المنظمات: ننضم لمئات الصحفيين والإعلاميين الرافضين للقانون ونطالب رئيس الجمهورية بإعادة القوانين إلى البرلمان
التصديق على القوانين المشينة دليل إضافي على تجذر الرغبة لدى النظام على تأميم كل منابر حرية الرأي والتعبير
دعت 9 منظمات حقوقية الرئيس السيسي لعدم التصديق على قوانين إعدام الصحافة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وأعربت المنظمات التسع الموقعة على البيان عن رفضها البالغ للقوانين الثلاث المنظمة للإعلام (قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الاعلى للإعلام وقانوني الهيئتين الوطنية للصحافة والاعلام والمنوط بهما الاشراف على وإدارة الاعلام المملوك للدولة) التي أقرها البرلمان قبل أيام، وأكدت تضامنها الكامل مع جموع الصحفيين والإعلاميين الرافضة لهذه القوانين، والتي وصفها بعضهم بأنها قوانين إعدام مهنة الصحافة.
ووقع على البيان كل من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، والجبهة المصرية للحقوق والحريات، وكوميتي فور چستس، ومركز عدالة للحقوق والحريات، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي.
وطالبت المنظمات الموقعة رئيس الجمهورية بعدم التصديق على القوانين الثلاثة، وإعادتها للبرلمان لإعادة النظر فيها في ضوء الدستور والتزامات مصر الدولية بموجب مواثيق حقوق الإنسان المصدقة عليها مصر، وطرح القوانين الثلاثة لنقاش مجتمعي جاد بمشاركة الصحفيين والحقوقيين، وكذا شيوخ المهنة والخبراء والمتخصصين من مختلف التيارات دون إقصاء.
وقالت المنظمات الموقعة على هذا البيان إنها تنضم لمئات الصحفيين والإعلاميين الرافضين لهذا القانون، وتطالب رئيس الجمهورية بوقف مذبحة الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، وإعادة هذه القوانين للمناقشة في البرلمان.
وأكدت المنظمات أن تصديق الرئيس على تلك القوانين في صورتها المشينة الحالية يعد دليلاً إضافياً على تجذر الرغبة لديه ونظامه الحاكم على تأميم كل منابر حرية الراي والتعبير، ومصادرة كل هامش باقي لرأي آخر أو نشاط مستقل، لاسيما أن القوانين تعطي رئيس الجمهورية سلطات غير مسبوقة للتدخل في العمل الإعلامي، فله سلطة تعيين واختيار ثلثي عدد أعضاء المجلس الأعلى للإعلام، والهيئة الوطنية للإعلام، وسبعة أعضاء من بين تسعة للهيئة الوطنية للصحافة. وهي سلطات ديكتاتورية مشابهة للتي سبق ومُنحت للرئيس في إطار تعديلات قانون الهيئات القضائية وقانون الجامعات.
وأكدت المنظمات أن القوانين التي وافق عليها البرلمان تمثل اعتداء جديدًا على نصوص الدستور ومواده (70، 71، 72) الذي أقسم الرئيس والبرلمان على احترامه، إذ تعطي القوانين للمجلس الأعلى للإعلام الحق في منع تداول مطبوعات وسحب تراخيص مؤسسات وحجب مواقع إلكترونية، ووقف وحظر نشر مواد إعلامية، دون تحقيق مسبق أو قرار من القضاء، وذلك بالمخالفة لمواد الدستور التي حظرت المنع أو الرقابة إلا في وقت الحرب والتعبئة العامة.
كما تلتف مواد القانون على مبدأ إصدار الصحف بالإخطار وتمنح المجلس سلطات واسعة في منح وسحب التراخيص دون قواعد منضبطة. بل يعطي القانون نفسه للمجلس الاعلى للإعلام سلطات واسعة لعقاب كل من يكتب، ويفرض عقوبات بوقف أو حجب المدونات وحسابات التواصل الاجتماعي الشخصية للمواطنين غير الخاضعين للقانون بصيغته، ممن يمارسون حقهم في التعبير على صفحاتهم الشخصية طالما تخطى عدد متابعيهم 5 آلاف شخص، وذلك لشرعنة الملاحقات الأمنية والقضائية للمدونين أمثال وائل عباس ومحمد رضوان الشهير بـ«أكسجين» وغيرهم.
في السياق نفسه فتحت مواد قانون تنظيم الصحافة الباب لتقنين الحجب والمصادرة عبر التوسع في استخدام العبارات المطاطة لمعاقبة الصحفيين أو حرمانهم من الوصول للمعلومات، بحجة مقتضيات الأمن القومي والدفاع عن البلاد ومعاداة مبادئ الديمقراطية أو التحريض على مخالفة القانون أو الدعوة للتعصب وغيرها، أو بالإحالة للائحة، وصولاً لمطاردة الكلام حتى على مواقع التواصل الاجتماعي. كما وضع قانون تنظيم الصحافة والإعلام شروطًا تعسفية عندما اشترط ألا يقل رأس مال القنوات الرقمية على المواقع الإلكترونية عن 2.5 مليون جنيه (ما يعادل 140 ألف دولار أمريكي)، علاوة على أنه لا يضمن عدم توقيع عقوبات سالبة للحرية على الصحفيين والإعلاميين وغيرهم من ممارسي حرية التعبير عن الرأي، نظرًا لوجود العديد من التشريعات التي تقرر مثل هذه العقوبات وبموجبها يقبع العديد من أصحاب الرأي داخل السجون.
ألزم القانون أيضًا الصحفي بالحصول على مايسمي “بالتصاريح اللازمة”، قبل النزول لممارسة عمله، الأمر الذي يستحيل تنفيذه في ضوء طبيعة العمل الصحفي. كما تضمن غرامات مفرطة على العاملين بالمجالين الصحفي والإعلامي، والتي من بينها غرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه (ما يعادل 2.8 آلاف دولار أمريكي) ولا تزيد على 100 ألف جنيه (ما يعادل 5.6 آلاف دولار أمريكي) لرئيس التحرير أو المدير المسئول عن الوسيلة الإعلامية لعدم نشر الرد أو التصحيح.
وأشارت المنظمات إلى أن القانون المنظم لهيئتي الصحافة والإعلام، أخضع مؤسسات الصحافة القومية المملوكة للدولة بنص الدستور لسيطرة رئيس “الهيئة الوطنية للصحافة” المعين من قبل رئيس السلطة التنفيذية، كما منحه سلطة إلغاء ودمج المؤسسات والإصدارات على نحو يهدد مئات الآلاف من العاملين بتلك المؤسسات. وتابعت المنظمات أن فلسفة القوانين المقدمة من البرلمان تكشف تربصها الواضح بالمؤسسات القومية والعاملين بها، فهي تنص على وقف المد للصحفيين فوق الستين إلا إذا اقتضت حاجة العمل لذلك، فضلا عن السيطرة على مجالس الإدارات والجمعيات العمومية للصحف القومية، بتقليل عدد المنتخبين ورفع عدد المعينين من خارج المؤسسات. فبنص المادة ٣٩ من قانون تنظيم الهيئة الوطنية للصحافة الجديد ولأول مرة في تاريخ الصحافة القومية تم تقليص تمثيل الصحفيين في مجالس إدارة المؤسسات إلى أدنى حد، بواقع 13 عضوا منهم صحفيان فقط، وفيه أيضا تحدد تشكيل الجمعيات العمومية على أن تكون من 17 عضوًا منهم صحفيان فقط، في الوقت الذي تتألف فيه الجمعية العمومية لمؤسسة الأهرام -على سبيل المثال- حاليًا من 35 عضوًا بينهم 20 صحفيًا. ولأول مرة يجعل القانون المؤسسات الصحفية القومية تدار بعناصر من خارجها، ففي القانون الجديد يتم تعيين نصف أعضاء مجلس الإدارة من خارج المؤسسة، و11 عضو بالجمعية العمومية ( من إجمالي 17) من خارج المؤسسة الصحفية. الأمر الذي يقتل هذه المؤسسات ويجعل إدارتها منوطة بشخوص من خارج الوسط الصحفي. ورئيس الهيئة الوطنية للصحافة هو رئيس الجمعية العمومية في كل المؤسسات القومية، بما يضمن سيطرة رئيس الجمهورية ليس فقط على الهيئات العليا للصحافة والإعلام بل على الجمعيات العمومية للمؤسسات الصحفية.
وكان عدد من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين، قد أصدروا بيانًا الثلاثاء الماضي أكدوا فيه على تجاهل مجلس النواب لمعظم ملاحظات النقابة على مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام ووصفوا تعديلات البرلمان بأنها “صورية” أبقت على جوهر المواد المقيدة لحرية الصحافة والمخالفة لنصوص الدستور.