أنا في السجن دون حتى أن أعرف لماذا أنا هنا؟ أصبحت شخصًا يائسًا تمامًالكن مع ذلك سأقاوم بسببكم فقط
هل تعرفون ما يؤلم أكثر من الأربعة جدران والمرض؟.. إنها الأحلام.. أحلامي بلا ألوان سوي الأبيض.. أحلامي بلا مستقبل
إلى نقيب الصحفيين هل لك أن تنتشل ما تبقى من روحي من هذه المقبرة؟ إلي الصحفيين المصريين هل لكم أن تنقذوني؟”.
يعيد “كاتب”، نشر أجزاء من رسائل المصور الصحفي محمود أبو زيد “شوكان” والتي أرسلها من محبسه على مدار 5 سنوات مرة، منذ القبض عليه في 14 أغسطس 2013.
وألقت قوات الأمن، القبض على شوكان وآخرين، خلال عملية فض ميدان رابعة العدوية في مدينة نصر، في الوقت الذي كان فيه شوكان متواجدا وعدد من الصحفيين والمراسلين لتغطية فعاليات الفض.
ومن المقرر أن تحكم محكمة جنايات القاهرة، حكمها النهائي في جلستها بعد غد السبت، بعد مد أجل الحكم من جلسة 30 يونيو الماضي، وهي القضية المتهم فيها شوكان مع 738 آخرين بينهم قيادات الإخوان.
وإلى أجزاء من رسائل شوكان:
ثقب أسود
بعد أكثر من 850 يومًا في ثقب أسود دون إنصاف أو عدالة، ضعت في طي النسيان، فقط لأنني كنت أؤدي عملي كمصور، أنا في السجن دون حتى أن أعرف لماذا أنا هنا، أصبحت شخصًا يائسًا تمامًا، هذه هي شخصيتي الجديدة، لكن مع ذلك سأقاوم بسببكم فقط، بسبب جميع الناس الذين دعموني وساندوني ووقفوا إلى جانبي، أنتم تشعرونني بأنني لست وحيدًا، بكم استمد قوتي وطاقتي، وبدونكم لن أستطيع تجاوز ما أنا فيه”.
صحفي أعاقب بالسجن
“مَن أنا.. شوكان “محمود أبو زيد”. مصور صحفي حر، أعاقب بالسجن لأنني رغبت أن أقوم بعملي التوثيقي، ولأني مصور حر، فلا أحد سمع بما يحدث وحدث لي ، وها هي ضريبة أنني أعمل كمصور (حر)، أدفع ثمنها من عمري، لكني واثق من الفرج ومتفائل للمستقبل”.
لا أستطيع رؤية السماء
وفي رسالة أخري لشوكان يصف الحياة داخل طرة قائلاً: “لا أستطيع أن أرى السماء بوضوح دون شَبَكة الحديد والقُضبان، لا يَسَعني رؤية السماء إلّا من ثُقب صَغير في السَقف، الحديد يُسيطر علي المكان هنا، أبواب حديدية ثقيلة و غُرفَة مُظلِمة .. مُظلِمة مِثل القَبر”.
أحلامي بلا ألوان
لقد اشتقت إلي الكاميرا، اشتقت إلي سبب بلائي ومصيبتي، اشتقت أن أمسكها بين يدي لأرى الحياة بها ومن خلالها، اشتقت أن أتركها مساءً علي وعد اللقاء بها صباح اليوم التالي، اشتقت أن أستنشق عبيرها في الصباح قبل قهوتي، نعم -وللأسف- اشتقت إلي عملي، هذا الذي كلفني ولازال يكلفني أياما من عمري”.
وتابع شوكان في رسالته: “هل تعرفون ما يؤلم أكثر من الأربعة جدران والمرض؟ إنها الأحلام، أحلامي أثناء نومي بلا ألوان سوي الأبيض الذي أصبحت أمقته، وبلا أشخاص سوي زملاء 16-د طرة استقبال وسجانيها، وبلا أي إثارة ومغامرة سوي الأجزاء المتعلقة باشتداد المرض علي والموت، تخلل القهر وقلة الحيلة إلي أحلامي يقتلني، ما أريد قوله أن أحلامي هنا متعلقة بحاضري الذي أعيشه فقط، بلا ماضي، وبلا مستقبل، نعم أحلامي بلا مستقبل”.
كما وجه شوكان في رسالته نداءً لنقيب الصحفيين يحيى قلاش قائلاً: “إلى نقيب الصحفيين يحيى قلاش هل لك أن تنتشل ما تبقى من روحي من هذه المقبرة؟ إلي الصحفيين المصريين هل لكم أن تنقذوني؟”.
السجن بمختلف أشكاله
أما عن رؤيتى للصحافة فى مصر، فأصبحت جريمة بكل المقاييس فيعاقب الصحفي بالسجن بمختلف أشكاله وعقوباته، سواء بالمؤبد أو نصف المؤبد أو الحبس الاحتياطي لفترات طويلة، لمجرد أنك تنتمي لمهنة الصحافة”.
فهذا يعنى (فقط فى مصر) أنك طرف في الصراع السياسي، فأنا فقط مصور صحفي، وكنت أغطي المظاهرات من جانب قوات الأمن، وهي ليست المرة الأولى التي أكون فيها واقفا بجانب قوات الأمن، وذلك لتأمين حياتي ومعداتي، وفجأة ألقى القبض علىّ أنا والصحفيين الأجانب، وفجأة تم الإفراج عن زملائي الصحفيين في نفس اليوم، وفجأة أصبحت مجرما.
لفقت لي تهم تصل عقوبتها إلى الإعدام، ليس هذا فقط، بل ووجدت نفسى عضوا فى جماعة الإخوان، والآن البعض يظنون أني محسوب على هذا التنظيم وما زال البعض ينظر إلىّ هكذا، ذهبت لأغطى الفض، إذن فأنا من الإخوان! لم أشعر بحكم الرئيس السيسي بسبب وجودي بين جدران السجن الأربعة، ولكن ما يصلني من أخبار في زيارة أهلي الأسبوعية هي أخبار محزنة، وأيضا ما يحدث معي هنا، فتم التضييق علىّ في السجن، وأعامل كمجرم ولست كصحفي، ممنوع من زيارة الأصدقاء، ممنوع دخول الكتب”.
داعش وممارسات السلطة
أتساءل، ترى ما هو الفرق بين ما تفعله داعش في الصحفيين، وممارسات السلطة من قتل واعتقال وضرب وسحل وسرقة كاميرات واحتجاز وتهديد وتلفيق تهم، وأيضا أتساءل، العالم انقلب على داعش معلناً الحرب ضدها، ولم يدِن ما تفعله السلطات المصرية هنا من انتكاس في حقوق الإنسان واعتقال وقتل”.
أين زعماء العرب؟
“أين زعماء العالم الذين تظاهروا في باريس احتجاجا على مقتل رسامين صحفيين، مطالبين بإصرار على حق حرية التعبير و حرية الصحافة، أنا أعيش فى زنزانة عفنة تحت ظروف قاسية لا يحتملها الحيوان وتم قذفي بتهم لا صحة لها وخلطي مع المتظاهرين ممن تم القبض عليهم، أطلب من كل وسائل الإعلام والصحفيين في كل العالم بدعمي والوقوف جانبي والضغط على الحكومة المصرية لاطلاق سراحي.
أغيثوني.. أثابكم الله
“في طريقي لليوم 550 في الحبس “الاحتياطي”، حبس ليس له لون أو طعم أو شكل ولا حتى رائحة، ولا منطق!، بلا منطق، بلا محاكمة، بلا قانون، مجرد تهم على ورق تم قذفي بها دون تحقيق، وقت يمر ويمضي وعمر ضائع بين أربعة جدران”.
وتابع: “بلا منطق، كنا 900 متهم، وبلا منطق أصبحنا 300 متهم، وبلا منطق خرج زميلي مراسل الجزيرة عبدالله الشامي، الذي كان معي في نفس القضية، بل وفي نفس الزنزانة أيضاً، وبلا منطق مازلت محبوسًا، بينما هو حراً طليقا، ليس ذلك لعدالة القانون أو وجود تحقيق نزيه، بل لوجود مؤسسة إعلامية كبرى تقف بجانبه”.