الآن.
ويتقصى التقرير رحلات الهجرة غير الرسمية لحملة الجنسية السورية إلى مصر عن طريق الحدود الجنوبية مع السودان لمعرفة دوافع الهجرة بهذا الشكل، كما يوثق شهادات ناجين بداية من التحرك من سورية أو دولة لجوء في المنطقة إلى السودان والإتفاق مع المهربين وتكلفة الرحلة ومخاطر السفر في الصحراء لألاف الكيلومترات وصولا إلى الحدود المصرية والتي قد تصل إلى الموت أو الإختطاف أو الإعتقال.
كما يوثق التقرير شهادات ناجين أعمارهم متفاوتة تم اعتقالهم خلال محاولة الدخول غير الرسمي إلى مصر و احتجزوا لفترات مختلفة بحسب ظروف ومكان الاعتقال كما تتضمن شهاداتهم ظروف الاحتجاز والانتهاكات القانونية والإنسانية التي تعرضوا لها ومدى وصول الدعم القانوني لهم، كما يرصد شهادات المحامين الذين قاموا بتقديم خدمة الدعم القانوني لطالبي لجوء سوريين دخلوا إلي مصر بشكل غير رسمي وتم إلقاء القبض عليهم حول إمكانية تقديم الدعم القانوني للمقبوض عليهم وكيفيته ودور مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر في تقديم الدعم للمقبوض عليهم في هذه الحالة.
وكانت الحكومة المصرية قد أصدرت مؤخرا تشريعات للحد من الهجرة غير الرسمية من مصر وإليها متمثلة في القانون رقم 62 لسنة 2016 والمتعلق بالهجرة غير النظامية تجاهلت فيه تحديد وضع اللاجئين المهاجرين بشكل غير نظامي ثم إصدار قرار رئيس الجمهورية 444 لسنة 2014 والمطعون عليه بالبطلان أمام القضاء الإداري والذي يخول للسلطات الأمنية اعتقال طالبي اللجوء المهاجرين بشكل غير نظامي وتقديمهم للمحاكمة العسكرية إذا تواجدوا في المنطقة الحدودية أو بالقرب من الحدود وتم اعتقال العديد من أسر اللاجئين السوريين أثناء محاولة الدخول غير الرسمي إلى مصر وقدموا للمحاكمة العسكرية إلا أنه لا يوجد إحصائية رسمية أو تصريحات عن عددهم.
إلا أنه، بحسب التقرير، ورغم التشديدات المستمرة مازالت تدفقات السوريين عن طريق الهجرة غير النظامية مستمرة منذ أغسطس 2013 وحتى الآن وبالرغم من عدم وجود أعداد رسمية للسوريين الذين وفدوا إلى مصر بشكل غير نظامي إلا أن مفوضية اللاجئين سجلت 7210 من الوافدين السوريين الجدد في نهاية شهر سبتمبر 2016 منهم 4628 عبروا الحدود من السودان إلى مصر بصورة غير رسمية، ومازالت حتى الآن محاولات مستمرة للدخول إلى مصر بهذه الطريقة من العديد من الأسر والأفراد السوريين.
وعلي الرغم من عدم صدور قانون خاص بوضع اللاجئين في مصر إلا أن حق اللجوء أقر في جميع الدساتير المصرية المتعاقبة انتهاء بدستور 2014 والذي نص عليه في المادة(91) منه.وفيما يخص اللاجئين دوليا صدقت مصر على كلاً من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1951 والذي نص على حق اللجوء في المادة 14 منه، واتفاقية الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين 1951 وبروتوكولها 1967، أم إقليميا فقد وقعت وصدقت على اتفاقية الوحدة الإفريقية لسنة 1969، كما صدقت على «الاتفاقية العربية بشأن اللاجئين»، الصادرة عن جامعة الدول العربية عام 1994، وهي اتفاقيات تدعم حق اللجوء وحق الحصول على الحماية، كما إن هذه الحقوق يجب أن تسري على جميع الأشخاص المقيمين داخل أراضي الدولة، حيث تتولى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مسؤولية تحديد وضع اللاجئ وتولي إجراءات التسجيل ، بالإضافة إلى توفير الحماية والمساعدات للاجئين، وذلك بناءً على مذكرة تفاهم مبرمة مع الحكومة المصرية في عام 1954.
وقال التقرير، إن مصر “دولة عبور واستقبال اللاجئين على مدار التاريخ الحديث، وكانت من الدول المستقبلة للسوريين النازحين من الصراع الدائر في سوريا وقدمت الحكومة العديد من التسهيلات في الدخول والإقامة و صدر قرار رئاسي بمعاملتهم معاملة المصريين من حيث التعليم والصحة واستخدام المرافق العامة مما دفع أعداد أكبر من السوريين إلى القدوم إلى مصر. وبتغير الإدارة السياسية في مصر في يوليو 2013 تغير وضع طالبي اللجوء السوريين من حيث الدخول أو الإقامة، حيث منع السوريين من دخول مصر إلا بعد الحصول على تأشيرة دخول مقرونة بموافقة أمنية إجراءاتها معقدة ولا يمكن إنهائها إلا بمساعدة سماسرة متخصصين بأسعار كبيرة.
وتشير الإحصائيات الأخيرة لمفوضية اللاجئين عن ارتفاع أعداد طالبي اللجوء المسجلين لديها ليصل إلى حوالي 230 ألف طالب لجوء من مختلف الجنسيات منهم حوالي 130 ألف طالب لجوء سوري بنسبة 56% من عدد طالبي اللجوء المسجلين، إلا أنه لا يوجد احصائية حكومية حتى الأن بعدد اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر.
نص توصيات المفوضية المصرية للحقوق والحريات:
أولا: توصيات للسلطة التشريعية:
1-العمل على إصدار تشريع شامل يوضح الوضع القانوني للاجئين وطالبي اللجوء من حيث الدخول إلى مصر والإقامة بها وتحديد إطار قانوني لحقوقهم وواجباتهم ومعيار قبولهم اعتبارهم لاجئين والإجراءات التي يتم إتخاذها بحقهم في جميع الحالات.
2-العمل على تعديل القانون رقم 82 لسنة 2016 الخاص بمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين، ليشمل تفرقة في التعريف بين المهاجر الإقتصادي والمهاجر فرارا من وضع إنساني صعب، وأيضا تحديد الوضع القانوني للمهاجرين بشكل غير نظامي إلى مصر كما تم توضيح حالة الهجرة غير النظامية من مصر في نفس القانون، بما يتناسب مع التزامات مصر الدولية تجاه اللاجئين.
ثانيا: توصيات للسلطة التنفيذية:
1-التوقف عن منع استقبال طالبي اللجوء السوريين بشكل نظامي وتسمح على الأقل كبداية بتقديم طلبات لم الشمل للأسر المقيمة في مصر وتسهيل إنهاء الإجراءات وإيقاف التعسف تجاه اللاجئين السوريين وعدم ترحيلهم قسريا إلى سوريا .
2-الإفصاح عن عدد المقبوض عليهم من طالبي اللجوء السوريين أثناء محاولة الدخول غير النظامي إلى مصر والإعلان عن كل الإجراءات القانونية المتخذة بحقهم ومعايير الحماية التي تتبعها الأجهزة الأمنية لضمان سلامتهم والمحافظة على حقوقهم يما يتناسب مع التزامات مصر الدولية.
3- التوقف فورا عن تقديمهم للمحاكمات العسكرية، والإفراج الفوري عن الذين مازالوا محتجزين بسبب الدخول غير الرسمي إلى مصر وإعطائهم مهلة لتقنين أوضاعهم، ومنع ترحيل المفرج عنهم بقرار من المحكمة.
4- الإعلان عن المعايير المستخدمة من قبل جهاز الأمن الوطني في تحديد المستحقين لتقنين الأوضاع من طالبي اللجوء السوريين المهاجرين بشكل غير نظامي بعد حكم المحكمة، ومستحقي الترحيل وتسليمهم قرارات الترحيل الخاصة بهم والسماح لهم الطعن عليها قضائيا.
ثالثا: توصيات للسلطة القضائية:
1- التوقف عن تحويل طالبي اللجوء السوريين إلى المحاكمات العسكرية.
2- السرعة في النظر وإصدار الحكم بخصوص قرار رئيس الجمهورية 444 لسنة 2014 الخاص بتحديد المناطق المتاخمة للحدود مناطق عسكرية لما يتسبب تنفيذه بانتهاكات في حق لاجئين والمطعون عليه أمام القضاء الإداري لمخالفته للدستور.
رابعا: توصيات لمفوضية اللاجئين والمنظمات الدولية العاملة في تقديم الدعم للاجئين:
1- بذل كل ما في وسعها لتقديم الدعم القانوني والغذائي والنفسي والصحي للمقبوض عليهم من طالبي اللجوء السوريين أثناء عبورهم الحدود بشكل غير نظامي، والضغط علي الحكومة المصرية لحثها على الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعت وصدقت عليها مصر والخاصة بوضع اللاجئين، والإفصاح عن أعداد المحتجزين وظروف احتجازهم والإجراءات المتخذة بحقهم و الية ومعايير جهاز الأمن الوطني في اتخاذ القرارات بخصوص اللاجئين.